عرض مشاركة واحدة
قديم 31 / 05 / 2008, 47 : 01 PM   رقم المشاركة : [2]
د.محمد شادي كسكين
طبيب أسنان - شاعر وأديب - مشرف منتدى السويد - الفعاليات الإنسانية والمركز الافتراضي لإبداع الراحلين

 الصورة الرمزية د.محمد شادي كسكين
 




د.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really niceد.محمد شادي كسكين is just really nice

أوهام حول الموت / د. مأمون فريز جرار

الموت بوابة الخلود 2
أوهام حول الموت
د. مأمون فريز جرار

يرتبط الموت لدى الناس بظاهر ما يحدث لجسد الإنسان وغياب ما وراء ذلك
ذلك أن المشاهد المحسوس المقطوع به هو أن ما نعرفه عن الإنسان الذي مات يتغير :فالجسم يفقد الحياة والحركة والتفاعل والقدرة ،
كل ذلك يزول ويسلب منه ويتحول إلى جثمان
أي إلى جسد هامد يجثم مكانه ولا يتحرك بنفسه
ثم ما يتبع جثوم الجسد من مسارعة إلى دفنه في القبر
وما يرتبط به الدفن من تحلل الجسد وتلاشيه .
فهل الموت هذا فحسب ؟
هل الموت تلاش وفناء وانتهاء لمن كان ملء السمع والبصر والقلب
كثيرا ما يتوقف العقل البشري عند هذا المشهد ولا يتابع ما وراءه
إما عجزا عن الإدراك أوتقصيرا في استحضار المشهد الخفي الذي جاءتنا عنه نصوص صحيحة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تجعلنا
نرى ما لا تراه العين من حقيقة الموت
وما يكون مع الميت بعد انفصال الروح عن الجسد واطلاقها إلى أفق لا ندركه بالعين المجردة ولا نسمع ما يجري فيه بآذاننا
وقبل الوقوف على ما وراء المشهد المنظور من أحوال الموت والميت
لنقف على أمر لا بد من استحضاره أمر مرتبط بالأرض التي نعيش فيها ومتطلبات الوجود فيها
الله تعالى حين خلق آدم جعله بشرا من طين الأرض ونفخ فيه من روحه
فالإنسان : جسد طيني أرضي ونفخة ربانية
هذه النفخة تجلى وجودها وأثرها وصفاتها من خلال هذا الجسد الطيني الأصل
ويبدو أن من أراد الظهور في عالم الشهادة الأرضي لا بد له من جسد
شأنه في ذلك -من باب التقريب- شأن من يلبس البدلة الفضائية من رواد الفضاء الذين يخرجون خارج الجاذبية الأرضية وبغير هذه البدلة لا يستطيعون الاستمرار في الحياة
فهذا الجسد هو بدلة الفضاء للنفخة الربانية التي صار بها الإنسان إنسانا وكائنا مكرما له من القدرات ما ليس لغيره من الأحياء التي تشاركه هذه الأرض
ولعل مما يزيد الأ ض وضوحا أن الملائكة حين يدخلون عالم الشهادة في الأرض يلبسون جسدا أرضيا يمكن إدراكه بالمشاهدة والتعامل معه
ولذلك حين طلب المشركون أن يكون الرسول ملكا قال الله تعالى
( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون )
و يدل على ذلك ما كان من أمر جبريل عليه السلام حين جاء مريم وقال القرآن الكريم عنه : (فتمثل لها بشرا سويا )
وكذلك حاله في الحديث المشهور حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأماراتها فقد ظهر في صورة شخص شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر حتى خفي أمره على الصحابة
وورد أنه كان يظهر في صورة دحية الكلبي
أخلص من هذا أن النظر إلى الموت من خلال الجسد الفاني المتحلل في القبر وغياب الجزء الآخر من الصورة عن أذهاننا صورة ما يكون من أمر الميت في عالم الغيب بعد أن اختفت صورته من عالم الشهادة ذلك يؤدي إلى قصور في تصور الموت
الموت ليس فناء بل هو انتقال إلى مرحلة جديدة في مسيرة الإنسان من لحظة خلقه في عالم الغيب

(وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى )
إلى لحظة توجه الناس زمرا : المؤمنون إلى الجنة والكافرون إلى النار
ويمر الإنسان ما بين اللحظتين بمراحل يعي بعضها ومراحل لا يعيها
فمن منا يذكر مرحلة الرحم والولادة ومرحلة ما قبل الوعي والتذكر ؟
د.محمد شادي كسكين غير متصل   رد مع اقتباس