الأحلام... الخطوةُ الأولى نحو الطموح، والملاذُ السهلُ هرباً من المخاوِف..
والناسُ جميعاً، على اختلاف أهوائهم ومسالكهم و آمالهم، قد راوَدهم ذاكَ الحلمُ الشّهير، بأن تنعكسَ حركةُ عقربي السّاعة، في دورةٍ لا تتوقّف، إلا وصولاً إلى الزمن الجميل... يومَ كانوا أطفالاً.
وإذ يَصِلون إلى تلك اللّحظةِ، تُرحِّبُ بهم طفولتُهم في حرارةٍ وشَوق، وتأخذُ بأَيديهم في زياراتٍ خاطفةٍ، يلْمَحون فيها معالِمَ طفولتِهم الضّائعةِ بين أوراقِ الذّكريات...
هيَ لحظةٌ لا أكثرَ، ولكن كم فيها من الصُّورِ المنسِيّة، يتعالى فيها صخَبُ الضِّحكات المرِحة، وتطْفو البراءةُ الممتزِجةُ بالسّذاجةِ حيناً والشّقاوةِ حيناً على صفحات الوجوه الصّغيرة، ونندفعُ نحن الكبارَ، لنشارِكَ أطيافَ هذه الصّورِ قراءةَ قصّة، أو رسْمَ وجهٍ مضحكٍ على الحائطِ، أو الجريَ حفاةً في الأزقّة الضّيّقةِ، أو أداءَ مسرحيّةٍ مع الدّمى المحشوّة بالقطن...
وربما تتلوّن الصور بشكل مغايرٍ، فيختفي مرحُها وتحلّ محله الظّلمةُ والقَتامة، فلا نكادُ نجرؤُ على التلفّظ ببنتِ شفَة، بل تتلاقى عيوننا بعيون الأطيافِ المنكفئةِ على وجهها، المحتضنةِ وسائدَ مبلّلةً، تنحدرُ دمعةٌ جديدةٌ، تبحث عن يدٍ حنونةٍ تمسحُها، فلا يكون حظّها أفضل من سابقاتِها، ولا تجدُ سوى الوسادةِ أرضاً لها... ويلفّ المشهدَ صمتٌ ثقيل، تقطعُه بعضُ الشهقاتِ المكتومة...
تنقضي اللحظةُ، ويحين أوانُ العودةِ، نودّع الطفولةَ بابتسامةٍ مُغْتَصَبة، وأثناء صمتِ الوداع... نتبادل حديثاً طويلاً...مليئاً بالتساؤلات الحائرة...