وثبة الاسد
وثبة الاسد
كانت الغابة تئن من شدة الحر
وكانت الحيوانات اكلة العشب
تجر فى ابعاضها جر
يتدلى لسانها من فمها تلهث ولا تجتر
وصغارها تمشى خلفها فى كسل وخمول
لا لعب حولها ولا كر ولا فر
اذ كان الوقت فى ساعة القيلولة ليس فقط حر
بل وشديد السخونه
والحيوانات تمشى خلف بعضها فى مسيرات
حتى بركة الماء او شاطئ النهر
لتشرب وتطفئ الظما وترطب جلدها بالماء
ثم تستظل تحت الشجر
اما الحشرات فكانت مستفزة
نطير فى جماعات وفى دوائر وهى مكتظة
وعلى مستو ليس مرتفع
وصوت ظنها عالىمن مسافة ينسمع
واى حيوان كان من ظنها ينزعج
وعن المرور بجوارها كان يمتنع
اما الفراشات ذات الالوان المتعدده
كان طيرانها ناعم كما لو كانت انها غير متاثرةباى حرارة
كانت تحط برقة على اى ورقة ثم تعود الطيران عند اى اشارة
وكان عرين الاسد بالقرب من البحيرة
به عدة شجيرات منها شجرة سنط كبيرة
تمدد الاسد تحتها وغط فى النوم العميق
لا يتحرك الا لذب الذباب ولكن لا يفيق
واذا حطت الحشرات على انفه وفمه تجعله فى غاية الضيق
فيتقلب على جانبيه من الغيظ او من شدة الحر والقيظ
وكانت اناثه الاربع تحيط بالاسد من الجهات الاربع
ثلاثة منهن يرقدن واضعين ايدهن على وجوههن منعا للحشرات
وكن فى نوم وسبات من اثر الاجهاد نتيجة الحمل والرضاعة
وكان الاشبال على اثدائهن فى براءة ووداعة
اما كبرى الاناث فكما لو كانت تقوم يدور الحراسة
راسها لم يلمس الارض ولم يغمض لها جفن
وانما كانت عينها على زوجها وعلى اشبال ضرائرها
وتراقب المكان وما حول العرين وتمنع الاشبال حال استيقاظها
من اقلاق الاسد خشية على الاشبال ولتدع الاسد يستمر فى الراحة
وكان على البعد منها عدد من الضباع بدات تتجمع وتتجه نحو العرين
بين نباتات السفانا اخذت اصواتها تعلو كلما اقتربت للعرين حتى صارت حادة
وهى تتدافع فى التقدم للتطلع للعرين ربما كان به فريسة كبيرة
اولايقظ الاسد واناثه للقيام بمهام الصيد خاصة ان الحيوانات الكبيرة
مجتمعة وسط وحول بركة البحيرة
وظلت الضباع تتدافع وتتراجع حول العرين حتى ايقظت باصواتها الاشبال
فاعتدلت كبرى الاناث على قوائمها وطاردت الضباع لعدة امتار
ثم عادت ومدت ساعدها لتمنع الاسبال برفق من اقلاق والدهم
وبنفس الحنان اعادتهم الى جوار امهم التى استيقظت وتولت الامساك بهم ورعايتهم
بينما توجهت كبرى الاناث الى زوجها وجعلت تلثم فى وجهه بلسانها
كما لو كانت تقبله او تغسله او تمسح عنه اثر الحشرات
والاسد مسترخى لم يستيقظ وانما بان عليه علامات الرضى والراحة
واستمر فى نومه مستلقى فى استراحة
بينما كبرى الاناث لم تعد الى مكانها وانما وقفت على طرف العرين
تنظر الى البحيرة وتتفحص الحيوانات التى فيها وحولها
ثم التفتت الى الاسد كما لو كانت تودعه او تستاذنه
وتوجهت تجاه البحيرة بعد ان تيقنت ان ام الاشبال مستيقظة وان اشبالها فى حضنها
اما باقى الاناث النائمات فاثرت الا توقظهن
ومضت وحدها بين السفانا صوب البحيرة فى خفة ورشاقة
وفى هدوء وتركيزنحو فريستها التى اختارتها وهى احدى اناث الحمر الوحشية
وجعلت انثى الاسد تتجه نحوها ببطئ ودون اى حركة حتى اصبح ما بينهما عدة امنار لا اكثر
وفى اللحظة قبل الاخيرةاى قبل ان توثب على الفريسة للامساك بها
كانت الضباع التى كانت تراقب عن قرب انثى الاسد قد اندفعت لشاطئ البركة بصونها المزعج
فى الوقت التى كانت انثى الاسد على وشك الوثب الا ان الحمر الوحشبة كان رد فعلها من الانزعاج المفاجئ قد جعلها تطير فى الهواء وترفص برجليها الخلفيه ركلات تمنع اى مفترس من الامساك بها وانطلقت فى الجرى بغريزتها الفطرية هى وجميع الحيوانات فلم تتمكن بذلك انثى الاسد من الوثب او المطاردة ووقفت تنظر اليها فى حسرة
وجعلت تلوم نفسها على فشلها فى الامساك بها ربما لكبر سنها وانه يجب الاتخرج للصيد وحدها
وقفلت عائدة الى العرين الا ان الضباع التفوا حولها فى حنق وضيق لفشلها فى اصطياد الفريسة
فاكتفت بالزوم والزمجرة لهم الا انهم لم يبتعدوا بعيدا عنها بل عادوا والتفوا خولها وحاصروها
وحاول احدهم عض زيلها الا انها استدارت له بسرعة وكادت تبطش به لولا انه قفذ فارا منها
وفى اللحظة التالية حاول اخر عض عقبهافاستدارت بسرعة لكنه هرب وسط السفانا
وتكررت محاولات الضباع خاصة بعد ان زاد عددهم عن عشرة فى عض انثى الاسد وذلك بعد حصارهم لها
حتى تمكن احدهم بالفعل من عقر قدمها من الخلف حنى سال الدم منها فزارت زئيرا شديدا من الالم
او لاخافتهم او لايقاظ الاسد الذى ما كاد يسمع صوتها حتى ضرب الارض بكفيه ووثب وثبته الكبرى
بعد ان زار زئيره المرعب الذى خلع قلوب الضباع والحيوانات من الهلع فارتموا بين الحشائش
وهو يندفع كالريح خلف الضبع الذى عض قدم زوجته حتى اقترب منه وهو لازال يجرى فضربه بيمينه
فى مؤخرته وهو فى اقصى سرعته فتخبط الضبع فى بعضه وفى الارض مرتفعا الى اعلى كالكرة
فى الهواء وقبل ان يهبط الى الارض التقم الاسد عنقه وقضى عليه بفكيه فتدلى من فم الاسد كالجلدة وهو يحمله بين فكيه وارجحه ورماه جثة هامدة عند اقدام زوجته التى ابتسمت له فى استحياء وهى تركل جثة الضبع
عائدة الى العرين حيث رات الضرائر الثلاث قد استعدوا للقيام بالصيد بمجرد وصولها
كلماتى وبقلمى
محمد جادالله محمد الفحل
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|