رد: الشاعر الإنسان طلعت سقيرق
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الرابع من قراءة قبانية الشام التي لم يكتبها نزار للشاعر الجزائري الكبير محمد جربوعة
3- المستوى التركيبي:بعد صراع مع النفس يقرر الشاعر كتابة قصيدته في تحد منفرد منقطع النظير وهذا الصراع في الحقيقة جاء نتيجة تواضع هذا الاخير فهو لايريد أن يكتب قصيدة في حضرة الشاعر الراحل نزار حتى وهو ميت وهذا نبل من شاعر يعرف حق قدر شاعر وأي شاعر إنه نزار،لكن مايلبث هذا الصراع أن يضع حدا بعد الاستعطاف الجميل الذي الذي جاء من الذات المصارعة للذات الشاعرة:
شردت وقالت لو نزار ها هنا****فاجبتها إني هنا فدعي الشرود
الإجابة كانت فورية وسريعة وليست متسرعة لأن الذات الشاعرة متمرسة ولديها ما يكفي من الجمال جمال الكلمة وما يكفي من التجربة الشعرية ،الخيال والجمال والحب
_قالت غرورك في القصيدة مذهل****والحكم يبقى في الأخير على القصيد
يالله،الشاعر كانه يساعدني في فك واستنطاق دلالات كلماته من بيت إلى آخرلذلك التركيب جاء غير معقد لا بالتأخير ولا بالتقديم على الرغم من الإنزياح الكلي للقصيدة الذي حول فيها الشاعر دمشق من شامخة تنكسر الآن على وقع ما يحدث لها إلى عروس يحتفل بها ويعطرها بأجمل ما في بحر اللغة.
هذي المدينةكالخرافة ،اسمعي****مملوءة بالسحركالعقد الفريد
قالت أشك بقدرتي في فهمها****وأشك في البسماتفي شفة الحقود
قلت الصوامع في السوادترينها****قالت أراها ،قلت:عادتها الصمود
-إذا كانت نكبة دمشق تحتاج إلى قصيدة تتوافق وهذا المعطى ففي هذا الخطاب تتحول دمش المنكوبة دمشق المطأطئة دمشق الراكعة من الذل الذي لحق بها إلى فتاة صغيرة
تجري وتلعب وتسقط لتنهض من جديد ولولا هذا السقوط ما نهضت ،إلى قلب بريء مثل بسمتها،الى طفل صغير يخاف من صوت الرعود
وتحب إطعام الحمام بكفها***وتخاف كالأطفال من صوت الرعود
ماذا تقول ؟دمشق أجهل طفلة****بالفعل يحرق أو يشردأو يبيد
قلت الصغيرة والبريئة دائما****تجري وتسقط ثمتنهض من جديد
أما البلاغة في هذا الخطاب فهي متحولة لأن الشاعر بصدد تخفيف الوطأة على الذات المتصارعة فلا يمكن له أن يكتب قصيدة رثائية ينعى فيها دمشق فدمشق تعرف أهلها ودمشق تعرف في الحرب كيف تصنع بالورود فضد الحزن والمعاناة السعادة التي تفوح رائحتها في هذه القصيدة
يتحول الدخان دخان البارود وما شاكل الى دخان عود طيب الرائحة وهذه الصورة المليئة بالدلالات نجدها في هذه الأبيات:
النار تحرق في دمشق عبيرها***لتفوح بالإحراق،رائعة كعود
فالنار هنا التي تحرق في دمشق إنما هي ناتجة عن رائحة العود الطيب
كأني بالشاعر يقول : إن الذي يحدث في دمشق ماهو الا أمر طبيعي
فثنائية الصراع بين الخير والشر ماهي إلا سقوط يتلوه نهوض _إن بعد العسر يسرا_
بهذا فقط تستطيع الذات المتصاررعة أن تهدأ فتهدأ معها الذات الشاعرة..........يتبع
|