الدعم الأمريكي لدولة الإحتلال الصهيوني، موت العم سام
[align=justify]الدعم الامريكي لدولة الإحتلال الصهيوني، موت العم سام
من الغفلة بمكان أن يظن البعض بإمكانية سماح الولايات المتحدة لدولة الإحتلال الصهيوني بتأمين استقلاليتها الاقتصادية. وبالتالي خروجها من دائرة التبعية الأميركية. ومن التغفيل الظن أن دولة الإحتلال الصهيوني مستعدة لاستفزاز الأميركيين لهذه الطريقة المعلنة للعقوق. إذ إن الثمن المباشر لهذا العقوق سيكون إنهاء الدور الوظيفي لدولة الإحتلال الصهيوني بإيجاد بديل لها. وبالتالي الانسحاب الأميركي من تأمين حمايتها واستمراريتها.
بعضهم يقصر المعونات الأميركية لدولة الإحتلال الصهيوني على الدعم المباشر المعلن المقدر بأربعة مليارات دولار سنوياً. وفي هذا القصر اختزال تبسيطي يلامس الجهل ويتخطى الغفلة. إذ تعتمد الولايات المتحدة مبدأ دعم الأصدقاء عبر ما تسميه ب "الدولة الأولى بالرعاية". وما من شك أن دولة الإحتلال الصهيوني هي أولى أوائل الدول المشمولة بالرعاية الأميركية. حتى أن واحداً من أهم الاستراتيجيين والساسة الإسرائيليين، هو يوسي بيلين، يخصص كتابه "موت العم الأميركي" (1998) لطرح سؤال:
ماذا يحدث لدولة الإحتلال الصهيوني لو تخلى عنها العم الأميركي (يهود أميركا)؟
ويجيب بيلين: إذا استمرت الحال على ما هي عليه فإن موت العم يعادل نهاية دولة الإحتلال الصهيوني. وهو ينطلق من هذا التحدير كمدخل لإقناع الجمهور باقتراحاته التجديدية. خصوصاً لجهة تعريف اليهودي وفق مبادئ علمانية بدلاً من المنطلقات الحاخامية السائدة الآن.
صحيح أن دولة الإحتلال الصهيوني قد حققت قفزات اقتصادية هامة مكنتها من استبدال الحاجة للدعم المباشر بالدعم غير المباشر، وذلك بتشجيع ومباركة أميركيين. لأن الدعم غير المباشر أقل استفزازاً لدافع الضرائب الأميركي وإحراجاً للحكومة. كما إنه يخفف الأعباء على الخزينة الأميركية. ولكن هل يعني هذا إلغاء صفة المعونات عن الاقتصاد الصهيوني؟
لقد حاول بنيامين نتن ياهو تحدي هذه المعادلة بإلغاء هذه الصفة، فلجأ إلى تجاوز الحدود المرسومة أميركياً للتورط الصهيوني في العمليات السوداء. وكان من الطبيعي أن تقطع عليه الطريق بالمجيء بباراك الأقل حماسة للاستغناء عن الدعم الأميركي. فإذا ما اتفقنا على إجادة الولايات المتحدة حماية مصالحها أدركنا أنها لا تجد أي مبرر لاستمرارية دولة الإحتلال الصهيوني من دون دورها الوظيفي الحامي لهذه المصالح. من هنا لا بد من الاستنتاج بوجود رعاية-رقابة أميركية على الاقتصاد الصهيوني. ولعله من الصعوبة بمكان تقديم رؤية متكاملة عن اقتصاد يلامس المائة مليار دولار في مقالة كهذه. عداك عن كون المداخيل غير المنظورة هي عصب هذا الاقتصاد. وقبل إعطاء أية فكرة عن هذه المداخيل لا بد من التذكير بمبدأ الكسب اليهودي القائل بتحصيل المكاسب باقتناص الفرصة المتاحة. ويكفينا في هذا المجال التذكير بأن دخل السياحة الصهيونية للعام 1999 قد بلغ 3.4 مليار دولار. أي حوالي نصف موازنة الدولة اللبنانية. في حين بقيت الولايات المتحدة تمنع رعاياها من زيارة لبنان لمدة سنوات. وهو منع لا يقضي فقط على السياحة بل هو يمنع الاستثمارات ويدفعها للهرب. وإذا كنا بدأنا المقارنة مع لبنان فنذكر أن واحداً من أهم الشروط الأميركية لإنهاء الصراع الأهلي اللبناني كان التعهد بالقضاء على تجارة وزراعة المخدرات في لبنان. في المقابل نجد ضابط الموساد غوردن توماس يعترف في كتابه "جواسيس جدعون" بتورط دولة الإحتلال الصهيوني، على مستوى كبير، في تجارة المخدرات في المنطقة. كما نجد استجواباً مقدماً إلى الكنيست في آذار 2000 لتحقيق في تورط ضباط شرطة صهاينة كبار في زراعة المخدرات في الموشافات. وكذلك شراكتهم في زراعة المخدرات في الصحارى المصرية. ومن الصعوبة بمكان تحديد حجم هذه التجارة (يمكن تقديرها بالمعارنة مع الأرقام اللبنانية التي كانت تلامس الستة مليارات دولار سنوياً. والتي بقيت لسنوات بموافقة أميركا صمنية) لذا نكتفي بالإشارة إلى التغاضي الأميركي عن هذا النشاط الصهيوني. والذي نرجح كونه مقنناً بالاتفاق مع مكتب المخدرات الأميركي بحيث يغني الحكومة الأميركية عن تقديم مساعدات مباشرة لدولة الإحتلال الصهيوني. وهي سابقة حاصلة في أكثر من بلد وأكثر من مناسبة. بل أن كتاب العمليات السوداء للمخابرات الأميركية يتكلم عن شراكة السي آي آي في تجارة المخدرات لتأمين مصروفات عملياتها غير المعلنة. وهذا ما حصل في حالة نورييغا مثلاً.
