رد: رسالة إلى صديقة
صديقتي نصيرة
حمداً لله على سلامتك يا غالية وعودة ميمونة إن شاء الله .
أنا يا صديقتي في غيابك ولو كان لمجرد ساعات أشعر بالضيق وأشعر بالضياع وأشعر بالغربة مع أنني وسط أحبتي ولكنني دائماً أرتاح حين أشعر أن عينيك تلاحقني في كل مكان .. تتواجد معي في كل الأمكنة وعلى الورق وبين السطور وأحياناً أجد ظلك راسخاً على الورق فأعرف أنك بقيت بين الحروف ولم تبرحين المكان ..
أنا يا نصيرة بدأت أكره بعض الكلمات مثل القلق والحزن والهم والتوتر والليل .. أنا أريد وبكل صدق أن أشطبها من قاموسي .. لا أريد أن أكتب بأبجدية تحمل هذه الحروف .. نحن وقعنا في شرك الحزن .. الحزن والهم والقلق اجتمعوا علينا ونصبوا لنا شركاً ونحن لبساطتنا وطيبة قلوبنا وقعنا بهذا الشرك وكنا نظن أن الحزن قارورة كالصبر علينا أن نحتسيها حتى النهاية واكتشفنا الخدعة لاحقاً بعد أن تناولنا قواريرَ من الحزن وصبغنا القلوب بالسواد ..
واليوم تعبنا من هذا الحزن فمن يرفع عنا غيومه التي تكاد تطبق على أنفاسنا حتى آخر نفس .
أحب السفر يا نصيرة حين يكون كالحج إلى الأماكن .. أرغب بالابتعاد ما أمكن عن البشر .. الأماكن لا تتذمر ولا تعرف الشكوى لذلك أنا أرتاح لكل الأماكن وأحب كل العواصم .. لكن القدس تبقى هي قصة حبي لذلك لا أحسبها في مصاف العواصم إنما مع سلالة الأحبة ولكن الأحبة الذين لا يتركوننا في منتصف الطريق ويسلمون للموت أرواحهم بكل رضا وطيبة خاطر ..
غاليتي .. سعدت بأنك تناولت وجبتي المفضلة وهي الكريب المحشو بالنوتيلا والموز وكذلك المكسرات فهذا الطبق يشعرني بالسعادة العارمة ويمدني بطاقة رهيبة لأتابع هذه الحياة التي لا ذنب لها إلا أننا لم نفهمها أبداً ..
سعيدة بعودتك يا غالية وسعيدة بهداياك الثمينة وسعيدة بأن تجددت الحياة في أوردتك وشرايينك وسعيدة أنك عدت ترسمين لنا الصباح بأشهى الألوان واعذريني يا صديقتي لقد قصرت معك جداً فأنا أحياناً أكون ضعيفة جداً .. وأنحني أمام العواصف الكبيرة .. لكنِّي الحمدلله وبفضل الله أحاول أن أتجاوز كل الصعاب .. ودائماً أحاول مصالحة الحياة وأخذ هدنة لمداعبة النسيم في وقت الصباح فهذا كل ما أشتاقه يا غاليتي وأشتاق أن تشاركيني إياه ..
وبكل الحب يا نصيرة أستقبلك وأقول لك كم كانت باريس محظوظة بك .. وكم أنا محظوظة بك يا صديقتي .. ودمت .
|