04 / 05 / 2014, 54 : 07 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
سيكولوجية الخداع اليهودي
[align=justify]سيكولوجية الخداع اليهودي
بعض العرب يقيمون علاقات من نوع ما مع " إسرائيل" وبعضهم مدعو لإقامة مثل هذه العلاقات، أما البقية من العرب فهي مدعوة لتسوية مشروطة لإقامة مثل هذه العلاقات.
على المستوى الأكاديمي لا توجد خانات خاصة بتسجيل المواقف السياسية الشخصية فهذا التسجيل ينتمي إلى المستوى السياسي.
لذلك فان التناول الأكاديمي لهذه العلاقات يقتصر على مجالات تحليلها ومحاولة استقرائها على ضوء التجارب التاريخية وأيضا التبصر بدينامية هذه العلاقات ومحاولة استبصار مستقبلها.
انطلاقا من هذا الالتزام نجد أن بداية التحليل يجب أن تستند إلى نظرية الاستقراء التاريخي لعلاقة اليهود بالآخر وتبين السمات السلوكية والشخصية الجمعية ـ اليهوديةـ التي قادت هذه العلاقة وتحكمت فيها عبر التاريخ وعبر الأمكنة حيث نجد أن الذل والخنوع هما الطابع الأساسي المميز للشخصية اليهودية عبر قرون، ثم جاءت المذابح النازية لتعلن أن الأرض لا تتسع لليهود حتى ولو قبلوا عشية الخنوع والذل وذلك بسبب ميلهم الفطري للتآمر والخيانة والاحتيال حتى أنك لتتساءل كيف أتيح لهذا (الشعب) الذليل أن يتحول من وضعية الضحية إلى وضعية الجلاد وممارسته لوظيفة الجلاد دون أدنى رحمة؟(2)
البعض يعتبر ذلك نوعا من قيام الضحية بتقليد جلادها، والبعض يعتقد أنها محاولة انتقام تعويضية تجعل الضحية عاجزة عن امتلاك مشاعر الأمان ما لم تمارس العدوان ومهما يكن فأننا وباختصار شديد يمكننا تحديد النمط السلوكي اليهودي ومتغيراته عبر مراحل محددة نشرحها في هذه الدراسة.
1 ـ النمط السلوكي اليهودي
أن المتابعة التاريخية لعلاقة اليهود مع الأمم الأخرى تقودنا إلى تقسيم هذه العلاقات إلى مراحل زمنية لها طابع التكرار القهري(compulsive) وهذه المراحل هي:
أ ـ المرحلة الأولى: وخلالها يحسن اليهود عرض خدماتهم وإبراز المكاسب التي يمكنهم مساعدة الآخر على تحقيقها، مع التلميح لاحتكارهم للفرص ولملكيتهم لأفضلها وفي هذا التصرف سلوك غواية وإغراء ملحوظ بوضوح حتى في إطار العلاقات الشخصية لليهودي، وبطبيعة الحال فان الآخر إذا قبل الأغراء فانه سيقبل معه تسديد بدل هذا الإغراء والخدمات المرافقة له.(3)
وأسلوب الصد والرفض غالبا ما يفشل لان اليهودي لا ييأس من تكرار المحاولة ولا يعتمد سلوك الحرد (الاحتجاجي) لأنه يدرك أن هذه هي وسيلته لإقامة علاقة مع الآخر. فإقامة علاقة طبيعية، وغير إغمائية وتآمري مع الآخر يعني الاعتراف به أي بالغيار وهذا يخالف النواميس اليهودية. كما أن التجربة اليهودية تشير إلى أن إقامة علاقة طبيعية مع الآخر تفقد اليهودي مناعته العنصرية وتدفعه للذوبان بالآخر. وبناء عليه فان العلاقة الطبيعية مع الآخر مرفوضة بصورة مبدئية ومستبدلة حكما بعلاقة تواطؤ ـ تآمر.(4)
والموضوعية التاريخية هنا تفرض علينا تبيان واقعية ذوبان معظم اليهود في علاقات طبيعية مما يعني خروج معظم اليهود من اليهودية إلى أديان ومعتقدات أخرى. ولهذا السبب فان الأعداد الباقية من يهود العالم هي أعداد ضئيلة بالمقارنة مع الأعداد المفترضة لولا الذوبان اليهودي.(راجع موسوعة عبدالوهاب المسيري بهذا الشأن).
