عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 12 / 2012, 10 : 09 PM   رقم المشاركة : [3]
عادل سلطاني
شاعر

 الصورة الرمزية عادل سلطاني
 





عادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: مقاربة نقدية ( في قصيدة للشاعر حكمت خولي ) بقلم الشاعر يسين عرعار

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين عرعار
اللوحة الأولى
شوقي إليكَ يُذيقـُني حُـلوَالهـوى..... يـا خالقي ويُـزيح ُ عن قـلبـي الهُموم ْ

هلْ في الأحبَّة ِ من مَذاق ُ و ِصالِهِ ..... أشهى منَ الذ َّوبان ِ في حِضنِ ٍ َرؤوم ْ ؟


حِضنُ الحبيبِ و ِصالـُهُ أحلى المُنى ..... وعَـشيقُ روحي شَـهْـدُهُ سِحرٌ يَــد وم ْ


منذ ُ الطـُّفولة ِ منذ ُ أن جِئت ُ الدُّنى ..... يَـهْـفـو فـؤادي لـلـِّقا روحي َتحـوم ْ

ترنـو عُـيوني للجَّمال ِ ونـورِه ِ..... وُتشيح ُ عن قِبح ِ الدُّجى الـمُـرِّ القـتوم ْ

فأنـِفـْتُ من هَمزات ِأصداء ِالثـَّرى ..... وعَـفـفـْتُ عن شهوات ِإبليس ٍ َظــلوم ْ
ـــــ
بهذا المطلع الرومانسي الحالم المتماوج بين الذات الشاعرة وبين الشوق والهوى..هذه الذات التي يزداد اشتياقها وحبها لله عز وجل إلى مرتبة الصوفية حيث يعبر فيها الشاعر عن الحب والإشتهاء ..عن أسمى درجات الحب لتصعد الروح إلى مناجاة خالقها فيستريح الشاعر من الهموم..فهو في انفلات شعري نفسي رصد له كل أسس فن القول وتقنية بناء القصيد لتزداد الشاعرية عبر هذا الإنفلات إلى عمق الشاعر وذاته المحاصرة القلقة وكأنه يعرج في عاطفة لا إرادية تملكته لتسمو بأشواقه إلى الله لينتصر بشعره على نفسيته المحاصرة شاربا من نشوة الحب الذي لم يذقه من قبل.
ثم يستعمل الشاعر استفهامه ليزيد فيه من عظمة القداسة لهذا الحب الذي يعتريه دون أن ينكر حبه لبني جنسه من البشر...متلذذا بالمقارنة الجميلة بين حبين ...لتستقر مساحة حبه في محراب حب الله عز وجل...مواصلا إدمانه النفسي إلى درجة الصوفية ويجعل من حضن الحبيب الذي يدوم عشقه وسحر شهده وهنا تتجلى صورة استسلام نبض القلب لمعجزة ربانية منذ طفولة الشاعر وملائكيته البريئة ...حيث تعلق قلبه بالله عز وجل ..كما رصد كل الدلائل الكونية ليفتح نافذته على الحياة مع تجلي جماليات الكون محاولا فك أسئلة ذاته الشاعرة المخضبة بالعشق والقلق ويغمض عينيه عن كل رموز القبح الذي يطارد براءة طفولته ليقتل حدائق الجمال الذي يريد الإستمتاع فيه بعيدا عن الزيف والتصنع والفهم المغلوط..فالشاعر يذوب في البحث عن الصدق والعفوية والشاعرية المطلقة دون قيد أو حصار.
ويستمد الشاعر قيما جمالية من الحب السامي الذي جنح إليه بعيدة عن التسلط النفسي والقلق والحيرة ليقدم لوحة فنية يصارح فيها ذاته ويتجلى فيها الصدق والهدوء النفسي الذي بحث عنه ...ليكبر أكثر في قيمه الجمالية ويترفع عن همزات أصداء الثرى ويتعفف عن شهوات إبليس.

اللوحة الثانية


يا من َتلومُ على الذ ُّهول ِ جَوارحي ..... لو ُذقت َ َخمْرَ حَـنانِهِ ُرمْتَ الوصال ْ

يا لـيـَتـني أقـوى عـلى كشف ِ الخفِـي ِّالمُرتجى من خلف ِ أسدال ِ الظِّـلال ْ

يا ليتني أقوى على تـَـبـيانِ ِ مــا اسـْـَتجْـلتْ بَهاءَ جَمالِـهِ عَين ُ الخَيال ْ