على أن الاستثناءات الأميركية لدولة الإحتلال الصهيوني لا تجد لها مثيلاً في علاقة الولايات المتحدة بأية دولة أخرى. ومن أمثلة هذه الاستثناءات نذكر التالية (المعلنة لأن غير المعلنة أخطر كثيراً ولها تغطية التعاون الاستراتيجي). ونبدأ بـ :
1- الاستثناء من قانون تصدير الأسلحة (لا تشتري بالمعونات أسلحة أميركية وتستخدمها في بناء المستوطنات).
2- السماح لدولة الإحتلال الصهيوني بالحصول على الأسرار والمعلومات الدقيقة بما فيها المتعلقة بالدول العربية (بعد تحالفها مع تركيا باتت تتبادل المعلومات).
3- السماح للصناعة العسكرية الصهيونية بمنافسة مثيلتها الأميركية. لجهة تحديث وتطوير وتصدير الأسلحة. سواء إلى دول حلف الناتو أو إلى دول العالم الثالث (تجني دولة الإحتلال الصهيوني حالياً مرابح هامة من التزاماتها تطوير الأسلحة التركية. كما جنت مرابح غير محددة من مساعداتها التقنية العسكرية للصين).
4- التزام مصانع الأسلحة الأميركية بشراء ما نسبته الربع (25%) من مشتريات دولة الإحتلال الصهيوني من هذه الشركات.
5- التعاقد مع دولة الإحتلال الصهيوني للقيام بأبحاث حول حرب النجوم (الجدار الصاروخي تتمتها) بتمويل أميركي صرف.
6- تمتع دولة الإحتلال الصهيوني بوضعية الحليف الرئيسي لحلف الناتو بما تحمله هذه العنصرية من أفضليات ومكاسب تدعمت بعد تعديلات الناتو الاستراتيجية العام 1999.
7- شراء الولايات المتحدة لنسبة من الأسلحة الصهيونية وإدخالها للخدمة في الجيش الأميركي. وخاصة الطائرة الصهيونية من دون طيار والإلكترونيات ذات الاستخدام العسكري.
8- تشجيع تصدير الأسلحة الصهيونية للدول التي تتلقى معونات أميركية. بالسماح لها بالإتفاق على هذا الاستيراد. وبالسماح لدولة الإحتلال الصهيوني بتصدير أسلحة تحتوي على قطع أميركية.
9- تقديم معونات مالية لدولة الإحتلال الصهيوني لتمويل مشاريع بحث مشتركة بين علمائها وعلماء العالم الثالث. وتجدر الإشارة هنا إلى الشكوك المبررة لاعتماد دولة الإحتلال الصهيوني مؤسسات تمويل (ترتبط بها سراً) لتمويل بحوث عربية. تتمحور غالبيتها في التجسس الاجتماعي الهادف إلى تحديد نقاط التفجير الأكثر حساسية داخل هذه المجتمعات. ولسنا بحاجة للأمثلة (راجع كتاب سناء المصري علماء لكن جواسيس).
10- الدعم الدبلوماسي الأميركي(عبر السفارة الأميركي) لتسهيل التغلغل الاقتصادي الصهيوني في الدول المعنية (الأفريقية خصوصاً).
11- الدعم المالي الأميركي لموجات الهجرة اليهودية الجديدة إلى دولة الإحتلال الصهيوني (على سبيل المثال صفقة الفالاشا من خلال السودان بضغط أميركي).
12- قيام بنك التصدير والاستيراد الأميركي بتقديم القروض لدولة الإحتلال الصهيوني.
13- الاستثمار المالي في الاقتصاد الصهيوني على الصعيد الحكومي وعلى صعيد الشركات (بلغ هذا الاستثمار حدوداً غير متخيلة بالنسبة لدولة بحجم دولة الإحتلال الصهيوني).
14- تسهيل حصول دولة الإحتلال الصهيوني على قروض من المصارف الأميركية بضمانة حكومية غير مباشرة.
15- مميزات اتفاقية التجارة الحرة بين البندين الموقعة عام 1985. ويليها التحضير لاتفاقية التعاون الاستراتيجي.
بعد كل هذه المساعدات المباشرة وغير المباشرة كان من الطبيعي أن يتمكن الاقتصاد الصهيوني من تحقيق قفزات هائلة جعلت حجمه للعام 2000 يلامس المائة مليار دولار.
يتبـــع[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|