30 / 07 / 2008, 44 : 01 AM
|
رقم المشاركة : [4]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
رد: كتاب المثُل الأمريكية
[frame="13 95"][align=justify]
كتاب المثُل الأمريكية / الجانب المظلم.. الحلقة الرابعة
تلقي مؤلفة الكتاب نظرة تقويمية على واقع الولايات المتحدة بعد سبع سنوات من هجمات حركة القاعدة عليها . وتقول ان ما بدأ في 11 سبتمبر/ أيلول 2001 كمعركة من أجل أمن أمريكا، بات الآن معركة من أجل الحفاظ على روح هذه الدولة.
وحين يلقي المرء نظرة الى الوراء، كما تقول، يرى ان احدى أهم سمات هذا الصراع، ان إدارة بوش، منذ البداية، وعند كل منعطف على الطريق، كانت تتلقى تحذيرات من ان المنافع القصيرة الأمد، التي تجنيها من نهجها المتجاوز للقانون في حربها على الإرهاب، ستكون لها عواقب وخيمة ومدمرة على حكم القانون في البلاد، وعلى المصالح الأمريكية في العالم . ولم تكن هذه التحذيرات تصدر عن الخصوم السياسيين وحسب، بل ومن حلفاء لديهم خبرة واسعة، ومن بينهم جهاز الاستخبارات البريطاني، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، بل حتى من سلسلة من رجال القانون الجمهوريين الموالين داخل الإدارة الأمريكية ذاتها.
وتقول المؤلفة ان عدد المنتقدين من الغيورين على المصلحة الوطنية داخل الإدارة، الذين حاولوا اعتراض سبيل ما اعتبروه ابتعاداً عن المثل الأمريكية، ودفعوا في بعض الأحيان ثمناً باهظاً لموقفهم من مهنهم ومناصبهم، هو عدد متواضع، ولكنه مطمئن في الوقت ذاته.
ولكن إدارة بوش، بدلاً من الاعتناء بهذه الانتقادات النابعة من الغيرة الوطنية، استغلت الخوف الذي نجم عن الهجمات في 11 سبتمبر/ أيلول وشرعت في تطبيق سياسة من القسوة المدروسة التي لم تكن تخطر ببال أحد يوم 10 سبتمبر/ أيلول.
وقد سعى الرئيس بوش ونائبه تشيني وحفنة ضئيلة من المستشارين الثقات لديهم الى الحصول على فتاوى قانونية ملتبسة تمكنهم من الالتفاف على القوانين والتقاليد الأمريكية، والتحايل عليها . وباسم حماية الأمن القومي، أباح الفرع التنفيذي الحصول على الاعترافات قسراً، والاحتجاز من وراء ظهر القانون، وغير ذلك من انتهاكات الحريات الفردية، التي ظلت محظورة منذ تأسيس الدولة.
وقد حوّل مكتب الاستشارة القانونية في وزارة العدل الأمريكية الى أداة سياسية، استغلها في توسيع سلطته التنفيذية على حساب معايير الضبط والربط والمحاسبة القائمة منذ زمن طويل . وعندما تم تحذيره من ان هذه السياسات غير شرعية وانها تأتي بنتائج عكسية، تجاهل تحذيرات الخبراء وراح يتخذ القرارات خارج القنوات البيروقراطية العادية، وفي كثير من الأحيان، بعيداً عن أنظار الجماهير . وبدلاً من المجازفة باحتمال معارضة الكونجرس، أصبح يحظر نشر تفسيرات القانون الحيوية ويعتبرها سرية للغاية.
وتضيف المؤلفة أنه لا يعلم أحد الى اليوم كم عدد الآراء السرية الأخرى التي حصلت عليها وزارة عدل بوش . وبدلاً من تحقيق هذه السياسة مع الزمن، كان الفرع التنفيذي يهمش ويغرم من يتحدى آراءه الثابتة . ولأن موضوع البحث كان مغلفاً بحجج الأمن القومي، ظل معظم الاحتجاج الداخلي خفياً.