َعينُ الخيال ِ بَصيرة ُ الرُّوح ِالـَّتي ..... َنفـَذتْ منَ الصَّـلد ِ البَـليد ِ إلى الكـَمال ْ
َ
فتـَكـَشَّـفتْ كلُّ الحَقيقة ِ وانْجَلتْ ..... َديمـومَة ُ الآباد ِ خَـلـف َ الإنـحــلال ْ


والنَّـشْـوَة ُ الكبْرى لروح ِ مُـتيَّم ٍ ..... عَـوْد ٌإلى الأقـْداس ِِ في حِضن ِالجَّـلال ْ



يخاطب الشاعر العذال واللائمين له عن هذا الحب السامي الذي لم ير له مثيلا ليجنح إلى أسمى درجات وصف الحب الذي أسكره وأخلد روحه وأسر قلبه لتزهر الروح وتثمر بفن القول وصدق القريحة...ثم يذوب الشاعر في الدعاء ويقظة الرجاء والقداسة لأن التوهج الداخلي رصد في قلبه كل معاني الحب بفعل النفس المشتهية والعشق الذي ينتابها...فيقبل على التمنيات التي تعظم هذه القداسة..فهو يبحر في عمق أعماقنا بصهوة الصدق دون إرهاق الفكر..لأن ملكة الشعور تحاول زرع مساحة من الحب ..ولفت إنتباهنا إلى الرسم الشعري والدفق الشعوري الرابض في نفسية الشاعر...فهو اقتحم جدار الصمت ليمسك بطائر الفن ويبدع داخل قلوبنا.
الشاعر يعلن في لوحته الثانية امتداد عاطفته دون أن يهمل موقف الأحبة والعذال محاولا وضعهم أمام الجمال والحب الذي شرب من نبعه..كما يعبر عن حقيقة أخرى وهي انجلاء ديمومة الآباد واندثارها خلف الانحلال ...حيث نجد الصورة القرآنية حاضرة..لينتقل إلى تعظيم النشوة الكبرى ويضعها من جديد في موضع القداسة لحظة عودة الروح إلى خالقها راغبة السعادة الأبدية في جنان فردوسه.
...................
لقد ركب الشاعر من البحور البحر الكامل ليعبر عن ذاتيته وشاعريته المنسابة رغم الرثائية المتخفية خلف الأبيات الشعرية ...وهي رثائية الوضع الذي آل بالشاعر إلى البحث عن راحته النفسية في مجتمع لا يخلو من شطحات إبليس ..ليركن إلى الحقيقة المطلقة وهي حب الله .. فالشاعر تفرد عن غيره من مجتمع الأحبة في السمو بالحب إلى العفة والطهر والنقاء والفكرة ليست غائبة عن غيره ... فقط لأنه شاعر ويملك من الحس والشعور والعواطف ما يجعله متميزا عن غيره من الأحبة والبشر.

كما تظهر التجربة الشعرية الأنيقة في اختيار البحر والأسلوب والكلمات مع تغيير الروي ..وهذا ربما من القلق الذي يحاصر الشاعر فأراد التنفيس والراحة بتغيير الروي من (الميم) إلى (اللام)...وربما إذا جمعنا الرويين دون قصد نجد الفعل (مل) بمعنى(تعب) و (كره)... والشاعر كان فعلا متوترا قلقا ..ومع ذلك زاد هذا التغيير في الروي جمالا شبيها بجمال الموشحات.


ولا تخلو القصيدة من الدلالة الرمزية في اختيار الكلمات في اللوحة الأولى على وزن صيغة المبالغة (فعول) و من هذه الكلمات (هموم..روؤم..قتوم..ظلوم..) ليعبر بها الشاعر عن مدى آلامه وقلقه وتعطشه للحب الصافي النقي.
أما التقنية البنائة للأبيات الشعرية فهي جميلة دون تصنع .
بين اللوحة الأولى و اللوحة الثانية يكبر طعم النشوة و الحب في قلب المتيم مثلما قام الشاعر حكمت خولي بتغيير الروي ...فالحركة الصوتية أيضا كبرت..ليفسح الشاعر لنفسه فضاء البوح الواسع.
الشاعر يدرج الحكمة وفلسفة الحياة في فن قوله الجميل البليغ.. وللقصيدة أثرها ووقعها على الأذن فهي منسابة في غنائية جميلة.



سياحة نقدية عاقلة قارئة واعية استطاعت بامتياز أن تنقلنا إلى جسد هذا النص الخولي الرومانسي الحالم ، سياحة ياسينية موفقة تغلغلنا معيتها في مسامات هذه الفلذة الروحية الشفيفة المحلقة والشكر موصول للأديبة الفاضلة الأستاذة نصيرة تختوخ لتنقيبها على الدرر النور أدبية وتقريبها للقارئ..
تحياتي لكما
عادل سلطاني غير متصل   رد مع اقتباس