رد: هل يقود التعنت الاسرائيلي الى فرض حل دولي ؟!
الأخ نبيل تحية:
في البداية لا بد من أن أقدم لكلامي بالتأكيد على احترامي للرأي الآخر وإن خالفته، أو بدوت له معارضا.
لا أرى مبررا في هجومك على الدين واعتباره هو سبب تخلفنا كما يبدو للوهلة الأولى من بعض الجمل والكلمات من مثل:
" لا دين للدول .. والويل من دولة تنتظم تحت شعارات دينية .."، مما يبدو من سياق الحديث أن هذا النقد موجهة لنا نحن العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص، في الوقت الذي تصر فيه إسرائيل على أنها دولة يهودية ويجب على الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية الدولة قبل استئناف المفاوضات، التي لم تتوقف، ولكن في أنماط وأشكال مختلفة ومتغيرة حسب المرحلة ومتطلباتها.
"الدين لا يمكن أن يقدم للمجتمعات العربية أي حل لمشاكل التطور وبناء نظام مؤسسات مستقلة" وكأن مشكلتنا في الشرق الأوسط هي في الدين. ودعني أخالفك الرأي تماما، فإنني مؤمن بأن ديناا مصدر لعزتنا إذا فقهناه حقا، وإذا علمنا حقيقة مقاصدة، فالمشكلة ليست في الدين وإنما في الفهم القاصر للدين، وإسقاط ذلك عليه، يعتبر تجنيا واعتداء، ومحاولة للهروب من مسؤولياتنا نحو التبني الصحيح والتوظيف الصحيح للدين في حياتنا أفرادا وجماعات. ثم إنني أرى في هذه الهجمة تساوقا مع الأطروحات التي تحاول أن تسقط في وعينا أن الطريق الوحيد نحو التقدم والتطور والنماء والتحرر إنما يكون بالبعد عن الدين ومعاداته والنظرة إليه على اعتبار أنه العقبة الواجب التخلص منها من أجل اللحقاء بركب الحضارة الغربية، التي لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن الحضارة الغربية إنما بنيت على ما أسسته الحضارة الإسلامية، وللأسف أن المنصفين والمحترفين من العلماء الغربيين اعترفوا بفضل الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية بل وعلى الحضارة العالمية، في الوقت الذي ينبري فيه الكثيرين من أبناء العرب والمسلمين إلى الهجوم على الدين الإسلامي. ظانين بذلك أن يتقربوا من الحضارة الغربية.
أما عن الدور الأوروبي فهو يأتي من باب ذر الرماد في العيون، ولربما أضيف أنه محاولة من أوروبا للتكفير عن ذنبها في أنها السبب المباشر في مأساة الشعب الفلسطيني، وأنا شريك في نكبته، إضافة إلى أنني شركك الرأي في أن ما تقدمه أوروبا يصب في خدمة الاحتلال لأنه يرفع عن كاهل الاحتلال تبعات احتلاله وما يترتب عليه من التزامات.
وأما عن موقفك وتحليلك لموضوع الانقسام فإنني أرى أن متحيز ولم تتطرق للموضوع من مختلف الجوانب ، ولم تكن النظرة موضوعية، وإنما متأثرة بموقفك من الدين الذي انسحب على موقفك من حماس، وهذا أمر لا ينبغي لمن يحاول أن يحلل ويدرس ليصف العلاج والدواء، وأدلل على ذلك بقولك ".. خاصة بعدما جرى في سيناء من عناصر خرجت من غزة .." واسمح لي في هذه النقطة أن أقول ما يلي:-
- إنني أعجب من مسارعتك وتبنيك لفكرة اتهام غزة بالضلوع في هذا الحادث، علما بأنه لم يثبت حتى الآن وجود أية خيوط تشير إلى هذا الاتهام.
- أعجب أن يتوافق الفلسطينيون مع الدعاية الصهيونية التي تحاول أن تتهم الفلسطينيين بالمشاركة في الإرهاب في أي حادث أو واقعة، فإذا كنت أتفهم حاجة ودوافع الصهيونية وإسرائيل لتوجيه هذه الاتهامات ولو جزافا، ولكنيي لا أفهم ولا أتفهم مبادرة الفلسطينيين لمثل هذا الموقف، والأصل أنه لو ثبت فعلا تورط عناصر من غزة في الحادث، فالأصل أن توجهة الاتهامات لتلك العناصر بعينها، ودون جر الجميع ليكونوا متهمينز وإن الاختلاف مع أي طرف كان لا يعني أن نجره ليكون متهما، فذلك لا يخدم الكل الفلسطيني أبدا.
- أعجب أيضا أن يأتي مثل هذا الاتهام بعد إعلان وزير الحرب الإسرائيلي عدم ثبوت تورط أحد من غزة في الحادث، وما زال البعض منا يصر على توجيه الاتهام بل وأكثر من ذلك، اعتبار غزة مدانة، وليس مجرد متهمة. فعلى الأقل التشريعات الدولية تتعامل مع المتهم على أنه برئ حتى تثبت إدانته، وليس مدانا حتى تثبت براءته، فالأصل أن غزة بريئة، وعلى من يتهمها أن يثبت إدانتها.
- ينسى البعض أو يتناسا أن غزة أكثر المتضررين وأكبر الخاسرين من مثل هذا الاعتداء، والوضع الطبيعي في مثل هذه الحالة أن توجه أصابع الاتهام إلى من يمكنه الاستفادة من مثل هذه الأحداث، وليس إلى من يتضرر دون أن يحقق أي نفع، فلا يوجد أي مصلحة لغزة في مثل هذا الحادث إطلاقا.
- الشعب المصري بمثقفيه وقواه الحية، أدرك أن هناك أيادي آثمة أخرى هي التي لعبت في الخفاء لتعطلة عجلة البناء التي بدأت تدور في مصر، ووضع حد للتقارب المصري الغزاوي، والحراك المصري نحو استعادة دورها بعيدا عن الهيمنة والتبعية، ومما يدلل على ذلك البلاغات التي قدمت للناسب العام والتي تحمل اتهاما لجهات بعينها من خارج قطاع غزة، بل هي تعادي قطاع غزة.
أكتفي بهذا القدر، ,التمس منك العذر إن كان في كلامي قسوة، فليس المقصود التجريح ولا المناكفة، ولا تسفيه الأحلام، مع تقديري واحترامي
|