اعترافات المسؤولين
وأثناء هذه الفترة كلها، ظل الرئيس بوش ونائبه تشيني يصران على أنهما لم يبيحا “التعذيب” أبداً ولم يتسامحا بشأنه، ويعترفان بأنه يشكل جريمة بموجب القانون الأمريكي . ولكن فهمهما لهذا المصطلح أخذ يبدو زائفاً بصورة مطردة، مع تكشف تفاصيل برنامج الاعتقال والتحقيق السري شيئاً فشيئاً . وبحلول السنة الأخيرة من ولاية بوش، اعترف العديد من كبار المسؤولين في إدارة بوش، ومن بينهم مدير الاستخبارات القومية مايك ماكونيل، ووزير الأمن الوطني السابق، توم ريدج، بالاضافة الى ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الذي ألقى القبض على “أبو زبيدة”، جون كيرياكو، بأن ايهام السجين بالغرق يعتبر تعذيباً.
وتقول المؤلفة ان مثل هذه الاجراءات المتطرفة، ربما كانت مفهومة في الأيام والأسابيع التي سادها الذعر بعد 11 سبتمبر/ أيلول، حيث يمكن وضعها ضمن الانتهاكات التاريخية الأخرى للحريات المدنية، التي تحدث أحياناً في أوقات الأزمات الكالحة التي قد يتعرض لها الأمن القومي . ومع ذلك، وبعد سبع سنوات، ظلت سياسات مواجهة الإرهاب، التي وضعتها إدارة بوش جامدة في مكانها . وقد حدثت بعض التغييرات والتحسينات، ولكن الاطار القانوني باقٍ على حاله، رغم اجماع أعضاء كلا الحزبين خارج إدارة بوش، على ان معتقل جوانتانامو يجب إغلاقه، وان عملية اللجنة العسكرية معيبة بصورة مطلقة، وان انتهاكات حقوق الإنسان في سجن أبو غريب وغيره، لم تكن من فعل “تفاحات متعفنة” في قعر الصندوق، بل هي نتيجة عدم الاحساس بالمسؤولية في قمة السلطة . كما ان التعذيب الذي كان يدان قبل 11 سبتمبر، باعتباره من مخلفات الثقافات البدائية، صار يخشى ان يصبح أمراً طبيعياً عادياً.
وتستغرب المؤلفة، انه لم يجر في الولايات المتحدة الا قدر ضئيل من الجدل الفكري بشأن أسلوب إدارة بوش في التعامل مع الإرهاب، رغم مرور أربع دورات من انتخابات الكونجرس، ودورتين من الانتخابات الرئاسية . وان كبار المسؤولين في الادارة الأمريكية يستمرون في الاصرار على ان برنامجهم قانوني وناجح، وبينما يمضي المنتقدون في التذمر، فإنهم نادراً ما يقدمون مقترحات خاصة بهم لنظام أفضل.
ومنذ ان سيطر الحزب الديمقراطي على الكونجرس سنة ،2006 جرى بعض التحرك نحو التحقيق والاصلاح . ولكن، في يوليو/ تموز ،2007 هزم مشروع قانون لإغلاق معتقل جوانتانامو عندما صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية كاسحة (94 إلى 3) ضد نقل المحتجزين الى سجون في الولايات المتحدة . ومن الواضح ان الخوف من الظهور بمظهر “اللين” مع الإرهاب لا يزال مسيطرا على المسؤولين المنتخبين.
نقطة تحول
والمؤلفة متفائلة بانتخابات 2008 الرئاسية، التي تقول انها قد تكون نقطة تحول . ففي إشارة تبعث الأمل في التغيير، اتخذ مرشحا كلا الحزبين للرئاسة، مواقف مبدئية قوية ضد التعذيب، كما تقول المؤلفة، ووعدا بسد الثغرات التي تبيحه سراً، وإعادة سياسة الاحتجاز والتحقيق في البلاد الى حالتها السابقة، يوم كانت منسجمة مع القيم الدستورية الاصلية . ومع ذلك، فإن أياً من المرشحين، لم يقدم بديلاً متماسكاً حتى مايو/ ايار 2008 . ويظل “النموذج الجديد” الذي وضعته إدارة بوش من دون أن يمس، سامحاً لها بأن تستحوذ على جميع السلطات التي تنبثق عن الحرب، من دون ان تمنح المحتجزين شيئاً من الحقوق التي يمنحهم إياها نظام القضاء العسكري أو الجنائي.
