[علاء زايد فارس]

أعشق الفوضى!
بقلم علاء زايد فارس

[align=justify]
كان منظَّماً ومرتَّباً كوالديه، كيف لا؟؟!
وقد علَّموه النظامَ في كلِّ شيء؛ في إدارة الوقت وتناول الطعام واختيار الملبس وترتيب غرفته وكتبه وجميع حاجياته، حتى تعلم الاهتمام بأدق التفاصيل في حياته والتي غالباً لا تخطر على بال الكثير من البشر!
فتاً صغير في العاشرة من عمره نشأ نشأةً غير عادية، حتى بات يحسده ويغبطه عليها كلُّ من شاهد سلوكه الجميل المنظم، وصار الجيران والأقارب والأساتذة يضربون به المثل في الترتيب والنظام حتى أصبح قدوةً لمن حوله من الأطفال والكبار على حدٍّ سواء.
وفجأةً وفي يومٍ من الأيام انقلب كلُّ شيء رأساً على عقب!

دخلت الأمُّ غرفته فصُعِقَتْ من شدَّة الدهشة، فالفوضى كانت تنتشر في كلِّ مكان؛ الكتب مبعثرةٌ على الأرض، والملابس منتشرةٌ في كلِّ ركنٍ من أركان الغرفة، وكلُّ حاجيَّاته تنتشر على الأرض وكأنَّ زلزالاً مدمراً ما قد ضرب هذه الغرفة وحدها دوناً عن سائر أركان البيت!

قلَّبتِ الأمُّ الحائرةُ بصرها يُمْنةً ويسرة ، فوجدت طفلها بشعره المنكوش وهندامه البائس يجلس في ركن الغرفة وفرائصه ترتعد خوفاً....

قلقت الأم وجاءت مسرعةً إلى ولدها، احتضنته وقالت له: يا بنيَّ أخبرني ماذا دهاك؟؟

لم كلُّ هذه الفوضى؟؟!

هدأ الولد قليلاً وهو مستلقي بحضن أمه ينعم بالأمان الفطري، فكر وفكر ثم أجاب:

سأخبرك يا أمي سراً ولكن لا تخبري به أحداً حتى لا نذهب جميعاً إلى ما وراء الشمس!
- تكلم يا بني ولا تخف أنا أمك...

التفت يمنةً ويسرة ثم همس في أذنها:

لقد أصبحت فوضوياً أعشق الفوضى....!
- لماذا يا بني ؟؟
- لأني كرهت النظام!
- ومن منا يكره النظام يا بني؟؟!
- أنا أكره النظام يا أمي، لأني كلما شاهدت الأخبار مع والدي أستمع إلى :

فعل النظام ، قتل النظام ، أزال النظام ، دمَّر النظام، قمع النظام، جرائم ارتكبها النظام، عُذِّبَ على يد زبانية النظام، المآسي التي صنعها النظام.... فأدركت أن النظام ظالمٌ والفوضى مظلومة، فأصبحت فوضوياً أعشق الفوضى!
[/align]

" من كتاب أباريق البؤس "

م. علاء زايد فارس

2/7/2012م