ب ـ المرحلة الثانية: وهي مرحلة الالتفاف حيث يدخل اليهود في مساومة مستمرة مع الآخرين بهدف زيادة حصتهم وتحسين مكاسبهم. وتتحول هذه المساومة بصورة تدريجية إلي الابتزاز. ويكشف اليهود قناعهم ليبدأوا بممارسة لعبة السيد والعبد (انطلاقا من قناعتهم بكونهم شعب الله المختار) وتتكشف للآخر الحقيقة غير الطبيعية للعلاقة. في حين يمنعه التورط من وضع الحدود لها. لكن ذلك لا يمنع انتظاره للحظة المناسبة للخلاص من هذه العلاقة ـ الورطة.
ج ـ المرحلة الثالثة: وهي مرحلة انتهاء العلاقة، ونهايات علاقات اليهود مع الآخر، على اختلاف سيناريوهاتها، هي نهايات غير طبيعية تثبت عدم طبيعية العلاقة بمختلف مراحلها. وهذا النمط السلوكي لا ينطبق فقط على الجماعات اليهودية بل هو ينطبق على الأفراد (بما يدعم هذا التشخيص ويجعله غير قابل للنقاش) وحسبنا التذكير في هذا المجال بصورة المرابي وهي صورة شديدة الواقعية للشخصية اليهودية عبر تاريخها.
وعليه يمكننا أن نقترح هذا النمط السلوكي كهيكلية للعصاب اليهودي الجماعي وهو عصاب يقدم التفسير المنطقي (يعقل) للمذابح اليهودية المتتالية عبر التاريخ اليهودي.
2 ـ شائعة اسمها "التطبيع"
تعتمد نظرية الاستقراء التاريخي، لدى تطبيقها في مجال المستقبليات. على مبدأ الرهنية، الذي يقتضي اخذ متغيرات الراهن في الحسبان للوصول إلى توقع اكثر دقة حول الطريقة أو النمط الذي سيتكرر الحدث عبره. ولعل ابرز المتغيرات الراهنة هي أن اليهود لم يعودوا اقليات تحتجز نفسها في حارة اليهود (الغيتو) بحيث تتوزع مصالحها بحسب أجواء وظروف المجتمعات التي تقع فيها الحارة. فقد تجمعت هذه الاقليات في دولة دعيت “إسرائيل". وبالتالي فان الراهن مختلف عن الماضي في نواح عديدة، أهمها أن يهود "إسرائيل" باتوا يملكون قوة عملية لمواجهة عقدة المذبحة. فتطور هذه العقدة وامراضيتها الخطرة جعلتا اليهود لا يكتفون بملكية لقوة، والمبالغة في أدواتها، بل تخطو ذلك إلى سلوك عدواني قهري يجعلهم عاجزين عن الشعور بالأمان ما لم يؤكدوا قدرتهم على الاعتداء على الآخر.
