عرض مشاركة واحدة
قديم 31 / 05 / 2008, 44 : 01 PM   رقم المشاركة : [1]
د.محمد شادي كسكين
طبيب أسنان - شاعر وأديب - مشرف منتدى السويد - الفعاليات الإنسانية والمركز الافتراضي لإبداع الراحلين

 الصورة الرمزية د.محمد شادي كسكين
 




د.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really nice

الموت بوابة الخلود /د. مأمون فريز جرار

بصائر : الموت بوابة الخلود
د. مأمون فريز جرار

الموت حقيقة الحقائق في أرضنا
وهو قسيم الحياة ، ففي كل لحظة موت وحياة: في الجسد الواحد خلايا تموت وخلايا تتجدد
وفي كل لحظة فوق هذه الأرض يغادر الحياة أناس ويهل على الأرض أناس
في المستشفى الواحد غرفة للمواليد وثلاجة للموتى الموت الحقيقة الحاضرة الغائبة التي تأتي في كل لحظة وكانها تأتي أول مرة.

ونتخلص من حضورها سريعا

وكأننا بتجاهلها نحاول وأدها
وهي لا تلتفت إلى تجاهلنا
بل تأتي في كل لحظة لتزور مكانا ما أو أكثر في الأرض وتمضي بحمولتها مرة إثر مرة
لا تعبأ بمن يرضى بها أو يسخط عليها
ومن يحبها أو يكرهها
نودع موتانا في المقابر ونحن نتحدث عن دنيانا نحاول أن نبعد عن أنفسنا فكرة أننا سنموت
ونقيم مجالس العزاء التي يغلب أن يحضر فيها كل شيء إلا ذكر الموت الذي نحاول أن نلقي عليه أستارا من التقاليد الاجتماعية والعادات التي تحول مجلس الموت إلى مجلس تباه بمن حضر وعدد من حضر
وبما يرافق ذلك من تقاليد الطعام والشراب
بل بختام أيام العزاء بالحلوى التي نحاول أن ننسى بها مرارة الموت
وعلى ألسنة بعضنا جملة يكررها بغفلة وهو يعزي أهل الميت قائلا: خاتمة الأحزان

وهل للأحزان في هذه الدنيا خاتمة

نتجاهل الموت: وهو حقيقة الحقائق التي لا يجادل فيها مؤمن ولا كافر.
من يرى أن بعد الموت بعثا وحسابا وحياة جديدة يلقى فيها جزاء ما قدم من خير أو شر
ومن يراه خاتمة المطاف ونهاية مسرحية لم يعرف كاتبها ولا مخرجها ولم يدر لماذا جاء ولماذا غادر .
جاء لا يعرف من أين
وسيمضي إلى مجهول يسعى إلى أن يكون عدما ليؤمن لنفسه راحة العدم لأنه لم يعد نفسه لوجود جديد ولم يحسب حسابه
كثيرا ما نتجاهل الموت لأننا لم نفرغ بعد من أمور دنيانا
لم نرتب أوراقنا لنقول إننا جاهزون للرحيل
لم نجهز حقائب سفرنا
ولم ننتبه إلى أن مقعد رحيلنا عن دنيانا محجوز لنا منذ تخلقنا أجنة في أرحام أمهاتنا.

ولم نتنبه إلى أننا في هذه الدنيا أشبه ما نكون بالركاب في صالة انتظار في المطار الذين يسمح لهم بالتجوال في المنطقة الحرة بكل إغراآتها وتبرجها وإعفاء ما فيها من الرسوم الجمركية

بعضنا أو لنقل كثير منا نسي أنه في صالة الانتظار وأن جولته في السوق الحرة عارضة مؤقتة
وأن عليه حين ينادى عليه بالتوجه إلى بوابة كذا أن يستجيب بل عليه ألا ينسى أنه في صالة انتظار
وأنه ليس في دار قرار
وأنه وهو في هذه الصالة كان تحت رقابة صارمة تسجل بالصوت والصورة كل حركاته
وأنه عند الخروج من البوابة سيسأل عما فعل وسيتم تفتيش ما معه من البضاعة
وأنه سيستخرج منه ما أخفى مما مد إليه يده حين نظر يمينا ونظر شمالا وظن أن لم يره أحد واخفى ما أعجبه في جيبه حينا او دسه في حقيبته حينا من غير أن يدفع ثمنه
كل ذلك سيستخرج منه ويسأل عنه ولن ينفعه ان يقول: أنا لم آخذ هذه الأشياء بل تسللت إلى جيبي أو اندست في حقيبتي
لن ينفعه ذك ولن يستطيع الإنكار حين يوضع أمامه شريط مسجل يرى نفسه فيه منذ لحظة الدخول حتى بوابة الخروج ويقال له: لن نقول لك شيئا بل سندعك أنت تحكم على نفسك
قد لا يكون الحديث عن الموت أمرا شهيا
ولكن هل نملك إلا أن نتحدث عنه
وهل يجدينا شيئا تجاهله وهو لا يتجاهلنا بل يخطف منا من انتهى أجله وسيأتينا الدور شئنا أم أبينا أحببنا أم كرهنا
أليس الأجدى لنا أن نفهم هذه الظاهرة القاهرة الغائبة الحاضرة التي تملأ العيون دمعا والحلوق غصصا والصدور حزنا
لماذا لا نسعى إلى فهم الموت فهما إيجابيا يجعل لحياتنا معنى ويملؤها بكل نافع ويضمن لنا طمأنينة القلب في الدنيا وحسن المنقلب بعد الرحيل عنها فيتحول الموت
من ظاهرة تثير التشاؤم
إلى ظاهرة تضبط مسار الحياة
ظاهرة لا تقول: كل وتمتع فإنك ستموت
أو أعرض عن كل شيء ما دمت ستموت
بل تقول: استقم في حياتك لأنك ستموت ، عمر الأرض بالخير لأنك ستموت
هذا ما أسعى إلى تقديمه في مقالات متتابعة
يكون محورها العنوان الذي جعلته في رأس المقال الموت بوابة الخلود.


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د.محمد شادي كسكين غير متصل   رد مع اقتباس