رد: السنة والشيعة بين الأمس واليوم- الباحث: عدنان أبوشعر
[align=justify]
أخي منذر
عجبت لأمرك، إذ لو كان النقاش يدور بيننا في الندوة الثقافية التي نعقدها عادة في دارتنا لعذرتك، إذ قد يقودنا التسرع في الردّ أحياناً –ونحن نرتجل ما نقول- إلى إغفال جانب مفصليّ في دُفوع المُحاور ووجهة نظره.
أما وأنت جالس على أريكتك ترتشف القهوة وتدير الفكرة، وتمعن النظر، وتحاور النص المكتوب بعقلك مرات ومرات لتصدر عن رأي، فهذا لعمري أمرٌ لا يُتساهل فيه، ولا يُتجاوز عن هناته.
أبدأ بإعادة التنويه إلى أن غاية بحثي:
1- الوصول إلى أن (أصل) الخلاف كان سياسياً بامتياز.
2- تسليط الضوء على استثمار الساسة لهذا الخلاف لتحقيق مآربهم.
3- قراءة الرواية التاريخية ضمن سياق الفضاء السياسي والاجتماعي والثقافي الذي ولدت فيه، ومدى تأثرها به، وتأثيره فيها.
4- تناول الأخبار المشكوك بصحتها تاريخياً على أنها وثيقة تاريخية تعالج المفاهيم السائدة في حينها في ظل مؤثرات متعددة.
5- تجنيب الأمة تداعيات الاصطفاف المذهبي.
6- النظر في المشترك الذي يؤسس لعلاقات تطور الإنسان والعمران.
وفي موضع آخر تدَّعي بأنني –وأقتبس-: "تسرعتَ في قبول الأخبار، واعتمادها كقاعدة توصل إلى النتائج المبتغاة من البحث، ولم تنتبه إلى (تعديل) رجالات أسانيد الأخبار"، ولعلك لو قرأت بتمعن إيرادي لما ذهب إليه الزبيدي، وابن خلدون والشهرستاني، لوجدتني أُتبع آراءهم برأي الشيعة – وهو واجب تمليه الحيدة والنصفة- وهو رأي غير ملزم، رغم أنهم استدلوا على صحته بإيراد الطبري له، والطبري عالم بأحوال الرجال و لم يعقب على الحديث. رغم أن سواه قد رد الحديث بحجة الإرسال أو ضعف رجاله. ولكن الحديث يظل رأياً للشيعة ولا بدَّ من ذكره.
وأما أبو مخنف لوط بن يحيى، فإنني اختصرت أصل ما كتبت عنه في هامش بحثي خشية الإطالة على القارئ، وهذا هو النص الأصلي بتمامه:
" أبو مِخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سُليم الأزدي، كان جده مخنف صحابياً، و له بعض الأحاديث في كتب السنن، ترجم له ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة"، و قال عنه ابن النديم: إنّ مخنفاً هذا كان من أصحاب علي بن أبي طالب. مات سنة 157هـ.. قال عنه ابن النديم في الفهرست: قالت العلماء: أبو مخنف بأمر العراق و فتوحها و أخبارها، و المدائني بأمر خراسان والهند و فارس، و الواقدي بالحجاز والسيرة، و قد اشتركوا في فتوح الشام. وأجمع أئمة الجرح والتعديل من أهل السنة والجماعة على الطعن فيه، فقال فيه صاحب "القاموس": إن أبا مخنف إخباريّ شيعيٌّ تالف متروك. وقال فيه أبو حاتم الرازي: إنه متروك الحديث. وقال فيه الدارقطني: إخباري متروك الحديث, وقال فيه يحيى ابن معين ليس بثقة. وقال فيه الذهبي: إخباري تالف لا يوثق به. وعدّه علماء الشيعة شيعياً بيد أنه ليس إمامياً كما صرّح بذلك ابن أبي الحديد والنجاشي.
ألَّف كتباً كثيرة، بلغت وفق ما عدّه ابن النديم و صاحب "فوات الوفيات" 33 كتاباً، منها: كتاب الردة ، كتاب فتوح الشام، وكتاب فتوح العراق، و كتاب الجَمَل، وكتاب صفين، و كتاب مقتل علي بن أبي طالب، وكتاب وفاة معاوية، وكتاب وقعة الطفّ المشهور بمقتل أبي مخنف، حققه الشيخ الغروي، وطبعته مؤسسة النشر الإسلامي بقم".
ورغم ذلك فإنني أعود فأؤكد بأن إيرادي لحديث أبي مخنف كان شاهداً لتأكيد رواية تتبناها (الشيعة)، ويؤكد الفكرة التي أحاول إيصالها للقارئ الكريم بأن خلاف الأوائل لم يكن عقدياً بمقدار ما كان سياسياً، وفي ذلك قلتُ:
" وقد تابع الحسن والحسين نهج أبيهما في التعاطي مع معاوية فكانا - وفق روايات الشيعة أنفسهم- يقبلان عطاياه ويصليِّان خلفه، ولو رأيا فيه كفراً أو مروقاً من الدين لما فعلا ذلك. فقد أورد ابن أبي الحديد -الشيعي المذهب- في كتابه شرح ابن أبي الحديد ج2، ص823: " ومعاوية أول رجل في الأرض وهب ألف ألف، وابنه يزيد أول من ضاعفه، كان يجيز الحسن والحسين بن علي في كل عام لكل واحد منهما بألف ألف درهم. وكذلك كان يجيز عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر"، وكذا ورد في كتاب مقاتل أبي مِخنف[وقعة الطفّ] ص7".
أخيراً، أسأل الله أن يمنحك مزيداً من الصبر والأناة، ويجنِّبك مصائد الأفكار المسبقة، ويثنيك عن ردٍّ متعسف لمخالف لك في رأي.
ودمت تاج علم على رؤوس مثقفي آل أبي شعر.
[/align]
|