 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي |
 |
|
|
|
|
|
|
غاليتي أ. حياة
أنا لا أريد أن أثقل كاهل الأمة العربية بموضوع الكرامة فالموضوع ليس موضوع كرامة كما أراه
هو الموضوع بالضبط موضوع استعداد للمواجهة .. حتى في الجهاد يجب أن يعد المرء نفسه
جيداً لأجل الجهاد فكيف إن كان يريد بناء أوطان من أول وجديد ..
نحن شعوب عاطفية منذ الجاهلية الأولى نلعب على وتر إلهاب المشاعر والحماسة وندغدغ المشاعر
جيدا بالشعر والنحو والصرف وكذلك نستل سيوفنا دون تفكير ..
عملية التفكير ليست عملية آنية أو لحظية بل هي المفروض أن تكون عملية مستمرة ودائمة ويجب
أن تكون مغذية بشكل جيد فكيف نغذي أجسادنا للحفاظ عليها من البلاء فيجب أن نغذي تفكيرنا
بالثقافة والإطلاع وتنوير الفكر وتعليمه الأسس المنطقية .. التفكير عملية صعبة ومعقدة وهي نتاج
سنوات طوال من العمل الجاد بهذا الاتجاه ونحن شعوب كما قلت نلعب على وتر العاطفة فقط
ومورس ضدنا كثيرا من وسائل القمع حتى أصبح تفكيرنا بسيط جدا ومداركنا ضيقة وأفقنا صغير
تدفعنا العاطفة فننطلق وليس لدينا أي قاعدة فكرية صحيحة ننطلق منها فنرتطم بالجدار أو بأنفسنا
ثم نقوم بتصفية أنفسنا الواحد تلو الآخر وتسيل الدماء انهار ولا نستطيع الخروج من هذه الحفرة
لأن أي عمل مهما كان بسيطاً يجب أن نفكر به .. " اعقل وتوكل " نحن فقط نتوكل نتوكل ونتوكل ولكن
أين اعقل ؟ لا وجود لاعقل وفكر وتبصر الأمر جيداً وادرس ما بين يديك وحاول أن تكون منطقياً
وحاول ان تحاور وحاول أن تفهم وحاول أن تفتح مسارات في الأخذ والعطاء لكن أين كل هذا ؟
الوطن العربي كما هو على الشاشات الآن دماء تسيل من كل مكان وجثث أطفال متفحمة
وأصوات صراخ وعويل وصخب ولا أحد يسمع أحد ولا أحد يفهم على أحد
الموضوع من وجهة نظري المتواضعة يا حياة ليس موضوع كرامة بل هو موضوع فهم
وإدارة للواقع وتفكير ومنطقية وعقل يحاور .. الأمر أعقد من موضوع الكرامة بكثير ..
شكرا لك غاليتي حياة ودمت بألف خير .
|
|
 |
|
 |
|
......
سيدتي حتّى لو افترضنا أنّ الموضوع لا يخص الكرامة فذلك يدعونا للتبصّر و التأمل .. رغم أن الكرامة إن صح القول يمكننا تشبيهها هنا بمجرد العنصر المعنوي الذي قد يجعل الإنسان يتحرك لا شعوريا .. و هو المراد النّفسي منها ..
الكرامة ليست شيء ملموس يمكننا الاحتجاج به أو ممارسته بقوة السلاح .. بل هو الدافع .. الشعور النّفسي الذي قد يولّد الحقد الداخلي .. يولّد الرغبة في الانتقام .. يولّد الشعور بالذل و المهانة و هما وحدهما الكفيلان بصنع المستحيل من اجل استرجاع شيء خاص .. أما عن موضوع الكاهل العربي فهو مثقل أكثر مما يمكن لشيء معنوي ان يجهده .. أقول الكاهل العربي ممثلا في الثوار في المحبين حقا لوطنهم . المدافعين عنه .. المذلولين أكثر .. المطرودين عن اوطانهم .. الأسرى .. الفاقدين لمفهوم الحرية .. الأزمات ..
