رد: الدور المصري وتقاطع المصالح في غزة !
شخصيا لم أكن من الذين فوجئوا بصمود المقاومة ولا حجم امكانياتها ولم افاجئ أيضا بل ولم اتوهم في يوم من الأيام بأن الكيان الذي قام القتل والتدمير سيتغير لأن في تدميري وقتلي مبرر وجوده السياسية والتاريخي ! كما لم أفاجئ بالموقف العربي الموصوف ! بل ما فاجئني هم المتفاجئون به كأنهم هبطوا على الأرض من كوكب آخر واكتشفوا أن موقف العرب عموما شعوب وقبائل ، حكومات ونظم ، هو على هذا النحو ! فماذا كانوا يتوقعون ؟
الشعوبية والإقليمية ما أجملها ! ما أجمل العنصرية والتمييز على أساس اللون والعرق أمام ما وصلنا إليه : طوائف ومذاهب وأصحاب طرق لهم مقاتلون ومناطق قتال يدافعون عنها وجماهير تؤيدهم ! وصل المرض إلى من لم نكن نتوقع أنهم سيصابون بداءه ، هم على ما كنا نعتقد محصنون ، تقدميون يساريون قوميون عرب و " مؤمنون " بأن الجنة تحت ظلال السيوف .. وقس على ذلك .. فماذا كنا ننتظر من أمة مفككة بهذا الشكل ؟!
وأصلا ، ومعظمكم يعرف أن الفلسطينيون أنفسهم مفككون ، مقاتلون غزة حُشروا كما حًشرنا في بيروت ، وحدّهم الحصار وقنابل العدو ، ولكن عند أول انفراج سنعود كما كنا ، أكثر من مفككين ، نتهم بعضنا بالخيانة ، نرتهن حسب المصالح !
سمعت جدي يوما ثم سمعت ابي كانا يقولان : إن مأساة شعب فلسطين العظيم والمضحي تكمن في قادته منذ العشرينات من القرن الماضي ، كان الصراع على زعامة فلسطين عائلي ثم تحول ما بين من يؤيدون جيش الإنقاذ والثوار ما بين جماعة المفتي الأكبر لفلسطين الحاج امين الحسيني
وجماعة الجامعة العربية وقامت إسرائيل .. ثم استأنفنا الصراع ما بين يساري وقومي ثم ما بين اسلامي وإسلامي اسلامي وقومي ثم ما بين حمساوي وفتحاوي ثم ما بين جماعة جوا وجماعة برا
جماعة الضفة وجماعة غزة .. ولعنا " سلسفيل" ابو ابو عمار وهناك من قال منا أن حماس من صنع اسرائيلي وهناك من قال عملاء للنظام السوري أو المصري
او ان بعضهم قد تشيعوا بسبب حلفهم مع إيران وغير ذلك حتى وصل الأمر إلى الحديث أن هذا ابن مخيم وهذا ابن مدينة .. فهل هنالك شعب يعيش في ظل مأساة احتلال ، أرضه مسروقة ،
مستقبله مصادر ومحاصر ويبقى على ذا الحال ؟!
قلنا منذ بداية الصفحة وما زلنا نقول إن أحد الأهداف الرئيسية من هذه الحرب : مصر ، مصر الدولة الوطن وليس كما يحب البعض تسطيح الأمور وحصرها بالسيسي أو " الصيصي " بالإخوان وما يسمونه الانقلاب وقلنا أن شعبنا في غزة سيدفع الثمن في نفس الوقت قلنا أن العدو أيضا سوف يفاجئ ويدفع الثمن ولكنه يتوقع ويعمل ، الملاجئ والمستشفيات قد أعدها جيدا وهناك من يقول بأنه قد هيأ 25 ألف تابوت .. نعجز عن إدخال ما يكفي ل 30 يوما من أدوية وأغذية في وقت ننجح فيه في إدخال ما يكفينا من صواريخ وذخائر ل60 يوما ، نفاجئ بأن ثقافة الملجأ لا نعرفها لنحمي اطفالنا من حمم الطائرات وصواريخ البوارج .. والحرب لم تفاجئنا وربما نعود إلى خوضها مضطرين بعد ستة أشهر !
الحديث عن غزة وبطولات شعب غزة والتغني بعدد الشهداء والجرحى والمزايدة العاطفية سوف لا يبني جدارا لبيت مهدوم، ولا يبعث الحياة في روح شهيد طفلا كان أو رضيع، امرأة كانت أو رجل فالحياة هي الحياة وهي غالية ولا شك !
الحديث عن غزة وحصار الشعب المكلوم عمره 66 عاما منذ زمن فاروق واقسم بان كان لديه نخوة أكثر مما لدى الذين أتوا من بعد ؛ مع محمد نجيب كان حصارا وفي زمن عبد الناصر كان الحصار " والبصطار " في زمن الاحتلال بعد ال 67 صار قتل وحصار فوق حصار فوق حصار .. مع ياسر عرفات وضعت قوانين المعابر ومصر لم تكن طرفا في ذلك الاتفاق لكن عرفات كان يعرف من أي تؤكل الكتف .. قتلته إسرائيل ثم جاء من يقتل تنظيمه ويكنسه من كل القطاع وصار شعب غزة واقع تحت حصار حماس وحصار السلطة وحصار النظام المصري فوق حصار العدو فماذا نريد من هذا الشعب الجبار ؟!
مع كل الألم سوف يرجع هذا الحصار حتى بعد هذا الوجع وبعد هذا الصراخ مجددا وهذا ليس قدر غزة فقط ، بل قدر كل عقل عربي حرّ ما زال يؤمن بأن الصراع هو صراع عربي إسرائيلي وليس صراعا فلسطينيا فتحاويا حمساويا مع كيان العدو .. هو عقل محاصر !
بعض المرتهنين لفكرة أن الذي حدث في وطننا العربي هو ثورة لا يريدون رفع الغشاوة عن أعينهم ورؤية أن المخطط لا يكتمل إلا بتدمير ما تبقى من دول .. إن دُمرت الدولة المصرية سوف تتبعها الجزائر ثم المغرب ثم السعودية التي وبالرغم من موقفها السياسي ألا إني أخمّن بأنها أدركت ان دورها قادم فالتفتت لمصر بل ربما الخليج كله قد ادرك بأن انهيار الدولة المصرية سيفتح الباب لانهيار دولهم باستثناء تلك القاعدة الأمريكية " قطر" حيث وعدت كما رشح في بعض المقالات بضم البحرين إليها !
بعض المرتهنين لفكرة أن الذي حدث في وطننا العربي هو ثورة لا يريدون رفع الغشاوة عن أعينهم ورؤية أن المخطط لا يكتمل إلا بتدمير ما تبقى من دول فالأرض قد تهيأت ، والشعوب معبأة بسكاكين الذبح ، فقط اهدموا الدولة وأجهزتها وسترون في مصر ما ترونه في العراق وأكثر .
نحن هنا لا نتحدث عن إداء الدولة المصرية تجاه غزة بل واتجاه الأمة العربية كلها ، من لا يرى في كل العالم أن النظام في مصر نظام ظالم في حصاره لهذه الرقعة من فلسطين ؟ هذا شيء الأعمى يراه ، اليهودي الصهيوني نفسه يراه ، ومن يبرر للنظام كل ما يسوغه الأمن المصري من مبررات ، هذا شيء ومنحى الصراع شيء آخر .. لكن الدولة المصرية لتحمي نفسها يجب أن تتعلم من تاريخها ويسأل حكامها الجدد : متى صنعت مصر تاريخ .
|