رد: الدور المصري وتقاطع المصالح في غزة !
العدوان على غزة توقف الآن ، لكن الحرب على مصر لم تتوقف؛ ولو أن نتائج العدوان على الغزاويين ومقاومتهم الباسلة قد فرمل قليلا من عجلتها ، وحدّ قليلا من اخطارها والثمن كما قلنا سابقا قد دفعه شعبنا المظلوم هناك ؛ وان استكمال الحديث كما بدأت به منذ أيام العدوان الأولى يبدو للبعض صعبا ، لا يستطيعون هضمه ، لكنني أدعو هؤلاء إلى التبصر قليلا والعودة إلى قراءة متأنية وسوف يساعدهم ذلك على تقبل ما قلناه منذ البداية ويجعلهم يعيدون النظر ربما فيما درجوا عليه من تسطيح لحدث بهذا الحجم سيعيد رسم خارطة مسار الأحداث في وطننا العربي الواقع تحت تأثير مخطط تدميري بدأ في 2005 وسوف يستمر لأعوام !
فقط نلخص ما قلناه في سطور قليلة ونذكر مرة جديدة بالعنوان : " الدور المصري وتقاطع المصالح في غزة ! "
إن العدوان ما كان ليستمر لعشرين يوما إضافيا بعد الأيام السبعة الأولى إلا بسبب الصراع حول الدور المصري ( وهو ليس كما اتمناه ) لكن البعض ما كان يرى ولا يريدون ذلك ، بل انهم ساهموا في منظومة تلك الحرب وشاركوا بفعالية فيها بغباء وكراهية بسبب تعصبهم الأعمى .. يريدون للقضية الفلسطينية أن يُقضى عليها، ينتظرون انتصار " الدواعش " في العراق وسوريا ليحققوا انتصارا على مصر العظيمة من بعد ! أليس هذا ما كانت اميركا وإسرائيل تريده مع حليفيهما التركي والقطري ؟ أوغلوا في كيل الشتائم وأطنان الجمل الرنانة الطنانة المُخونة لجميع الناس حتى للفلسطينيون الذين يقاومون في مختلف الفصائل لكنهم عارضوا عزل مصر عن فلسطين وإن وجهوا للنظام نقدا قويا ! فهل من أراد عزل غزة عن مصر يريد الخير لفلسطين أساسا وهل يملكون عقل الف باء السياسة ؟!
على أي حال ها هم ، أطراف الصراع يتفاوضون في القاهرة الآن ، وبمباركة القريب والبعيد باستثناء الثنائي " التركي – القطري " اللذان خذلتهما حماس وهذا ما تنبأنا به حين قلنا " يبدو أن الحكم في مصر قد أدرك هذه اللعبة إذ لا حراك مصري أو تدخل كوسيط الأمر الذي سوف يدفع بنتنياهو إلى مزيد من
الضغط ومزيد من الإجرام وسوف لن يجد من ينزله عن شجرة العدوان في مصر وربما في واشنطن أيضا ..
ولن تجد حماس من يقيها الضربات سياسيا ولا عاد باستطاعتها المناورة على حركة الجهاد الإسلامي وإيقاف صواريخها
السورية الإيرانية المتصاعدة / فهي فرصة لإعادة وصل غزة بدمشق وطهران وربما كان ذلك إعادة لتموضع حماس من جديد!
"
يبدو أن النبوءة تحققت ! فهذا الترحيب الإيراني بالدور المصري والاندفاعة في إعلان مساهمته
في إعمار غزة ما كان إلا من اجل ضرب عدد من العصافير في وقت واحد سنتحدث عن ذلك لاحقا.
إن أي تحليل حين يأتي أثناء وبعد وقوع الحدث مباشرة والكتابة فيه يكون يكون
متأثرا بعوامل نفسية وضغط عاطفي يفقدانه موضوعيته وصوابيته في اغلب الأحيان .. فالقضية ليست قضية غزة وإن كان الحدث يجري الآن فيها .. إنها قضية شعب و وطن ومصير أمة بأكملها ولا يجوز الجلوس والندب فوق جثث الضحايا ، هم أهلنا ، ونحن لم نجلس فوق جثثهم لنندب بل لنزفهم بالزغاريد طالما أن الله سبحانه قد حسبهم عنده من الشهداء .
في الحرب الكبرى الأولى قيل أن الخسائر البشرية بلغت نحو اربعين مليون انسان بين جريح وقتيل ؛ وفي الحرب الثانية بلغت 60 مليون قتيل ما عدا الجرحى ، حجم الدمار والخراب الذي عمّ معظم مدن الدول المشاركة في تلك الحرب ومع ذلك ، لم يقتصر حديث المؤرخون ولا الكتاب على وصف الأهوال والمجازر حينما كتبوا وأرخوا اثناء وبعد انتهاء الحرب بل ركزوا على الأسباب والدوافع واستخلصوا العِبر وانطلقوا من النتائج ووضعوا أسّ نظام جديد للعالم يعكس قوة وحجم الدول على الصعد الثقافية والمعرفية التي مكنتهم من سوس معظم دول العالم لعشرات السنين .
|