الأستاذة هدى:
عندما يتحوَّل الرثاء إلى لحنٍ شجي ،تندفع دون مقدمات للركض خلفه وأنت تصوغه ترنيمة حزينة ،مردداً كلماته شكوى أسى غربة فراق ،فتتذكر، وأنت تقرأ (بكائيات هدى) ،مرثيات الخنساء في أخويها صخر ومعاوية ،فتهتف بحماس شاكٍ: بلى هذا صوت الخنساء ،بصياغة أخرى، ولا تملك ،وأنت مع عظيم الوجع ، حرَّ دمع العين ،وتقرأ وأنت تبكي وصوتك ينتحب عالياً:
تشوقتُ لأن أكتب إليكَ، لترتاح حروفي بأمان وهي تتوجه إليكَ..فما بين ولادة وموت، وفجر وغروب، وحضور وغياب ،وفقد ولقاء وفراق ،تمر أيامنا وتنزف أنفاسنا..
فلا الزمن يعود بنا للخلف ،ولا وجع الفراق يستكين أو يعتاد الفراق.
بحثتُ كثيراً في غيابك عن قطرات حب أجسدها، فلم أجد غير الصمت يلفني ويكبل أصابعي ،وكأن ذهني في حالة احتضار منذ أن مضيتَ مبتعداًخلف ذلك الجدار..كأني نزفتُ ألف عام من عمري فوق سطور الفراق..
فقررتُ أن أمسح الغبار عن قلبي ،وأحرر أصابعي التي لا تتنفس إلا حين تكتب إليك.
** ** **
الأستاذة هدى :
باق في العين أسى الرحيل ،ورحم الله فقيدنا الغالي ،وإنا لله وإنا له لراجعون.