وتقول المؤلفة ان معارضة السيناتور جون ماكين للتعذيب لا تقل عمقاً عن معارضة اي سياسي في أمريكا . وقد عبّر ببلاغة، كما تقول، عن جوهر القضية، ضمن تصريح بسيط سنة 2005 قال فيه “الأمر لا يتعلق بهم، بل يتعلق بنا” . ومع ذلك، وفي إيماءة موجهة الى قاعدة المحافظين في حزبه، تحرك نحو اليمين، منحازاً الى البيت الأبيض بزعامة بوش، في أوائل سنة 2008 ضد تشريع مقترح، كان من شأنه ان يلزم ضباط وكالة الاستخبارات المركزية باتباع تقنيات التحقيق الانسانية التي يسمح بها الجيش.
غياب الشفافية
وتقول المؤلفة، إن سبب الحذر السياسي الواضح هو الخوف . فإدارة بوش، وبالاستناد الى المعيار الأهم، تستطيع ان تعتبر سجلها في محاربة الإرهاب ناجحاً، إذ لم تحدث اي هجمات ارهابية أخرى منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
ولا يريد أي منافس ان يتهم بأنه قد خرق هذا النجاح الباهر . غير انه يصعب على المرء ان يعرف، ان كان نجاح ادارة بوش، يمثل التغلب على مخاطر جديدة مؤكدة، أم عدم وجود هذه المخاطر اصلاً . وكان وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد، قد اعترف بهذه المفارقة سنة ،2003 حين قال: “اننا اليوم نفتقر الى المعايير التي يمكن في ضوئها ان نعرف، ما اذا كنا نحقق انتصاراً أم نتكبد هزيمة في حربنا على الإرهاب”.
وفي ظل إدارة بوش، باتت معرفة ذلك مستحيلة تقريباً، كما تقول المؤلفة . ففي غياب الشفافية الحكومية والتحليل المستقل، يطلب من الجماهير ان تؤمن ايماناً أعمى بقول الرئيس ان المعاملة غير الإنسانية ضرورية لوقف الهجمات وإنقاذ الأرواح.
ولكن المطلعين على بواطن برنامج مكافحة الإرهاب الذي تسير عليه إدارة بوش بدأوا يشكون في هذه الادعاءات.
ففي مارس/ آذار ،2008 وبعد ان أعلن الرئيس بوش أنه سوف يستخدم الفيتو ضد التشريع الذي يفرض على وكالة الاستخبارات المركزية الالتزام بمبادئ التحقيق المتبعة في الجيش، تحدى السيناتور جاي روكفلر، رئيس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، الأساس المنطقي كله، الذي تستند اليه إدارة بوش . وكانت انتقادات روكفلر تكبت عبر السنين، ولذلك، كان التقريع الذي وجهه جديرا بالملاحظة بوجه خاص . وجاء في بيان أصدره “باعتباري رئيساً للجنة استخبارات مجلس الشيوخ، لم اسمع اي شيء يوحي بأن المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق مقتنيات التحقيق المشددة، قد منعت وقوع هجوم إرهابي وشيك . ولم اسمع شيئاً يجعلني أعتقد بأن المعلومات التي تم الحصول عليها باستخدام هذه التقنيات، لم يكن ممكناً الحصول عليها من خلال اساليب التحقيق التقليدية، التي يستخدمها المحققون في الجيش وفي أجهزة تطبيق القانون . ومن جانب آخر، أعلم يقيناً ان أساليب التحقيق القسرية يمكن ان تجعل المحتجزين يدلون بمعلومات كاذبة من اجل ان يجعلوا التحقيق يتوقف”.
ومعنى ذلك، كما تقول المؤلفة، نقلاً عن أحد المسؤولين القلائل في الإدارة الأمريكية، الذين يملكون اطلاعاً تاماً على التفاصيل، ان خطر “القنبلة الموقوتة التي توشك أن تنفجر”، الذي يستخدم لتبرير التكتيكات التي يعتبرها الأمريكيون مما يتعذر الدفاع عنه في غير هذه الحالة، لم يحدث فعلاً ابداً الا على شاشات أجهزة التلفاز لدى مشاهدي العرض الخيالي عن الإرهاب، الذي تقدمه شبكة فوكس تي في.