من هنا كانت القيادة “الإسرائيلية مجبرة على ارتكاب أخطاء استراتيجية عديدة تحت ضغط الجمهور المذعور الذي لا تكمن طمأنته إلا عبر إثبات القدرة “الإسرائيلية" على العدوان. حتى بات بالإمكان الحديث عن تطور عقدة المذابح إلى جنون الاضطهاد ونتوقف هنا للاستشهاد بأقوال مؤسس التحليل النفسي (وهو فرويد اليهودي) الداعمة لتشخيص جنون الاضطهاد والمؤكد بان هذا الجنون، مع ما يصاحبه من هذاء العظمة المرضي موجود في صلب الشخصية اليهودية. بما يجعل من المذابح اليهودية والاعتداءات “الإسرائيلية نتيجة لهذا الجنون وليس سببا له. إذ يقول فرويد في كتابه "موسى والتوحيد" والنص الحرفي ما يلي:
… انه لما يبعث على دهشة اكبر أيضا أن نرى الإله اليهودي (يختار) لنفسه على حين بغتة شعبا من الشعوب ليجعله "شعبنا المختار" ويعلن انه ألهه، وهذه واقعة غريبة في تاريخ الأديان الإنسانية…(ص61).
… لقد كانت الشروط السياسية تتنافى مع تحول الإله القومي (اليهودي) إلى اله كوني (لكل البشر) فمن أين تأتي لهذا الشعب الصغير البائس والعاجز صلف الادعاء بأنه الابن الحبيب للرب؟ … (ص 92).
… لقد كان لنسبة دين يهوه الجديد إلى الأباء الأوائل هدف انتحال هؤلاء الأباء الذين عاشوا في كنعان وارتبطت ذكراها ببعض الأمكنة في البلاد. ولعلهم كانوا أبطالا كنعانين أو آلهة محليين انتحلهم اليهود المهاجرون ليدمجوهم بتاريخهم القديم، بما يعادل إشهار ارتباط اليهود بالأرض (زورا) واتقاء للكراهية التي تلاحق المستعمرين. وبفضل هذه المناورة البارعة (أي الاحتيال التاريخي) ساد الادعاء القائل بان كل ما فعله يهوه هو انه أعاد إلى اليهود ما كان ذات يوم ملكا لأسلافهم!…(ص 63).
وهكذا فأننا إذ نقبل ربط جنون الاضطهاد (البارانويا) اليهودي بالمذابح اليهودية فإننا نقدم تنازلا لا يقبل به فرويد اليهودي، ومع ذلك نقبل هذا الربط حتى نتجنب ثقل الراهن الذي يجعل تهمة "معاداة اليهود" جاهزة لكل من يحاول رد الحوار مع اليهود إلى العقلانية(5). وبطبيعة الحال فأننا لا نخشى هذه التهمة إلا أننا نريد تجنب الجدل الجاهز الذي يحيد بأية مناقشة من هذا النوع عن العقلانية. مهما يكن فان تكرار دورة التاريخ اليهودي راهنا لا بد لها من أن تأخذ في حسبانها أن اليهودي لم يعد يقيم علاقته مع الآخر انطلاقا من الغيتو ومن موقع الانتماء لاقلية.(وهو يفرض عليه التنازلات ويجعله اقل تهورا واكثر تحسبا للمستقبل. وهي أمور تجعله اقل عدوانية ظاهرية وبالتالي فأنها تجعله اكثر ميلاد لاعتماد السلوك الاحتيالي). فاليهودي المعاصر يتعامل مع الآخر انطلاقا من انتمائه لدولة تحظى باعتراف المجتمع الدولي. وهذه الدولة جاهزة لاحتضانه متى يشاء لمجرد كونه يهوديا. بل أن هذه الدولة تعرض للملاحقة القانونية في أي بلد من بلدان العالمي. حتى لو كان هذا البلد هو الولايات المتحدة نفسها. وهكذا فان تحول اليهودي إلى “إسرائيلي (سواء حمل الهوية “ الإسرائيلية ” أم لا) جعله يطلق العنان لعدوانيته المكبوتة واصبح اقل ميلا لاعتماد السلوك الاحتيالي واستعاض عنه بالسلوك العدواني سواء على الصعيد الفردي او الجماعي. وهذه الجرعة الإضافية من العدوانية تجعل اليهودي عازفا ومتمنعا عن التنازل أمام الاغيار (الغوييم) لدرجة معاملتهم بصورة طبيعية (أي كأنداد). وهذا يعني أن ما اصطلح على تسميته بالتطبيع هو مجرد شائعة كاذبة لا سند لها سوى أحابيل الاحتيال “الإسرائيلي. لكن ماذا عن النمط السلوكي “الإسرائيلي ؟
3ـ النمط السلوكي “الاسرائيلي”
وفي عودة إلى "التطبيع" نجد انه يمثل النمط السلوكي “ الإسرائيلي (بديل النمط اليهودي). وبمطابقته مع الراهن السياسي (تحول اليهود من مجموعة اقليات إلى دولة) نجد تبدلا في بعض تفاصيل مراحله، بحيث تصبح هذه المراحل كالتالي:
أ ـ المرحلة الأولى: تركز “إسرائيل محاولاتها لإغواء العرب بالدعوة إلى الجمع بين التكنولوجيا والعصرنة “الإسرائيلية وبين رؤوس أموال العرب الأغنياء وبين الأيدي العاملة الرخيصة للعرب الفقراء.
