الموضوع: الفراغ
عرض مشاركة واحدة
قديم 21 / 06 / 2008, 54 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

الفراغ

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/10.gif');border:4px double green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
استبد به الخوف.. زحف بين المقاعد .. أراد أن يرفع رأسه.. تراجع.. رائحة الغبار تغتال فتحتي أنفه.. تحركت أرنبة أنفه ..ضغط بالإبهام و لم يعطس.. شعر أن الدنيا كلها تحاصره.. كبرت ظنونه حين أصغى لقطرات الماء و هي تنزلق من الصنبور و تقرع طرف الوعاء المعدني.. سمع صوتا يناديه (يا إبراهيم أخرج.. أريد أن أحدثك) تجاهل الصوت و النداء و الرغبة في الحديث .. قال(( ربما هو مجرد وهم)) عاد الصوت يرن ويطن .. تمنى أن يدخل المنادي إلى البيت.. أن يدفع باب الغرفة بقدمه..ثم يضغط على زر الكهرباء.. عندها يكون كل شيء عل ما يرام.. لكنه الآن خائف.. خائف حتى الموت..
* * *
عندما تزوج ياسمين منذ سنوات طويلة, ربما كان ذلك في شرخ الشباب، و هو الآن في الخمسين.. لم تدم العشرة بينهما طويلا.. أخبرت الجميع و أقسمت أن إبراهيم مجنون.. و أن الحياة معه مستحيلة.. حكت عن محاولاته المستمرة و سعيه الدائب إلى خنقها .. قالت إنها كانت تقوم في الليل فزعة وهو يضغط على عنقها.. يشد و يشد.. و حين تبعده بكل قوتها.. ينزوي جانبا و يأخذ في البكاء.. طلبت الطلاق فطلقوها..
ياسمين هذه كانت زهرة حياته ..أغنية لا تماثلها أي أغنية .. حلوة أكثر من كل ما يقال عن الحلاوة والجمال .. كل ما في الأمر أنها لم تكن تحبه .. لا يدري لماذا اخترعت ما اخترعت !!.. من أين جاءتها هذه الأفكار الخبيثة التي جعلتهم يحكمون لها بالطلاق .. يومها وقف في المحكمة وصاح بكل الجراح والآلام والعذاب (( هذا حرام ..إنها زوجتي يا ناس .. زوجتي .. إنها توأم العمر يا ناس .. توأم العمر )) .. يومها ضحك القاضي .. ضحك المحامي .. وضحكت ياسمين ثم أعطته ظهرها وذهبت ، حتى أنها لم تقل كلمة وداع واحدة !!..
ما تزال صورتها في عينيه وعل جدران كل خفقة من خفقات قلبه .. ركض في شوارع العمر وأقسم أنها الروح والريحان وكل ما في الحياة من معنى .. لكنها آثرت أن ترحل .. تتركه وترحل .. كان يحبها كما لم يحب أي إنسان في الوجود ..وكان جزاؤه أن أطلقت عليه صفة (( المجنون )) فصار في نظر الناس مجنونا .. الكل تعاملوا معه على أنه مجنون ..يمشي في الطرقات فيتهامسون .. يتوقف فيشيرون إليه بحركات غريبة ثم يضحكون .. حاول قدر استطاعته أن يثبت أنه عاقل أكثر من أي واحد منهم ، فكانت محاولاته تدخل عندهم في مجرى إثبات جنونه ..
***
ترسخ في ذهنه أنهم سيقتلونه بعد حين .. ملامح وجوههم نطقت بذلك .. كلماتهم أوحت بأن الجريمة ستقع .. لذلك قرر أن يغلق باب البيت عليه وفعل .. انتظر أن يأتي الشخص الوحيد الذي يثق به ليخلصه .. هذا الشخص ارتسم واضح الملامح في أحلامه .. كان يردد يا إبراهيم أخرج حين آتيك فأنا مخلصك .. انتظر وانتظر .. وحين سمع الصوت بعد أيام من الجوع والعطش والنعاس والخوف ظن أن صاحب الصوت لا يمكن أن يكون صاحبه الذي يأتي في الأحلام ... يسمع بوضوح شديد ((يا إبراهيم أخرج .. تعال ...أنا مخلصك )) فلا يصدق .. بقي هكذا بين الصحو والغيبوبة ودوامة الفوضى عدة أيام طويلة ، بعدها ما عاد أحد يعرف ماذا حدث لإبراهيم .. فالبيت الذي فتح بعد شهور كان خاليا خاويا !!.. ولم يسأل أحد : أين ذهب إبراهيم المجنون ؟؟.. فالأمر على ما يبدو لم يكن يعنيهم في كثير أو قليل ..
***
هامش أول : مختار الحارة الذي سئل بعد أيام طويلة جدا وهو يشرب الشاي مع القرفة عنه قال : يا أولاد الحلال مات إبراهيم المجنون الشهير بالحلواني منتحرا .. وقد وجدت سكين حادة في الغرفة التي تعود أن يقيم فيها .. وحين سئل عن جثته قال: - بعد أن فتل شاربيه – يا أولاد الحلال جثته كما قيل لي في بئر البيت ، ولم يفكر أحد بالبحث عنها ..
هامش ثان : ياسمين زوجته السابقة قالت : كان إبراهيم طيبا ، لكنه فقد عقله وصارت أفعاله لا تطاق .. أحيانا كان يظن أنه من كوكب آخر تصوروا !!.. مرات كثيرة قال إنني أريد القضاء عليه .. لولا محاولاته التي قام بها لقتلي لما طلبت الطلاق يشهد الله .. لكن الحياة غالية ..
هامش ثالث: أحد الجيران قال/مازلنا نسمع صوت إبراهيم يشق سكون الليل صارخا(( زوجتي راحت ..العمر كله ضاع .. فمن يعيد لي الأمان يا ناس؟؟))..وبعدها كنا نسمع بكاء يفتت قلب الصخر /..


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس