وَ مَاذَا بَعْدُ يَا قَابِيْلُ
وَ مَاذَا بَعْدُ يَا عُرْبٌ
وَ قَد صِرْنَا إلَى عَبَثٍ
مَتَى يَشْدُو رَبِيعُ الكَونِ أَوْطَانَا
وَ قَدْ صَارَتْ بِلاَدُ الْعُرْبِ وَاهِيَةً
هُمُ الأَعْدَاءُ قَد عَصَفُوا بِنَا جَهْرًا
سَبُوا أَمْنًا ، وَ سِلْمًا دَامَ فِي وَطَنٍ
هُرَاءٌ سَاقَنَا أَسْرَى إلَى حَتْفٍ
وَ كَمْ مِنْ حَاكِمٍ عَمْدًا قَتَلْنَاهُ
وَ كَم حَصَدَتْ ذِئَابُ الْغَدرِ أَرْوَاحَا
لِأطفَالٍ وَ خِلَّانٍ ، وَ جِيِرَانٍ
وَ أَفْنَى الْبَطْشُ عِشْقًا زَانَ أَحْبَابَا
وَكَمْ فِي القَلبِ مِنْ أَلَمِ
فَلا زَهْرٌ شَذَانَا ، أَو رَبَيْعٌ قَد أَتَى بِالأُمْنِيَاتِ لَنَا
وَ قَد كَانتْ زُهُورُ الحُبِّ أَلْوَانا
فَصَارَتْ كُلَّهَا حَمْرَاءَ قَانِيَةً
سَقَوْهَا مِنْ دَمٍ طُهْرٍ لِقَتْلاَنَا
دِمَاءٌ قَد رَوَتْ أرْضًا ، وَ أشْجَارًا ، وَ أَحْزَانَا
رَكَبْنَا الوَهْمَ مَصْيَدَةً
بِلَادُ العُرْبِ قَد سَقَطَتْ
بِبَحْرٍ دُونَ شُطْآنٍ وَ فِي أَعْمَاقِهِ غَرْقَى
فَهَلْ نَأسُو عَلَى أَمْسٍ ذَوَى ، أَمْ حَاضِرًا نَنْعَى ؟
وَ َأَعْيَادٌ تَجِئُ بِشَدْوِهَا ، وَ تَرُوحُ بِاكِيَةً
فَهَلْ دَامَ الخَرِيفُ عَلَى رُبَانَا كَالرَّدَى قَسْرًا
وَ قَد شَاقَ الرُّبَا نَوْحُ الطُّيُورِ بِهِا
سَقَاهَا الدَّمْعُ أَحْزَانَا
فَكَيفَ الحُبُّ يَجْمَعُنَا
وَ مَاذَا بَعْدُ َيَا عُرْبٌ
زَمَانٌ بِاحْتِدَاءٍ ، وَ الْتَقَى الفَوْضَى
وَ لَيلٌ خَافَ منْهُ البَدرُ حِينَ سَجَى
أُنَاسٌ فِي تَلَاحٍ ، قَد بَدَوا حَمْقَى
وَ قَد رَقَصَتْ عَلَى الأَوْجَاعِ أَقْوَامٌ
مَيَادِينٌ ، مَيَادِينٌ !
هُتَافَاتٌ ، هُتَافَاتٌ !
طُبُولٌ قَد دَوَتْ بِشْرًا
شِعَارَاتٌ ، وَ أَعَلاَمٌ !
وَ صَارَ الْجَمْعُ أَبْطَالَا ، وَ فُرْسَانَا !
وَ سَيْفُ القَومِ مِنْ خَشَبٍ !
مَضَتْ سِتُونَ عِامًا ، أَو يَزِيدُ وَ نَحْنُ فِي عَبَثٍ
وَ عِيْدٌ دُونَ أَفْعَالٍ
فَلَا قُدْسٌ أَعَدْنَاهَا
وَ لَا أَقْصَى فَدَيْنَاهُ
حُقُولُ الكَرْمِ وَ الزَّيتُونِ شَاحِبَةٌ
فَمَاذَا قَدْ دَهَاكُمْ يَا لُيُوثَ الأَرْضِ مِنْ زَمَنٍ
وَ نَحْنَ الْآنَ أشْبَاحٌ ، وَ أَطْيَافٌ
يُقَاتِلُ بَعْضُنَا بَعْضًا
سَرَابٌ قَد دَهَى ظَّمْأَى بِوَادٍ تَاهَ حَادِيْهَا
وَ قَد صَارَت هَوَامُ الْكَونِ تُفْزُعِنَا
تُسَائِلُنَا القُبُورُ أمَا تَعِبْتُمْ مِن عَوِيلٍ شَقَّ أَجْبَالٍ
وَ شَاقَ الأَرْضَ مَوْتَانَا
وَ قَد حَزِنَ البَرَى لَمَّا غَشَى أَشْلاءَ قَتْلانَا
فَكَمْ نَفْسٍ هُنَالَكَ تَحْتَ أَنْقَاضٍ
وَ َهَلْ صِرنَا كَقَابِيْلَ اعْتَدَى غَدْرًا عَلَى هَابِيْلَ مِنْ حَسَدٍ
وَ هَلْ بِتْنَا كَإِخْوَةِ يُوسُفَ ، الأَحْقَادُ تَرْمِيْنَا
وَ يَا وَطَنَ الْعُرُوبَةِ سَوفَ نَمْضِي ،
فِي إِبَاءٍ مِثْلَ أَيَّامٍ خَوَالٍ ، رَغْمَ أَعْدَاءٍ
وَ نَنْسَى بِالْرَّضَا عَبَرَاتِ أَحْزَانٍ
سَنُسْعِدُ مُهْجَةً ، وَ نَبِرُّ عَهْدًا بِالحِمَى دَوْمًا
وَ فَوقَ دِيَارِنَا الأَطْيَارُ تَشْدُو لِلْمُنَى وَ سَمَاؤُهَا تَزْهِي
فَإِنَّا قَدْ دَعَوْنَا مِثْلَ (ذِي النُّونِ )
دَعَونَا وَاحِدًا ، أَحَدًا
شعر : عصام كمال ( مراد الساعي )