بداية ،يجب أن نتفق على مفهوم ( البدعة ) في الدين ، ونتفق أن نتقبل صوت(الحق) ولوتعارض مع سائد مفاهيمناوأشواقنا وبهجة أحلامنا !
فالبدعة ،التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ، تتعلق (بالثوابت) التي ليس فيها خلاف، وهي التي حددها الشرع ،ورسم حدودها بمنتهى الوضوح ،(كالعبادات )و(شعائرالحج) و(أحكام الصيام وشروطه)..وغيرها الكثير المعروف ،وجميعها تتعلق بعلاقة المسلم مع ربه ،وأحكام حدود تعاملاته مع الآخرين ! فلا يتُصور أن يأتي أحد فيقول:تعالوا نجعل صلاة الظهر ركعتين ،أو واحدة ! أونكتفي من أنصبة الزكاة بالصدقة ننفقها في الوجه الذي نراه مناسباً !
أما الأمور الأرضية ،فالدنيا سخَّرها الله لنا ،وجعلنا عليها خلائف ،وعليه ،فكل أمر دنيوي مباح ،إلاَّما جاء به نصٌّ صريح يحدد مساربه واتجاهاته،وكل أمر تعبّدي حرام إلا ما جاءبه نصٌّ صريح .
وعليه ،فعيد المولد النبوي ،وعيد الأم ،وعيد المعلم ،وعيد الشجرة ،وعيد الاستقلال..مناسبات لها وَقْعها في النفس وعميق أَثَرها ،ولا تضيف بمجموعها بدعة عارض عبادة أو زيادة لركن ثابت .وحصْر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنْ لاعيد للمسلمين سوى العيدين، ( الأول هدية من الله لصيامنا رمضان،والثاني ذكرى دائمة لاستحقاق سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام عالي شرف التكريم عند الله تعالى) فإنما ذلك من بابة التخصيص ،لعالي شرف المذكور، وليس إلغاءًا لأي عيد غيره !
مع ملاحظة أن أيَّ عيد غيره ،لايتضمن أيّ تكليف تعبُّدي أو أيّ طقس خاص أو شكل محدد في طريقة أدائه !
فيُشبه ذلك الحديث الصحيح:"لا صلاة لجار المسجد إلا في
المسجد"،وهذا لايعني أن لاتُقبل صلاة جار المسجد إلا في
المسجد ،وإنما تعني أفضيلة ثواب صلاة الجماعة ،وأفضيلة التزامها.(وانظر في منهج آلية قراءة الأخبار كتابنا :الغزالي
والسنة النبوية ،ففيه تفصيل مسهب للكلام).
.. .. ..
ويبقى السؤال :هل أنت مع أو ضد الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
وأضيف إليه سؤالاً آخر: هل نستطيع بمقال ،أو مجموع مقالات،تغيير رأي سائد ؟!
ولنتذكر دائماً أن صورة فقه العبادات وتحديد مفاهيمها ،إنما ثُبّتت ‘على مدار تاريخنا ،بقوة السلطة الآمرة ،فتهون علينا بذلك صورة تخبط أيَّ أمر نحياه ،بين متشدد وملتزم ومتحرر .والخير كله للأستاذة هدى على هذه الإشارة المهمة،وننتظر
مزيد صور ليكتمل النقاش.