عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 06 / 2013, 37 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

نحن نعيش الحرب الصليبية العاشرة! (3)


نحن نعيش الحرب الصليبية العاشرة!

(3)
عن حديث الشهر
بقلم: أحمد بهاء الدين
مجلة العربي رقم 213 غشت 1976


و لكن هل انتهت القضية، عند هذا التاريخ؟
..كلا، فإننا نعيش صورة جديدة منها في الحاضر.
في فترة ما، ظهرت الإمبراطورية العثمانية التي كانت آخر إمبراطورية ضمت تقريبا كل بلاد المسلمين. و كانت الإمبراطورية العثمانية بالذات غير ما سبقها من إمبراطوريات إسلامية، فقد قامت على الفتح و القهر، و كانت تنظر إلى البلاد الإسلامية نفسها نظرتها إلى "المستعمرات". كانت في الداخل إمبراطورية مستبدة ظالمة مظلمة، لم تساهم في الحضارة الإسلامية بشيء، و لكنها كانت ذات بأس عسكري منظم قوي، فبعد أن فرغت أوروبا من إخراج مملكة الإسلام المتحضرة المزدهرة من اسبانيا غربا، إذا بها تواجه، و بعد هذه الحروب الصليبية كلها، خطر الغزو الإسلامي أو التركي من الشرق، بعبور الأتراك من آسيا إلى أوروبا و احتلال البلقان بأكمله، و الوصول إلى حدود إمبراطوريات روسيا و النمسا و غيرها.
صارت أوروبا أقوى قوة في العالم، هي سيدة المال. و سيدة التجارة، و سيدة الصناعة، و سيدة البحار.
هذه السلسة من الأحداث القريبة، و التي استغرقت في مجموعها ما يقرب من قرن من الزمان، و توجت بدخول لورد اللنبي القدس، و دخول الجنرال غورو دمشق، تكوّن في مجموعها ما يمكن أن نسميه –استنادا إلى التاريخ الذي سردناه- الحرب الصليبية التاسعة. و هي أول حرب تحقق أغراضها كاملة منذ اندحرت آخر ممالك الصليبيين في الشرق قبل ذلك بحوالي ستة قرون..
فالجنرال غورو، حين نطق لسانه بهذه الكلمة و هو يقف أمام قبر صلاح الدين، كان يعرف طبعا أنه جاء غازيا لاستعمار الشرق، و لكن غلب عليه ما تعلمه في المدرسة، و ما وراءه من تراث، فخفق قلبه و نطق لسانه بما طاف بخاطره في تلك اللحظة. و سواء قالها بالمعنى الديني، أو بالمعنى العسكري، أو بالمعنى الحضاري، فلا شك أن العناصر الثلاثة كانت متداخلة و هو يقول هذه الكلمة، و إن تغلب فيها عنصر على آخر.
كانت هناك حركات و انتفاضات. و شبت ثورات شتى في هذا القطر العربي أو ذاك. و لكن كل هذه التحديات و الثورات والانتفاضات لم تغير كثيرا من وضع المستعمرين الإنجليز و الفرنسيين و في خضوع السلطات المحلية لحكمهم.
و شبت حركات التحرر في العالم، و قامت الثورات، و شعرت أوروبا بالنسبة للشرق أن وجودها فيه مهدد بالزوال،
و أن المسألة مسالة وقت..

فهي نفس فكرة إقامة دولة في قلب الشرق تحرس مصالحهم و يمسكون منها بخناق العالم العربي.
لقد ذبحوا اليهود في القدس و منعوهم من الإقامة فيها قبل قرون. و قد اضطهدوا اليهود في بلادهم الأوروبية بشتى أنواع الاضطهاد، و لكنهم الآن صاروا يرون في إقامة دولة يهودية دينية، هدفا أساسيا و ساميا!!
هكذا تضافرت العوامل لبدء الحرب العاشرة..
إننا لم نتحدث عن الحروب الثمانية المسجلة في كتب التاريخ إلا بإيجاز. و قد كان بعضها قصير العمر، و بعضها كان طويلا، استغرق أجيالا، و شمل عدة حروب في حقبة واحدة أو مواجهة متصلة واحدة..
كانت لكل حرب ظروفها و ملابساتها. و هزم العرب فيها جميعا، عدا حرب 1973. و لكن يجمع بينها صفات أخرى كثيرة. فكلها كان بتأييد ساحق –علني أو سري- من الغرب، و كلها كان فيه الخصوم يستفيدون من الخلافات العربية. و كانت كلها تستهدف توسيع رقعة إسرائيل و فرض وجودها على العرب بالقوة.
و آخر معركة من معاركها – إلى الآن – الحرب الأهلية في لبنان..
و لكن الذي لا شك فيه أمران:
الأمر الثاني، أن هناك أيادي أجنبية – إسرائيل؟ أمريكا؟.. قوى أخرى؟ لعبت دورا في إطالة تلك الحرب الأهلية البشعة في لبنان، و أن هناك من تعتمدوا تلوينها باللون الديني، إذكاء للروح الصليبية القديمة في الغرب، و هناك من فكروا في التقسيم، بمنطق ما سبق حدوثه في ظروف سابقة كثيرة و على ضوء نجاح إسرائيل إلى الآن.
و إننى لأسمح لنفسي بأن أقول أنني حين كتبت قبل حرب 1967 – حوالي سنة 1965 تقريبا- أنه لا يوجد حل سحري للصراع و لا معركة واحدة تنهي المشكلة، لأن الصراع ليس مع إسرائيل وحدها، و لكنه صراع حضاري طويل ستتخلله أحداث طويلة و مريرة، وامتحانات سوف ننجح أو نرسب فيها..
هذا على الأقل هو فهمي للقضية الفلسطينية.
فلو كانت البلاد العربية متفاهمة، لما حدث ما حدث في لبنان. و لو تعلمت أنها إذا اختلفت فهناك لحظات يتجمعون فيها خارج خلافاتهم لما حدث ما حدث في لبنان.
و لكن الدواء "المنبه" في هذه الأمور، خير من الدواء "المنوم" على أي حال!

أحمد بهاء الدين

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس