رد: حوار مفتوح حول الأمراض النفسية الاجتماعية وسبل تقويمها
الأستاذة هدى,
الغيرة و الغرور إحساسان مختلفان في مظاهرهما و تجليهاتما لكنهما يشتركان في ارتباطهما بثقة المرء بنفسه.
فالإنسان حين تستبد به الغيرة و يؤذي من حوله فلإنه يخاف من أن يفقد مايملك أو لضعفه و عجزه على تملك ما يملك الآخر وهنا تدخل مسألة الثقة بالنفس و الرضا عنها و قدراتها و كذلك تقبل الذات و توازنها.
الغرور الظاهري قد يكون أفضل غشاء يحمي صاحبه الذي يدرك نقاط ضعفه ويحاول تغطيتها بتعاليه و استخفافه بالآخر وفي الحقيقة فإن المغرور قد يكون أكثر الأشخاص إدراكا لنقائصه.
من ينشأ في بيئة من الفشل أو الحرمان و النقص و يستطيع الإفلات منها بنجاحه وتفوقه في ميدان ما فإنه يلبس ثوب الغرور للتنكر لمقته الشديد لظروفه الحياتية السابقة و كل ما خلفته بداخله من آثار..
للأسف تشجع الكثير من التصرفات الإجتماعية و العادات في ثقافتنا الغيرة من المقربين و تنمية حقد الأفراد على بعضهم فليشجع الأب أو الأم الإبن أو ليحفزاه يستدلان بالنماذج القريبة: لما تفوقت أختك ؟ أو ابن العم أو ابن الجيران... هذه النماذج هي الأسرع استذكارا لكنها في نفس الوقت تجعل الإبن يقارن نفسه بهؤلاء المقربين و يعتبر نجاحهم كفشل له وهذا طبعا مثال صغير فقط لما يقع على نطاق واسع في مجتمعاتنا.
شخصيا أعتبر اكثر الناس قوة من يستطيعون فهم ذواتهم و يسعون إلى تصحيح أخطائهم و يسخرون منها؛
كل جرعة ناقصة أو زائدة عن حدها في الثقة بالنفس تؤذي صاحبها و من يتعاملون معه باستمرار.
قيل: الإنسان الحقير الذي يتصرف بغرور يكرهه الجميع و المقتدر المتمكن المتواضع يكسب احترام الآخرين; وأظن أن المقتدر المتمكن المتزن يفضل المحبة و الإحترام على الحقد وجني الكراهية .
تحياتي,
|