عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 03 / 2013, 05 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

انتظر عشاءك يا صاحبي



حين دخلت المقهى الواقع في الحيّ الشرقي في صوفيا وجدت الأصدقاء يضحكون بأعلى صوتهم، وكان البعض قد أمسك بطنه من شدّة التأثر. تساءلت عن السبب الذي دعاهم لكلّ هذا الضجيج والفرح، قال لي أحدهم بأن أجلس لأستمع الحكاية مجددًا وسرعان ما غرق الجميع في الضحك، لم أملك نفسي وأخذت أضحك معهم بالرغم من عدم معرفتي السبب الذي استدعى هذه الحالة النادرة، لأنّهم عادة ما يتحدثون بجديّة في شؤون السياسة ويتناولون بحدّة وجهات النظر المختلفة المتعلقة بأحوال الدنيا والأوضاع في الدول العربية بعد اندلاع الربيع العربي. قال لي زياد بأنّه قد دعا يومًا صديقنا المشترك أكرم كبّار المعروف بقدرته على المماحكة وتحمّل المزاح وزرع الخوازيق للآخرين. قال زياد بأنّه قرّر تلقين أكرم درسًا لا ينساه طوال الحياة، وقد تمكن من ذلك ما دامت الحكاية تتناقل من شخص لآخر بعد انقضاء سنوات عليها. أخبر زياد صاحبنا أكرم بأنّه مدعو للعشاء وعليه الانتظار حتى ينتهي من تحضير المقلوبة الفلسطينية. قطّع الدجاجة ووضعها على النار لسلقها قبل طبخها مع الأرز والخضار، وجلس يلعب الشطرنج معه لساعة من الزمان. بدأ الجوع يعصف بمعدة العزيز أكرم كبّار وأخذ يطالب زياد بتسريع الطبيخ، لكن الأخير طلب منه التريّث والانتظار حتى الإنتهاء من لعبة الشطرنج التالية. انتهت اللعبة وطلب أكرم تناول قطعة من الدجاج المسلوق كي يخفّف من جوعه. عندها توجّه اللئيم زياد إلى الثلاجة وقال:
- نعم لقد حان وقت العشاء. أخرج من الثلاجة علبة بيض وقلاها ثمّ وضع الزيتون والزعتر ودعاه لتناول العشاء. أصيب أكرم بالدهشة وتساءل عن مصير الدجاجة؟ أجابه زياد مبتسمًا بلؤم:
- الدجاجة الشهية المسلوقة هي عشاء الكلب الضال الراقد أمام المنزل يا أكرم أعزّك الله. عندها صاح أكرم غاضبًا:
- حرام عليك يا رجل، معقول. لكنّ يبدو بأنّك ستفعلها، أعرف بأنّني قد أكلت بدل المقلوبة مقلب فلسطيني بجدارة يا زياد. على أيّة حال، دعنا نأكل البيض قبل أن تقدّمه للقطط الجائعة في الجوار.
تناول أكرم وزياد البيض والزيتون وكان يحاول زياد طوال الوقت إضفاء جوّ من الجدّية على الجلسة، في الوقت الذي كان أكرم ينقّل عينيه ما بين المائدة المتواضعة والطنجرة الملآى باللحم الشهيّ. بعد أن تناولا ما تيسّر من نواشف الطعام وقف زياد صارخًا "يا الله". رفع غطاء الطنجرة وفتح الباب الخارجي.
- عاو عاو، تعال يا كلب، عشاءك جاهز. وضع قطع الدجاج أمام الكلب الضال قائلا "صحّة وعافية، هذا عشاءك كما وعدتك يا ابن الكلاب".
مضت سنوات على هذه الواقعة وغادر أكرم إلى لبنان ولم نعد نقابله سوى في المناسبات. لكنّه لم يكن يملك نفسه عن الضحك حين يتذكّر حادثة الكلب الذي حاز على طعام عشائه، ليبقى هذا المقلب ذكرى نتسامر فيها خلال لقاءاتنا وأمسياتنا الجميلة في المهجر.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس