|  16 / 05 / 2008, 05 : 02 PM | رقم المشاركة : [1] | 
	| أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات 
 | 
				
				أمطار الدم.سميح القاسم
			 
  النار فاكهة الشتاءْ 
 و يروح يفرك بارتياحٍ راحتين غليظتينْ
 
 و يحرّك النار الكسولةَ جوفَ موْقدها القديم
 
 و يعيد فوق المرّتين
 
 ذكر السماء
 
 و الله.. و الرسل الكرامِ.. و أولياءٍ صالحين
 
 و يهزُّ من حين لحين
 
 في النار.. جذع السنديان و جذعَ زيتون عتيـق
 
 و يضيف بنّاً للأباريق النحاس
 
 و يُهيلُ حَبَّ (الهَيْلِ) في حذر كريم
 
 الله.. ما أشهى النعاس
 
 حول المواقد في الشتاء !
 
 لكن.. و يُقلق صمت عينيه الدخان
 
 فيروح يشتمّ.. ثم يقهره السّعال
 
 و تقهقه النار الخبيثة.. طفلةً جذلى لعوبه
 
 و تَئزّ ضاحكةً شراراتٌ طروبه
 
 و يطقطق المزراب.. ثمّ تصيخ زوجته الحبيبة
 
 - قم يا أبا محمود..قد عاد الدوابّ
 
 و يقوم نحو الحوش.. لكن !!
 
 - قولي أعوذُ..تكلمي! ما لون.. ما لون المطر ؟
 
 و يروح يفرك مقلتيه
 
 - يكفي هُراءً.. إنّ في عينيك آثار الكبَر ؟
 
 و تلولبت خطواته.. و مع المطر
 
 ألقى عباءته المبللة العتيقة في ضجر
 
 ثم ارتمى..
 
 - يا موقداً رافقتَني منذ الصغر
 
 أتُراك تذكر ليلة الأحزان . إذ هزّ الظلام
 
 ناطور قريتنا ينادي الناس: هبوا يا نيام
 
 دَهمَ اليهود بيوتكم..
 
 دهم اليهود بيوتكم..
 
 أتُراك تذكرُ ؟.. آه .. يا ويلي على مدن الخيام !
 
 من يومها .. يا موقداً رافقته منذ الصغر
 
 من يوم ذاك الهاتف المشؤوم زاغ بِيَ البصر
 
 فالشمس كتلة ظلمة .. و القمح حقل من إبر
 
 يا عسكر الإنقاذ ، مهزوماً !
 
 و يا فتحاً تكلل بالظفر !
 
 لم تخسروا !.. لم تربحوا !.. إلا على أنقاض أيتام البشر
 
 من عِزوتي .. يا صانعي الأحزان ، لم يسلم أحدْ
 
 أبناء عمّي جُندلوا في ساحة وسط البلد
 
 و شقيقتي.. و بنات خالي.. آه يا موتى من الأحياء في مدن الخيام !
 
 ليثرثر المذياع في خير و يختلق السلام !!
 
 من قريتي.. يا صانعي الأحزان ، لم يَسلم أحدْ
 
 جيراننا.. عمال تنظيف الشوارع و الملاهي
 
 في الشام ، في بيروت ، في عمّان ، يعتاشون..
 
 لطفك يا إلهي !
 
 و تصيح عند الباب زوجته الحبيبه
 
 -قم يا أبا محمود .. قد عاد الجُباة من الضريبه
 
 و يصيح بعض الطارئين : افتح لنا هذي الزريبه
 
 أعطوا لقيصر ما لقيصر !!
 
 ***
 
 و يجالدُ الشيخ المهيب عذاب قامته المهيبه
 
 و تدفقت كلماته الحمراء..بركانا مفجّر
 
 -لم يبق ما نعطي سوى الأحقاد و الحزن المسمّم
 
 فخذوا ..خذوا منّا نصيب الله و الأيتام و الجرح المضرّم
 
 هذا صباحٌ.. سادن الأصنام فيه يُهدم
 
 و البعلُ.. و العزّى تُحطّم
 
 ***
 
 و تُدمدم الأمطارُ..أمطار الدم المهدوم.. في لغةٍ غريبهْ
 
 و يهزّ زوجته أبو محمود.. في لغة رهيبه
 
 -قولي أعوذُ.. تكلّمي !
 
 ما لون.. ما- لون المطر ؟
 
 -. . . . .
 
 ويلاه.. من لون المطر !!
 
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
 | 
    |  | 
	|   |   |