وفي هذه الصيغة تطرح "إسرائيل" اتحادا شرق أوسطيا (تختلف التسميات باختلاف السيناريوهات) بينها وبين العرب. وتؤكد بالإيحاء وبالطرق المباشرة على المكاسب التي سيجنيها العرب من مثل هذا الاتحاد. الذي يؤمن استثمارات مربحة للعرب الأغنياء وحياة اكثر رفاهية للعرب الفقراء. أما حصة “إسرائيل فأنها ستكون (بحسب هذا الطرح الاغوائي) اقل بما لا يقاس مع ما يدفعه العرب حاليا كثمن لاستيراد الخبرات التكنولوجية والتكنولوجيا من مصادر أخري!. بعض العرب وقع في هذا الأغراء لدرجة اقتنع معها بان “إسرائيل تقدم للعرب فرصة النهوض وهي فرصة غير قابلة للتعويض! بل ربما كانت الصيغة الاتحادية “الإسرائيلية هي الصيغة المنطقية الوحيدة لتحقيق تعاون عربي فعلي يتخطى التناقضات العربية الراهنة! ولا داعي للتذكير بان إمبراطورية الإعلام الأميركي (واليهودي منه خاصة) تدعم هذه الإيحاءات وتغذيها.
ولكننا نقف لنسأل: هل تعني هذه الصيغة اعترافا بالعرب كآخر؟ وبمعنى أدق هل “إسرائيل ويهودها مستعدون للتعامل مع العرب كبشر متساوين معهم في الحقوق والواجبات؟ فهذا الاستعداد شرط لا يمكن تجاوزه لاعتبار العلاقة طبيعية. وإسرائيل عاجزة عن تحقيق هذا الشرط لأنه يتناقض مع مبادئ الديانة اليهودية. فتطبيقه يعني التخلي عن أسطورة "شعب الله المختار". ومن حقنا التأكيد على عجز أي زعيم أو حزب أو جماعة “إسرائيلية عن تنفيذ هذا الشرط. وذلك بشهادة التاريخ اليهودي وبدليل اغتيال رابين وهو على بعد عقود زمنية من الخضوع لمثل هذا الشرط.
