شهود الخير ......
استفاد العريف "خليفة" ؛ من حسن حظه ؛ من سكن وظيفي تابع للجيش قبيل
زواجه ببنت بلدته الريفية "بتول"(تحية لأهلنا في الريف، و السلام). و بعد الإنتهاء
من مراسم الزفاف التي أقامها بالقرية وسط الأهل و الأصحاب، إنتقل رفقة
قرينته؛ و الأمل يغمره في العيش في كنف الوفاق و الإطمئنان و في بناء أسرة
سعيدة؛ إلى المدينة الكبيرة للإقامة في هذا البيت الجديد الذي لا يبعد كثيرا عن
ثكنته.و لم يلبث خليفة كثيرا حتى بدأت علامات الكدر و عدم الرضا تظهر و بشكل
مضطرد على وجهه ما أثار انتباه زملائه في العمل، فأخبرهم بعد إلحاح أن سبب
ذلك هو جهل زوجته بأبسط قواعد الطبخ و أخبرهم أيضا أن العيش معها أصبح
بسبب ذلك مستحيلا.
لم يصدق الزملاء صديقهم، بل اتهموه بمحاولة التخلص من بنت قريته المسكينة
الغافلة و استبدالها بأخرى من المدينة يبدو أنها قد خطفت قلبه واصبح أسير
هواها. لكن العريف أصرّ على موقفه و اقترح لإقناعهم دعوتهم إلى بيته لتناول
وجبة العشاء معه، فوافقوا دون تردد .
اشترى العريف سمكا و فواكه وقدمها لبتول مخبرا إياها بأن ثلاثة من أصحابه
سيتعشون في البيت.
اجتمع الضيوف حول المائدة ثم جاءهم خليفة بصحن الكسكسي " المسقي "
بسمك السردين و مرقه و قال لهم بإستخفاف بعد أن وضعه على المائدة :
"تفضّلوا .... تفضّّلوا....هنيئا مريئا ".
هوى الضيوف على الإناء كمن لم يذق طعم الأكل لأيام و لم يضعوا ملاعقهم
إلاّ بعد أن بدت لهم بجلاء زخارف الصحن الخزفي المرسومة على قاعه.
فتح الكابران فاه تعجبا مما بدا له من صحبه ثم جاءهم بالسلطة والفواكه
فتركوها جانبا و لم يكترثوا البتة بها ثم انطلقوا مغادرين.
و انطلاقا من اليوم الموالي أصبح خليفة كلما حان وقت وجبة من الوجبات
اليومية يجد على مائدته أكلا لا يقل عن أكل أهل المدينة في لذة المذاق و
التنوع في الشكل، وكأن حورية قدمت من الجنة إلى الأرض لتعلم زوجته فنون
الطهي الراقية ، مستبعدا؛ طبعا؛ أن تكون زوجات صحبه؛ اللائي يلتقي كلما
قصد بيته بإحداهن هابطة من الطابق الذي يقيم فيه مع آخرين ؛هن من يقمن
بذلك .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|