***المواجهة أو الاستعداد للمواجهة لابد له من حافز معنوي .. و هذا الحافز في رأيي منعدم و قد يكون موجود لكنه مختف .. لا أذكر انّ هناك شيء اسمه مواجهة اتضح منذ وقت طويل .. أعرف انّ هناك أشياء تقال باسم السلم كالمخطوطات و الوعود و الاتفاقيات و التوقيعات التي يدعي العالم انّها تجلب السلم .. و في رأيهم انّها الاجدر بالاحترام لأنّ حالة الحرب مهما يكن هي منبوذة .. رغم انّ الحرب قائمة فعلا لكنّها " ضمير مستتر " .. صحيح ما قلته العاطفة في كثير من الأحيان لا تخدم نفسها و لا تخدم غيرها . ..
اللعب على المشاعر بهتافات بالية و بكلمات و بأهازيج و شعارات تناقض نفسها .. الكلمة الجريئة و الحرف هما سلاحان إذا عرفنا كيف نوجههما فقد نفعل شيئا لكن ليس مجرّد الخطابات السياسية التي تقتل أكثر و تدمر اكثر و هي مجرّد حبر على ورق هدفها إزهاق الحرب النفسية و الشعب في ذاته او المواطن لا يبحث إلى على حالة السلم في أرضه و اهله .. و من هنا يتم الاستغال الوحشي لحالة السكينة و الفطرة في الإنسان .. و النزعة نحو السلم ..
***
التفكير أو الذكاء هو السلاح الوحيد الذي لا يمكن قهره .. و ميزة الإنسان العقل .. الغرب يفكرون و نحن نشل تفكيرنا لأنه هناك من يفكرّ بدلا منا و هذا هو الخطأ .. يستغلون الأدمغة العربية .. ليرتفعون ثم نبحث نحن عن الفتات .. و هنا أيضا يدفعني الحديث إلى التساؤل .. * كيف يمكننا أن نفكر في الغد إن كان الأمس لا يزال عالة وجب الفصل فيها ..؟* كيف يمكننا أن نمارس حياتنا بشكل عادي و نحن نتناسى أصول المأساة العربية ..؟* كيف يمكننا أن نطالب بالسلم المفقود منذ زمن الثورات العربية مثلا ( كمثال بسيط ) .. ؟ و نتجاهل حالة الحرب و القهر العربي الممارسة بشكل عشوائي على أراضي فلسطين رغم انّ أصل البلاء كان من هناك ..
التفكير هو التفكير و لو استغللناه بطريقة جيدة يعني لو مارسناه حقا ستكون النتيجة مذهلة ..
لو قلنا أننا شعوب مورس ضدنا انواع وسائل القمع و الاستغلال فكان ذلك انطلاقا من إرادتنا و سكوتنا و صمتنا الطويل .. اما قضية التفكير و المدارك الضيقة فنحن من أردنا حصر أنفسنا في مجرّد الغباء و هي نتيجة طبيعية لكلّ ما يحدث اليوم .. حالة الثورات العربية اليوم أكبر مثال .. كيف حدثت ..؟و كيف حاذت عن مسارها المرسوم ..؟ أو كيف تمّ توجيهها خدمة للآخر .. ؟
و كيف يمكننا لملمة ما تحطّم امام أعيننا .. ؟ و من المذنب ..؟أهو الرغبة في التغيير .. أو الاطماع ..أم الموضوع اكبر من ذلك بكثير .. كيف لثورة بسيطة ان تتحول إلى مجموعة حروب مدمرة ..؟نحن بحاجة للتفكير و مراجعة النّفس .. للبحث في الماضي و الحاضر و المستقبل .. البحث في أصل الأزمة و الانطلاقة من الأساس .. أما موضوع الكرامة العربية فهو موضوع متفرّع وددت لو نناقشه من ناحيته النفسية .. من ناحية الصمت .. من ناحية الغيرة .. الإحساس بالانتماء .. الذل .. المهانة و هذا مما لا شك فيه سيقودنا لنقاش الكثير من الأفكار ..
***
الراقية الرقيقة .. أ . ميساء مداخلة حكيمة فلسفية .. عاقلة .. و دعوة جادة لإعمال العقل البشري المجمّد منذ وقت طويل ..
كلّ الشكر و الامتنان .. و المودة ..