وبهذا يتأكد لنا أن مصطلح "التطبيع" هو مجرد شائعة “إسرائيلية الصنع وأميركية التسويق. والواقع إن لهذا المصطلح مفهوما ما خلف لغوي (Meta Linguististique) وهو إقامة شراكة مصالح بين “الاسرائيليين” والعرب، وهي شراكة لا يمكنها أن تختلف عن مبادئ الشراكة في النمط السلوكي اليهودي المشروح أعلاه. ولكن ماذا عن المرحلة التالية؟ أو بمعنى اليهودي المشروح أعلاه. ولكن ماذا عن المرحلة التالية؟ أو بمعنى أخر ما هي التصورات “الإسرائيلية للمرحلة التالية لما تسميه بالتطبيع؟
ب ـ المرحلة الثانية: وتمثل دينامية التطور المستقبلية للشراكة العربية “الإسرائيلية. وفيها أن تفوق العرب من حيث الثروة والعدد يجعل “إسرائيل في وضعية الشريك الأضعف الذي يطالب بضمان حقوقه، حيث بدأت ملامح هذه المرحلة بإعلان “اسرائيل” الرسمي (عممته وسائل الإعلام العالمية) عن خوفها من التحول إلى مجرد سوبر ماركت عربي!. وعلى هذا الأساس فأنها تطالب بجملة ضمانات أهمها الإصرار الحفاظ على التفوق العسكري “الإسرائيلي والاستمرار في رفضها التوقيع على معاهدة الأسلحة النووية ونكرانها ملكية أسلحة الدمار الشامل. كما أن ادعاء الخوف هذا يتيح لـ”اسرائيل” أن تظهر مرونة (كاذبة) أثناء المفاوضات ثم تتراجع عنها تحت ضغط الرأي العام “الاسرائيلي” المذعور! وهكذا تتمكن “اسرائيل” من تحويل أية مفاوضات تخوضها إلى مجرد عملية احتيال قوامها إطلاق وعود خيالية لا تلتزم بتنفيذها ولكنها تلتزم بالاستفادة من التنازلات العربية التي تقدم مقابل تلك الوعود!
ومع ذلك نجد أن الولايات المتحدة تضغط على كافة الأطراف العربية، وتضعها تحت وطأة الحصار الاقتصادي متعدد الدرجات، للموافقة على الشروط “الإسرائيلية اللامعقولة، وبعض العرب استجاب لهذه الضغوطات فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة كانت متابعة “إسرائيل لمراحل النمط السلوكي اليهودي. وهي متابعة سجلت في نطاقها الخطوات التالية:
1ـ مطالبة “إسرائيل بحقوق اليهود في الدول العربية مع تجاهل كلي للعدوانية المجرمة التي مارسها هؤلاء اليهود بحق مجتمعاتهم ولصالح الدولة اليهودية، وذلك بحجة أن الصراع العربي ـ “الاسرائيلي” يبرر هذه العدوانية!(6)
2ـ إعادة إحياء حارات اليهود في الدول العربية لاعادة تصدير بعضهم لخلق مواقع نفوذ “اسرائيلي” متقدمة داخل هذه الدول، وأيضا للخلاص من بعض اليهود الشرقيين المطالبين بحقوقهم.
3ـ محاولة “إسرائيل لعب دور الوسيط ـ الحكم في التناقضات والخلافات العربية ـ العربية وهذا ما أعلنه رابين صراحة عندما دعا إلى استبدال تسمية الجامعة العربية بالشرق أوسطية والى قبول “اسرائيل” عضوا فيها. ومن مراحل هذا الدور:
أ ـ الوساطة بين العرب الاغنياء واولئك الفقراء(7). عن طريق أغراء الأغنياء بتمهيد الطريق لهم لدخول نادي الدول الرأسمالية (يقوم اليمين “الاسرائيلي” بهذا الدور)، وذلك مقابل احتضان وتحريض العرب الفقراء (يقوم بها اليسار “الاسرائيلي”). وتوزيع الأدوار هذا يقدم الإجابة على الفرضية الساذجة القائلة بان السلام مع العرب يؤدي بإسرائيل إلى فقدان العدو بما يفتح أبواب الصراع اليهودي ـ اليهودي ويفجر تناقضات الداخل “الإسرائيلي.
