رد: حركة المؤرخين الاسرائيليين الجدد!!
[align=justify]
8 ـ انعكاسات الحركة على الرواية الرسمية العربية
ان السجال الذي يثيره المؤرخون الجدد في الاوساط الاسراائيلية يندرج في اطار السجالات اليهودية الاعتيادية. فالاوساط النخبوية لا تجد بأساً من تقديم اعترافات مر عليها الزمن ولم تعد تستوجب العقوبة. فاسرائيل اصبحت بحكم الامر الواقع دولة موجودة وقوية بتفوق. ويبقى ايجاد الصيغة المناسبة لاستمراريتها. ومن هذه الصيغ صيغة رابين المعنونة بـ”الشرق اوسطية” والتي تعني ببساطة تحويل طموح “اسرائيل الكبرى” الىطموح “اسرائيل العظمى”. وهذا التحويل يقتضي الخلاص من تبعات الصهيونية وتجاوزها. وما حركة المؤرخون الجدد الا أداة لتحقيق هذا التجاوز تمهيداً لإرساء “ما بعد الصهيونية” مقابل تبرئة اسرائيل من تجاوزات الصهوينة واخطائها.
وجرياً على العادات اليهودية فان الطرح المعاكس تماماً جاهز. وهو يقول بتحويل اسرائيل الى حكم الحاخامات وبقاءها في الوضعية التوراتية الاسطورية. مع الاستعداد للاختناق داخل اسرائيل على غرار اختناق اليهود داخل الغيتوات(8).
ولكن ماذا عن انعكاس هذه التوضيحات التاريخية على الرواية الرسمية العربية؟ ظاهرياً نجد هذه التوضيحات داعمة للرواية العربية مثبتة لها. حتى تبدو اعمال هؤلاء المؤرخين وكأنها تناصر العرب ورواياتهم. وهذا غير صحيح بالمرة. حيث الشيطان يكمن في التفاصيل. ومن التفاصيل التي توقظ الشياطين في هذه المرحلة نختصر:
1 ـ يؤكد المؤرخون الجدد على وجود تواطؤ عربي رسمي للحؤول دون قيام دولة فلسطينية كنتيجة طبيعية لقرار التقسيم. مما يعني استجابة الزعماء العرب في حينه لرؤية بن غوريون الخاصة للمصالح الاسرائيلية. ويركز بيني موريس بشكل خاص على تفاهم الملك عبدالله مع اسرائيل. ولكن التشكيك لا يقف عند ملك الاردن بل يتعداه الى سائر الزعماء في حينه.
2 ـ يشكو المؤرخون الجدد من ضبابية الارشيف العربي المتعلق بالصراع العربي ـ الاسرائيلي وعدم امكانية الوصول الى وثائقه بصورة مباشرة. وضرورة الالتفاف للحصول على هذه المعلومات عبر الوثائق المخابراتية الاجنبية.
3 ـ يعتبر المؤرخون الاسرائيليون الجدد بأن عملهم لا يكتمل بدون قيام حركة مؤرخين عرب جدد. بما يوحي ان الخلاف العربي ـ الاسرائيلي متركز على ايضاح بعض النقاط التي تدين الصهيونية بما يسمح بعدها بالانتقال الى مرحلة تفاهم ما بعد صهيونية!.
4 ـ امام الدعم العالمي لاسرائيل اضطر الزعماء العرب لخوض حرب تعبئة نفسية بهدف الحفاظ على المعنويات. وايضاً وقاية الجمهور من اخطار الحرب النفسية الاسرائيلية التي سخرت وسائل الاعلام العالمي. وبذلك طغت هذه التعبئة على الرواية الرسمية العربية لتاريخ الصراع. بحيث يؤدي سرد الحقائق الى ضحد هذه الرواية.
ونكتفي بهذه النقاط لنشير باننا اصبحنا اقل استجابة لتحريض التخوين والتكفير. وبتنا نفضل ان ننظر للأمور على انها معايشة لوقائع لا يمكن الحكم عليها بدون العودة الى زمنها التاريخي. ويمكننا ان نختلف حول ما اذا كان التصرف الرسمي العربي في حينه منسجماً مع المعطيات الموضوعية لتلك المرحلة. كما يمكننا ان نختلف حول درجة هذا الانسجام. فنحن ندرك اليوم بجلاء ان اسرائيل لم تكن بلد اليهود بل كانت قاعدة مصالح (ولا تزال) ذات دور وظيفي محدد بدقة وعناية. وبذلك لم يكن امامنا خلال هذه الحقبة التاريخية ان نختار بين الجيد والسيء. بل كنا نختار بين السيء وبين الاكثر سوءاً. لذلك فاننا لا نجد اية مصلحة عربية في تفجير هذه الألغام!.
الهوامش والمراجع
1 ـ ان هذا القرار يعكس المرونة السياسية الاسرائيلية. فالوثائق البريطانية والاميركية تحتوي على غالبية الاسرار الاسرائيلية. خصوصاً لجهة علاقاتها الاميركية. وبالتالي فانه لا داعي للاحتفاظ بسرية الوثائق الاسرائيلية.
2 ـ Aronson shlomo: Conflict and Bargaining in the
Middele East: An Israel perspective .
Baltimore: The Sohn Hopins university Press,1978
3- دومينيك فيدال: الخطيئة الأصلية لاسرائيل, معروض في كتاب سيكولوجية السياسة العربية ص187 للمؤلف، 1999. والكتاب الفرنسي صادر عن دار لاتليه/باريس.
4 ـ مروان بشارة: فوز الاسرائيلية على الصهيونية، مجلة وجهات نظر العدد السابع. ص (4 ـ 9)، اغسطس، 1999.
5 ـ خالد الحروب: حركة المؤرخون الجدد، مجلة شؤون الاوسط العدد 95 ص (61 ـ 76) مايو، 2000.
6 ـ Karsh, Efraim: Fabricating Israeli History:
the “New Historians, London: Frank
crars,1999 .
Home[/align]
|