أسلوب بوش يقوض الأمن
وتستشهد المؤلفة بتوكيد روكفلر ان أسلوب إدارة بوش لم يكن غير ضروري وحسب، بل انه ايضاً يقوّض الأمن الذي يدعي انه يحميه . . “إن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية يلحق الضرر بأمننا القومي، بإضعاف سلطتنا القانونية والأخلاقية، وبتوفير أداة في يد حركة القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية، لجمع المتطوعين وتعبئتهم، وبالاستمرار في برنامج التحقيق هذا، يضحي الرئيس بالفوائد الاستراتيجية التي نجنيها في سبيل كسب تكتيكي مشكوك فيه”.
وتقول جين ماير، مؤلفة الكتاب، ان الشك بدأ يظهر من داخل الإدارة الأمريكية ذاتها أيضاً . ففي سنة ،2006 أعدت مجموعة استشارية علمية لمصلحة الوكالات الاستخبارية الأمريكية، تقريراً مفصلاً عن التحقيق، بعنوان “استنباط المعلومات”، توصلت فيه الى أنه لا يوجد دليل علمي من اي نوع، على ان الأساليب القاسية تنجح . بل ان العديد من الخبراء الذين شاركوا في اعداد الدراسة، وصفوا استخدام القسوة الجسدية والنفسية، بأنه باطل وغير بارع ولا يعول عليه.
وفي مقابلات خصوصية أجرتها المؤلفة مع العديد ممن يملكون معلومات موثوقة عن برنامج مراقبة الارهاب المثير للجدل، الذي تنفذه وكالة الأمن القومي، عبّر هؤلاء عن ضيق مماثل . ويقول احد هؤلاء المسؤولين السابقين عن البرنامج الفائق السرية الذي يدافع عنه دافيد ادنجتون (مستشار تشيني القانوني) بحماسة شديدة، “انه لم يُسفر عن شيء”.
وبينما تستطيع إدارة بوش ان تتباهى بسجلها الخالي من الهجمات الارهابية على امريكا منذ ،2001 فإن تقدمها في جلب منفذي الهجمات الى العدالة اقل إثارة للإعجاب . وعلى الرغم من انها قد نجحت في القبض على بعض الأعضاء في حركة القاعدة، الا ان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري لا يزالان حرين طليقين . وفي هذه الأثناء، أظهرت احصاءات الحكومة ذاتها ان عدد الهجمات الارهابية وتقديرات الخطر الذي تشكله حركة القاعدة آخذة بالازدياد . وحسبما جاء في احدث تقديرات الاستخبارات القومية، التي نشرت سنة ،2006 “تشير كمية ضخمة من التقارير التي تستند الى جميع المصادر، الى ان الناشطين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم جهاديون، يزدادون بالعدد وبالتوزيع الجغرافي، رغم انهم لا يزالون يشكلون نسبة صغيرة من المسلمين”.
ولفت التقرير الأنظار الى “ان هذه النزعة اذا استمرت، فإن الأخطار التي تهدد المصالح الأمريكية في الداخل وفي الخارج، سوف تصبح أكثر تنوعاً، وسوف تؤدي الى ازدياد الهجمات في أرجاء العالم”.
وقد أسهمت الحرب في العراق، والصراع “الاسرائيلي” الفلسطيني، وانهيار الأوضاع الأمنية في أفغانستان وباكستان، في نشر الراديكالية في العالم الإسلامي، كما تقول المؤلفة.
ويشير العديد من التقديرات، في نهاية عهد بوش، الى ان سمعة الولايات المتحدة، كدولة رائدة في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، أصبحت بالية . وكما جاء في مشروع دراسة المواقف في العالم، التي أعدها مركز “بو”، في يونيو/ حزيران ،2006 أيد الرأي العام حرب أمريكا على الإرهاب، في دولتين، هما الهند وروسيا . وحتى أوثق حلفاء أمريكا الذين يمكن الاعتماد عليهم، ومنهم ألمانيا والدنمارك والاتحاد الأوروبي، اتهموا الولايات المتحدة سنة 2008 بانتهاك المعايير المقبولة دولياً في المعاملة الانسانية، والحقوق الشرعية . وبلغ الأمر بكندا ان وضعت الولايات المتحدة على قائمتها الرسمية التي تضم الدول المارقة التي تمارس التعذيب.
[/align][/frame]
|
|
|
|