ب ـ إقامة علاقات منفردة مع كل قطر عربي على حدة، وتقديم خدمات تواطؤية ـ تآمرية خاصة لكل قطر من هذه الأقطار وابتزازها كل على حدة. حيث لم تنتظر “إسرائيل نهاية المفاوضات لممارسة هذه السياسية الاستفرادية، بل هي أصرت على استفراد العرب أثناء المفاوضات. إذ رفضت الاستمرار فيها إلا بعد تحقيق هذا الاستفراد الذي تدفع ثمنه حاليا الجهات العربية التي تسابقت للحصول على جنة الشراكة مع “اسرائيل” فحصدت الأوهام والابتزاز(8).
ج ـ تفجير مشاكل الاقليات العربية وإدخالها في متاهات التجاذب مع الأقطار التي تنتمي إليها. بحيث تتحول هذه الاقليات إلى أوراق ضغط “إسرائيلية. وذلك بحيث تمنع “إسرائيل هذه الاقليات من التكامل في تجمعاتها (بتغذية نعراتها) وكذلك بعدم تقديم الدعم الكافي لها كي تصل لأهدافها او لحلول مقبولة مع سلطات بلادها. ولعل مراجعة بسيطة للمسألة الكردية من شانها أن تفضح أمامنا إمكانيات استغلال الاقليات والتضحية بها عند الضرورة بحيث تصبح عاجزة عن اعتناق المواطنية الكاملة وعن التمسك بخصوصيتها، وهذا ما يحول شعوب هذه الاقليات إلى لاجئين ومهاجرين عاجزين عن العيش في ظروف طبيعية في أرضهم.
وقد يتساءل سائل ماذا عن المرحلة الثالثة (أي نهاية العلاقات العربية ـ “الاسرائيلية”)؟. في رأينا الشخصي أننا لن نصل إلى هذه المرحلة لان شعوبا أخرى سوف تبلغ هذه المرحلة قبل العرب. وهذه الشعوب هي التي ستتولى حل المعضلة “الإسرائيلية. وحسبنا هنا التذكير بمثال الميليشيات الأميركية البيضاء، المسؤولة عن انفجار اوكلاهوما، التي فضحت وسائل الاستغلال اليهودي ـ “الاسرائيلي” للولايات المتحدة. وتدعو هذه الميليشيات للخلاص من اليهود وتنظيف البلاد منهم، بل أنها ترى في تساهل الحكومة الفيدرالية مع اليهود نوعا من الخيانة الذي يدفع بهذه الميليشيات إلى معارضة الحكومة بالقوة المسلحة(9).
4ـ التطبيع والمطبعين
إن حلم الزواج بين القدرات العربية والتكنولوجيا “الاسرائيلية” هو حلم الزواج بدراكولا او بالساحرة العجوز الشريرة (بعد ان سحرت نفسها فتنكرت بشكل فتاة جميلة). إلا أن من يستوعب النمط السلوكي اليهودي (ومن يملك القدرة على طرح السؤال عن سبب ذبح اليهود عبر التاريخ وأيضا من تعامل مع تجمعات يهودية يمكنه أن يكتشف خداع هذا الحلم وعدم مصداقيته.
أما الذين ينساقون وراء حلم التطبيع (ويقعون ضحية السيناريوهات المصنعة له)، ويحتاجون إلى الوقت الكافي لاكتشاف كونه كابوسا مزعجا. إلى هؤلاء نجد من الضروري أن نوجه لهم هذه التحذيرات:
1ـ لقد نجحنا في تعطيل مشروع “إسرائيل الحلم بالتحول إلى دولة اقتصادية كبرى ومؤثرة، وبالرغم من هزائمنا المتكررة فقد كسبنا معركة إبقاء “اسرائيل” دولة تعتمد على المساعدات. فهل نمكنها من تحقيق حلمها عن طريق التطبيع بحيث تحصل عبره على ما لم تستطع الحصول عليه عبر عدوانيتها وحروبها؟
2ـ أن الاتحاد الشرق أوسطي المطروح (كتكتل اقتصادي) يتخذ من الاتحاد الأوربي نموذجا له. فهلا لاحظ المطبعون أن هذا الاتحاد قد دفن في حلف الناتو (تعد تغييرات استراتيجية الحلف متناقضة تماما مع مبادئ الاتحاد، وكانت حرب كوسوفو المثال العملي ـ التجريبي السابق لإقرار هذه التغييرات). لذلك على المطبيعن أن يدركوا أن تكتلهم هو بدوره وهم من الأوهام.
