[علاء زايد فارس]

الفلسطيني والسياسة!
بقلم علاء زايد فارس



بما أن السياسة هي فن الممكن، وبما أن الفلسطيني هو سيد الممكن، لذا فإن كل فلسطيني سياسي، وليس كل سياسي فلسطيني!

حتى الجنين في بطن أمه هو سياسي، حينما شارك أمه حزنها وقتما شتمها زوجها بعدما نسيت كي ملابسه أثناء مضي السويعات القليلة للكهرباء!

كذلك الوليد الفلسطيني هو سياسي بامتياز، حينما علم أنه ولد نتيجة لقصف شديد تعرضت له المنطقة التي كانوا يقطنون بها، وحدثت لوالدته ولادة مبكرة أطلقته إلى الدنيا قبل الأوان!

والطفل الفلسطيني هو سياسي بامتياز حينما احتمل الضرب المبرح الذي كان يطاله أثناء دراسته، وعلم أنه كان بسبب حرص والديه على أن يستطيع الحياة مستقبلاً في مجتمع محاصر حتى النخاع!

والمراهق الفلسطيني هو سياسي بامتياز لأنه لم يستطع الالتحاق بنادي رياضي لأن والده بلا عمل ثابت، وأقام في كل حارة وزقاق وشارع نادياً رياضياً مع أصدقائه وجيرانه متكيفاً مع غلاسة المرور!

والشاب الفلسطيني هو سياسي بامتياز لأنه كان يقطع كل يوم بضع كيلومترات في 6 ساعات على أقل تقدير، وكان يجلس تحت لهيب الشمس صيفاً أو تحت المطر في الشتاء القارس حتى يعبر الحاجز كي ينهل من العلم ما استطاع إليه سبيلا!

والطفلة الفلسطينية هي سياسية بامتياز، حينما صنعت دميتها من تلقاء نفسها يوم العيد كي لا يدفع والدها ثمن دمية جديدة من جيبه المرهق بمتطلبات الحياة!

والأب الفلسطيني هو سياسي بامتياز لأنه بدون السياسة لم يكن ليتمكن من إدارة منزله بنجاح نسبي في ظروف متغيرة وقاهرة وصادمة إلى هذا الحد!

والأم الفلسطينية هي سياسية بامتياز، لأنها برمجت نفسها على معطيات كثيرة متغيرة، وتكيفت بلا كلل ولا ملل مع الضغوطات المالية للعائلة وتقلبات الكهرباء وشح المياه بكفاءة عالية...

والعجوز الفلسطيني سياسي بامتياز، لأنه وصل إلى مرحلة الشيخوخة مبتسماً دون أن يصاب بسكتة قلبية حادة تقتله في شبابه بسبب قهر الحياة الذي عايشه طوال عمره!

م.علاء زايد فارس
2/10/2014