[د. منذر أبوشعر]

جُبِلتْ على الصدق ،فصار الصدق جزءاً منها .
صادقة المشاعر، صادقة التفكير ،صادقة العطاء ،صادقة المواقف الإنسانية .
ولأننا نحب ،على الغالب ،اللون الرمادي وأجواء الضباب ،لم يفهم كثيرون حركة روحها ،فبقيتْ وحيدة .
ولما ملَّتْ - ذات يوم - وحدتها ،وأحسَّتْ أنها بحاجةٍ إلى الأنس، فتحتْ بحذرٍ قلبها بخطى متلعثمةٍ خائفة ،ومدَّتْ يدها ،وكانت باردة ،تطلب أنْ يراها الآخرون ويحسُّوا بوجودها ،ففوجئتْ أن اللون الرماديَّ مازال يسكن القلوبَ وما استطاعتْ حركةُ السنين أن تُزيلَ لونَه ،فصاحتْ بحسرةٍ وألم: أحب الناس وأشفق عليهم ،إنما الخطأ خطؤهم فهم يُصرُّون ألاَّ يرون !
ثم صرختْ: أنا هنا ! لستُ خيالاً عابراً ،ولستُ شبحاً يتلامح من بعيد ! أنا كيانٌ موجود ،له قلبٌ يفرح ويبكي ويُسَرُّ ويألم ويتشوق ويحترق وينتظر !
أنا صوتُ الضمير، وأحلام الوطن ،وفضاءات الكلام .
وبكت،إنما بكت بلا دموع ،فقلبها ربما فتتَّه الناس منذ زمن دونما رحمة !
ولما عاودها الهدوء، فتحَتْ باب خزانتها ،وارتدتْ طيبتها وصرامتها المصطنعة ،ومشت دون هدف محدد ،لكن فيه نبضٌ يضجُّ بإصرار.
** ** **