3ـ تمتد “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، أي في منطقة فقراء العرب. وهي منطقة الشامل التاريخي التي تم إفقارها بصورة اصطناعية ـ كاريكاتورية مضحكة باكية. إذ تكللت عمليات الإفقار هذه بالحصار الاقتصادي المفروض على دول هذه المنطقة. عداك عن الإحباط المعنوي الناجم عن الضغوطات الأميركية على سكان الشام لدفعهم قهرا لركوب قطار السلام الأميركي. وهي تعمل منذ فترة على تعميق التناقضات بين فقراء العرب وأغنيائهم. فهل يكون هذا الجهد “الإسرائيلي باتجاه إقناع العرب الواقعين خارج حدود “اسرائيل” الكبرى بالحياد وترك هذه الدول كي تلقى مصيرها؟
أن هذا الإيحاء “الإسرائيلي سيكون مكلفا لمن يقبله لان له ثمنا تاريخيا مكلفا وممتدا لاتصاله بمسؤولية القدس الشريف وهي مسألة لا يمكن للزمن سوى أن يزيدها تعقيدا(11).
4ـ أن “إسرائيل ترفض السلام رفضا قاطعا ونهائيا وجل ما يمكن قبولها به هو تسوية سلمية مؤقتة. وهذا الرفض هو من صميم الديانة اليهودية ومن أساسيات معتقداتها. وعليه فإذا تجاوز المطبعون مبدأ اعتبارهم اغيارا (واحتقارهم على هذا الأساس) فانهم لن يستطيعوا تجاوز احتمالات نقض “اسرائيل” للتسوية ومعاودتها العدوان. ويكفي أن يتصور المطبعون الثمن الذي يتوجب عليهم أن يدفعوه لو تمكنت “إسرائيل من الإفلات من السيطرة الأمريكية؟. عندها ستتحول من قاعدة استراتيجية ـ أمريكية إلى دولة ذات نفوذ وصاحبة مصالح. وليجرب المطبعون دعوة “إسرائيل لتوقيع معاهدة عدم اعتداء لحمايتهم في حال نجاتهم من غول التطبيع “الاسرائيلي”.
على شعوب هذه المنطقة أن تدرك عجز اليهودي عن الاعتراف بالآخر ورفضه العيش بسلام معه، ناهيك عن إقامة علاقات إنسانية (طبيعية) معه، وهذا العجز مرده إلى تعاليم الديانة اليهودية. ولك ما عدا ذلك أوهام.
بعد ما عرضناه أعلاه حول خدعة التطبيع “الاسرائيلية” من الوجهة السيكولوجية لا بد لنا من إعطاء بعض أل أمثلة على الأسلوب “الاسرائيلي” المتبع لتمرير هذه الخدعة. وهذا العرض وان كان عاجزا عن الإحاطة بكافة جوانب أسلوب الخداع التطبيعي فحسبه انه ينير بعضا من جوانبه.
أول هذه الجوانب هو العمل على إعادة تصدير اليهود العرب مع المطالبة بتعويضات باسم من يرفض منهم هذه العودة. وكنا قد حذرنا من هذه الخدعة في كتابنا "سيكولوجية السياسة العربية". فاليهود الأوروبيون (الاشكيناز) لم يستوردوا اليهود العرب ليشاركوهم في “اسرائيل”. بل استوردوهم بصفتهم يد عاملة رخيصة وآمنة. لكن تنامي نفوذهم مع الوقت جعل منهم عبئا على “اسرائيل”. ونظرا للثقة في عدائهم للعرب فان “إسرائيل تجد في إعادة تصديرهم إلى البلدان العربية والشرقية التي قدموا منها حلا مقبولا لازمة الهوية الضاغطة على الدولة العبرية. من جهتنا فأننا لا نشك لحدة بان عودة هؤلاء هي استئناف لدورهم المخرب الذي لعبوه ضد العرب وخدمة للصهيونية قبل قيام “إسرائيل. مما يتطلب منا مراجعة تفاصيل هذا التخريب وأساليبه. وأيضا ضرورة توثيقه لمواجهة مطالب التعويضات “الإسرائيلية.
