((( قراءة في قصيدة هذيان في الظلماء ))) بقلم الشاعر البيومي محمد عوض
هذيان في الظلماء
في قمة الغَسَقِ المديدِ سَرابُ
أهذي إليهِ وليته مُرتابُ
مطلع عالٍ قويٌّ مستشرف ٌ من أعمق نقطة فى البصيرة الرائية الواجدة..إن السراب حصيلة المشوار الليلي .. وهو حقيقة متأكدة..قارة كالحجر الصوان فوق الأعين الشاهدة ..وهنا المفارقة التى يؤكدها الشاعر بتمنيه أن يكون ثمة ريب فى الرؤية ..لكن هيهات هيهات ...الغسق المديد والسراب أمسيا حقيقة قارّة فاجعة..وهذا أمر يؤدى إلى سبيل الهذيان الليلي الروحى المكسور..
أتسلق الآمال وسط زحامها
عَبِسا يجوب ويلتقيهِ حجابُ
سمراءُ عانقها الدخان فلا ترى
فيها الوفاءَ وما بذاك مصاب
ما يفعل أرباب البصائر إلا أن يكافحوا تلك السدود والحجب المتكاثفة على عيون أمتهم ..؟؟
وتنفتح القصيدة على تلك الروح الرهيفة التى يحاصرها الدخان ولا تملك من أمرها ـ وقد تخلى عنها أهلها ـ إلا أن تتوغل فى أدغال حرقها النامية..
صحراء قاحلةٌ تضم حقيقتي
وتراكمت فوق الرّمالِ هضابُ
اجني التشردَ والرمال صحيفتي
من بعد ما صانَ اليراعَ كتابُ
وأنا الذي التاريخُ شدَّ بمجدها
حرفاً تعتق للزمان شرابُ
يتماهى الشاعر والسمراء ..فلا ندري من يتحدث ..غير أن ثمة إحساسا كبيرا بأن روحا كبيرا موجوعا هو الذى يتألم عبر الحديث..
وتتأمل الروح ذاتها فى مراياها البارة فتجد جمالا فارعًا..
لكن الزمن تكاثف على بشرتها فغير وبدل وكاد يشوه..لولا أن الجذر أعمق فى أرض الروح وإرادة الحياة الغالبة..
(شراب الأخيرة لا أدري علامَ رفعت فى الإعراب )
كل العلوم تتلمذت في مفرقي
ما بال قومي عن أبي أغراب
تواصل الروح تأملها فى المرايا الحادبة لا المحدبة..
إن شرَّدتكم في الضلال مصائبٌ
واستنبحت زأرَ الأسودِ كلابُ
واستفرست ظلماتكم في بركم
فأنا على قمم الظلامِ شهابُ
قحلُ الصحاري من حروفي أينعت
لما تراكم من هواي سحابُ
فتوحدوا حولي ليشرقَ صبحُكم
وبغير هذا فالرُّبوع يبابُ
هنا تنتقل الروح بفعل جذرها المتوغل فى الأعماق الإيمانية الموقنة بأن بساتين النور من اختراع فضاءاتنا الحبلى بالضوء أبدا إلى دورها الإرشادى المجاهد الناصح الأمين ..فترسل رسالتها الخالدة إلى كل الذين فى عيونهم بقية ضوء.. أن عودوا إليّ..
التموا تحت ظل أشجارى..ارسموا أفقكم الجديد..
إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير...
...
..
وبعد ..فهذه قصيدة رائعة تأخذ بلب الروح ..وتسخن ماءها حتى درجة الغليان النوري الرائي المجاهد..
..
سلمت صديقى الكبير خالد حجار..
وشكرا لروحك الكبير الملتزم المناضل..
ودادى ومحبتى يا مولاى..
البيومي محمد عوض ، 28/06/2010
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|