الأمثال في القرآن الكريم
منقول من مشروع نهاية الدراسة من سلك الإجازة بشعبة الدراسات الإسلامية:
يعتبر في القرآن الكريم إحدى وسائل الدعوة الإسلامية ، وكذلك وسيلة إبلاغ وإيصالها إلى النفوس التي تساهم مع الوسائل الأخرى على العمل لخدمة الدين.
ولا يسعنا في هذه النقطة أن نبحر في الحديث عن خصائص الأمثال القرأنية وحقائق إعجازها التي لا يمكن لأحد من البشر أن يلم بكل جوانبها ، لذلك فإننا سنقتصر على بعض الخصائص التي نراها مؤدية للمعنى كما وردت في كتاب " الأمثال في القرآن " لعاطف الزين".
أولا : الجمع بين الحكم والحكمة:
فهذه الخصيصة لها من الأهمية شأن كبير حيث نجد الأمثال القرآنية تجمع في طياتها من الأحكام التشريعية والحكم الرباني التي غالبا ما تعد من مبادئ الإسلام بل قاعدة من قواعد التشريع أو أصلا من أصوله العامة مثل قوله تعالى:" لكل جعلنا منكم شريعة ومنهجا" وقوله تعالى" لا إكراه في الدين" وغيرها من الآيات المعجزة التي تجمع بين الحكم والحكمة وذلك لا يستطيع أحد من الإنسان وحتى الجن، بسوهلة أسلوبه مع امتناعها.
ثانيا : الجمع بين معان متفاوتة كلها صحيحة ومقبولة:
وهذا يأتي لقول من البشر الذين يعجزهم المعنى الواحد أن يعبروا عنه ويلموا بأطرافه، مثله من القرآن الكريم قوله تعالى:" وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين" فقوله تعالى:" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" هو المثل الذي توسط الآية الكريمة وجمع بين الحكمة والأحكام، وبين المعاني الكثيرة التي لا ياباها السياق.
ثالثا: إيجاز اللفظ وإعجاز المعنى:
خذ بذلك مثلا في قوله تعالى:" وأحضرت الأنفس الشح " سورة النساء" آية 128بعد ما قال سبحانه:" والصلح خيرسورة النساء آية 195 وهما كلمتان ذهبتا مثلين وجمعتا بين إيجاز اللفظ وإعجاز المعنى وفائدة الجملة الأولى الترغيب في المصاحلة والثانية: تمهيد الذر في المعاكسة والمشاقة فالشح حاضر في النفوس، مطبوعة عليه فالمرأة تشح ببذل نصيبها وحقها والرجل لا يكاد يجود بالإنفاق وحسن العشرة ولا يصبر أن يقضي عمره مع دمامة وجهها وكبر سنها وسوء حالها ويقول الأستاذ عبد الله الدراز" في هذه النقطة في كتابه القيم " النبأ العظيم القصد في اللفظ " و" الوفاء في حق المعنى" نهايتان كل من حاول أن يجمع بينهما ووقف منها موقف الزوج بين الضرتين لا يستطيع أن يعدل بينهما دون ميل إلى إحداهما فالذي يعمد إلى إدخال لفظه وعدم الإنفاق منه إلا على حد الضرورة لا ينفك من أن يحرف المعنى قليال أو كثيرا.
والذي يعمد إلى الوفاء بحق المعنى وتحليله إلى عناصره وإبراز كل دقائقه بقدر ما يحيط به علمه وما يؤدي إليه إلهامه " لا يجد له بدا من أن يمد في نفسه مدا لأنه لا يجد في القليل من اللفظ ما يشفي صدره ويؤدي عن نفسه كلامه ويذهب بك في الوصول إلى غايته فتحس بقوة نشاط وباعثة إقبالك أخذتين في التضاؤل والاضمحلال.
رابعا: الدقة والواقعية:
رابعا : الدقة والواقعية:
قإن المثل القرآني دائما لا يمثل بالغريب العجيب وإنما بتخيل المحسوسات الموجودة، ويعرضها بأوصاف ثم يصغها في المثال لتكون شاهدا واضحا على ما يريد، هو لا يضع في الممثل به وصفا زائدا أي ناقصا من أجل أن تكون صورته صادقة ملموسة ومن ذلك قوله تعالى:" مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون . سورة العنكبوت آية 41.
مع هذه الدقة والواقعية نرى أن المثل القرآني يترك - عمدا - للمخاطب به أو لمن يقرؤه أو يسمعه بعض الجوانب تستدعي التفكير به وهذا ولا دعوى لإعمال العقل، وقدح زناد الفكر، وهي لا بد أن تؤدي إلى الإيمان الصادق عند من يفكر ويقدر ويتبصر، ذلك كما في مثل قوله تعالى:" مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد" " الأمثال القرآنية سميح عاطف الزين ص : 48-49
يتبع ......
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|