لغة عربية جديدة
في عام 1973 م انعقد في برمانا / في لبنان، مؤتمر ضم عدداً من أساتذة الجامعات في أمريكا وأوروبا والبلاد العربية، بحث فيه اقتراح فرنسي قدمه جاك بيول، وأندريه رومان، ورولان مانيه . . لإيجاد لغة عربية جديدة تكون (مفرداتها) هي المفردات الأكثر تداولاً بين الناطقين بالضاد . . أي استعمال اللهجات العامية الدارجة، بحجة أن الاستعمال هو السيد الذي يفرض نفسه .
فالفصحى لا تستجيب للحضارة الحديثة، ولا تستوعبها، وهي عسيرة على الذين يتعلمونها، وبالتالي لا بد من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، وكتابتها باللهجات العامية الدارجة .
وما تتهم به العربية من تقصير ليس هو في ذاتها، فالتقصير إنما هو من المدرسين الذين يتولون تدريسها للطلاب في المعاهد والكليات، ويؤلفون فيها كتبهم ومراجعهم.
فاللغة العربية حفظت التراث العالمي، والعلمي بالذات، واستوعبتهما قروناً طويلة من الزمن؛ فكيف تعجز الآن عن القيام بنفس الدور ؟
وما تعانيه اللغة اليوم من جمود إنما يبدأ من تطوير طرق تدريسها. وتعلمها يتحصَّل بالارتقاء بعقول العامة لاستيعاب لغة العلم والأدب العالية . . لا بنزول العلماء والأدباء إلى مستوى العامة .
والزعم أنها عسرة على الذين يتعلمونها، فهذا شأن كل لغة أجنبية يتعلمها من هو من غير أهلها. فاللغة الإنجليزية أو الفرنسية - مثلا - عسرة على الذين يتعلمونها من العرب لكثرة ما فيها من شواذ في القاعدة، والنطق، والكتابة . . ما لا يوجد في العربية مثيله أو نظيره .
واستعمال العامية في كل قطر عربي، بديلا عن الفصحى سيؤدي إلى الانفصال التام بين شعوب البلاد العربية، لأن كل شعب منها سيقتصر على لغته المحلية تفاهماً وتعاملاً ، وتعليماً وصحافة وتأليفاً ، فيتعذر اللقاء بين الشعوب العربية على علم أو أدب أو تعامل أو فكر أو عمل.
وقد دأب أهل الاستشراق إلى جمع (اللهجات العامية) في الوطن العربي، فوضعوا لها القواعد وألفوا لها المعاجم، (حرصاً) على (التراث) و(كنوزه) ! ومن أبرز من قام بذلك الجهد (المضني):
فليتمان: ألماني، له كتاب (لغة دمشق العربية).
نللينو: كارلو ألفونسو نَلِّلينو (1872 م- 1938 م) مستشرقٌ إيطاليٌّ، له كتاب (قواعد ومفردات العربية العامية في مصر).
جو يْنوت: إيطالي، له كتاب (لغة البربر) طبع سنة 1916 م.
الأب فاكاري: إيطالي، له كتاب (قواعد العربية والمتكلَّمة في طرابلس) طبع سنة 1921 م.
الأب بانيتا: إيطالي، له كتاب (العربية المتكلمة في بنغازي) في جزأين.
كانتينو: فرنسي، له كتاب (الجغرافية اللغوية للعربية العامية في الجزائر والبدو والسوريين واللبنانيين والفلسطينيين).
كارلوس دي مورينو: إسباني، له كتاب (قواعد العربية المغربية).
شارل بيلا: فرنسي، له كتاب (لغة البربر).
الأب رفائيل نخلة اليسوعي (1890 م - 1973 م): له كتاب (القواعد العامية اللبنانية السورية).
الأب دالْفرني اليسوعي (1907 م - 1965 م): له كتاب (المدخل إلى اللهجة اللبنانية) في ثلاثة مجلدات.
الأميركي ريتشارد بايلي وايندر- وإدوارد جورجي: لهما كتاب (العربية السعودية).
مكاريوس: أمريكي، أقلقه حال العرب وهم (يكابدون) لتعلم لغتهم الفصحى، فوهب حياته لمساعدتهم في إيجاد عربية (حديثة) فألف عدداً من الكتب، أهمها: (عناصر
العربية المعاصرة) في خمسة مجلدات، و(المدخل إلى نطق وكتابة اللغة العربية الحديثة) في جزأين، و(مستوى اللغة العربية الحديثة) في ثلاثة أجزاء.
إيروين: أمريكي، له كتاب (قواعد اللغة العربية العراقية)، و(الأساس في اللغة العربية المغربية)، و(معجم اللغة العربية المغربية).
جروتز فيلد: ألماني، أهم كتبه: (لغة دمشق العربية)، و(قواعد اللغة السورية العربية)، و(نظام الصوتية في اللهجتين السورية واللبنانية)، و(القاف والهمزة).
وتابعهم سعيد عقل وسماها: اصطناع اللهجة اللبنانية كلغة أدبية.
جريفين: إيطالي، ألف معجماً للعامية الطرابلسية، سماه (التحفة العربية في اللغة العامية الطرابلسية) صدَّره بنبذة في القواعد اللهجة الطرابلسية، وطبع عام 1913 م
أتوري: إيطالي، ألف (المفردات القحطانية في لغة اليمن الحالية).
بارتيليمي: فرنسي، ألف (القاموس العربي عن اللغة العامية في حلب ودمشق ولبنان والقدس) في خمسة مجلدات، وطبع عام 1935 م.
وليم مارسيه: فرنسي، له (المعجم) وهو معجم كبير، جمع فيه اللهجات المغربية.
ليفي بروفنسال: فرنسي، له (معجم تطبيقي لعربية القرن العشرين).
فلينتشيك: روسي، له (قاموس اللهجات العامية في آسية الصغرى)، و(معجم العربية في سورية ولبنان وفلسطين) طبع عام 1941 م.
سيرجنت: إنكليزي، جمع (مختارات من الأدب العامي الحضرمي) طبع عام 1951 م.
كاكيا: إنكليزي، قدم دراسات بعنوان (استعمال اللغة العامية في الأدب العربي الحديث).
والحديث يطول كثيراً كثيراً لا حدود له، ما دام (المعول) ما يزال قائماً، ولغتنا الولود الودود ، الغنية السخية ليست عاجزة عن مسايرة ركب العلم الحديث، إنما أبناؤها العاقون هم العاجزون، يخربون بيوتهم بأيديهم، ويطفئون نور حضارتهم بأفواههم، ويطمسون معالم شخصيتهم الأصلية بآرائهم المنحرفة .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|