في المقابل نجد رؤية مخالفة لدى بعض المثقفين العرب ممن يرون بان نفاد الخزان البشري اليهودي يجعل “اسرائيل” حساسة أمام أية هجرة إلى خارجها مهما كان أصول المهاجرين. إلا أننا نصر على معارضة هذه النظرة مع التنبيه إلى أن خطر الهجرة الحقيقي هو الهجرة باتجاه الولايات المتحدة وليس باتجاه الدول العربية.
أما ثانية الخدع التطبيعية التي نعرض لها فتمكن في تزوير الدراسات الاجتماعية التي نعطي عليها مثالا دراسة أجرتها صحيفة "يديعوت احرونوت" التي وجدت اتفاقا على النفور من المستوطنين بين التلامذة العرب واليهود. وكأن هذا الاتفاق هو البرهان على التكامل والانصهار في البوتقة “الإسرائيلية!. وهذه مجرد مثال على المخالفات الصريحة للمنطق التي ترتكبها “إسرائيل لتمرير خداعها.
أما ثالثة الأثافي فهي الشروط المبطنة التي تطرحها “إسرائيل تحت شعار تعويض قصورها الاقتصادي كونها تعتمد على المعونات. وهي تجد تعويض ذلك في الحصول على إذن خاص وغض نظر أميركي ودولي يسمح لها بالقرصنة. حيث نستشهد بكتاب من تأليف مسؤول سابق في الموساد "جواسيس جدعون" يبين فيه المؤلف مظاهر القرصنة “الاسرائيلية”.
ونأتي إلى الحيلة الرابعة وهي عمل “إسرائيل على استغلال الاقليات. وهو استغلال مدعوم بقانون الاقليات الأميركي وبالحملات الأميركية الشرسة لتحريك الاقليات. والغريب أن الأقلية الكردية التي كانت من أوائل ضحايا المطالبة بحقوق الاقليات لم تستوعب لغاية الآن الأضرار اللاحقة بها من جراء هذه اللعبة الأميركية! فكيف لنا أن نطلب من الاقليات الأخرى وعي هذا الفخ والانتباه إلى عواقبه الوخيمة. حيث توجت الولايات المتحدة دعمها للأكراد بتسليمها لاوجلان إلى الحكومة التركية!. وذلك بعد نجاحها في تفجير التناقضات الكردية. والتأسيس لحرب أهلية كردية تنتظر الأوامر الأميركية كي تندلع. وكانت حصة “اسرائيل” من هذه الصفقة بعض اليهود الأكراد الذين تخلوا عن قوميتهم مقابل يهوديتهم. دون أن يثير هذا التخلي انتباه بقية الأكراد إلى تفاصيل اللعبة التي يدفعون ثمنها من أرواحهم.
ولقد اخترنا من محاولات اختراق الاقليات من قبل “إسرائيل تلك التي تهدف لاستقطاب الشواذ إلى “إسرائيل بوصفها الدولة الأكثر تسامحا معهم. وهكذا نجد أن “اسرائيل” اختارت أن تبدأ اختراقها للمجتمع العربي عبر الفئات المرشحة لعدائه. وهي فئة الشواذ وفئة المدمنين على المخدرات. إذ بدأت بزراعتها في الكيبوتزات ودخلت شريكا في تجارتها الشرق أوسطية.
يتبع[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|