[align=justify]
يشدني الشرود وبسلاسله يقيدني في سرابه الموحش .. عواصف ثلاث سنوات تقاذفتني وصمتك لم يزل يرعبني منذ أن ذابت شموعك فأحرقتني ولجّة الأحزان دوامة ابتلعتني.. دامية روحي وغريبة ذاتي عنّي....
حين دخلتَ الغيبوبة كورقة ذابلة أوقعتني .. رفضتُ رحيلك وقاومته طويلاً لكنك أبداً لم تعد .. مثل نور ذهبت ولم تعد يا صديق العمر يا ابن عمتي الأغلى والأقرب..
كيف يطمس الموت كل هذا الجوهر.. كيف يفنى عقل مذهل الإبداع.. كيف يطمس التراب أصابع من ماس كانت تصيغ من الحروف أقماراً ؟؟
لماذا رحلت طلعت وتركت خلفك وجه الخريف يذرف دموعه التشرينية الكئيبة؟!
16 تشرين الأول 2011 ، 16 تشرين الأول 2014..
ثلاث سنوات مرت بآلامها وصدماتها وأوجاعها.. ما قبل تشرين 2011 غير ما بعده
هدى - طلعت أعرف أنك تسمعني وتقرأني
طلعت - هدى أنا هنا يا صديقتي.. أعيريني أصابعك حتى تقرئيني..
هدى - أسمعك طلعت .. وكأن صوتك يصدر من أعماق روحي.. لك أصابعي
ترابك مسك وعنبر لا ينبت فيه غير الغار.. منك الغار ولمثلك الغار..
هدى- سؤال طالما أرقني وأوجعني ، لماذا رحلت طلعت وهل أردت الرحيل أم أنك فوجئت به مثلما فوجئنا ووجدت نفسك داخل شرنقة الغيبوبة كجسر عبور إلى الضفة الأخرى من هذا الكون ؟؟
طلعت - لا يرحل الإنسان منا يا هدى مثل هذا النوع من الرحيل إلا إذا شعر برغبة جامحة للنوم والهبوط من محطة قطار الحياة ، وأنت تذكرين قصيدتي: " سأنام طويلاً" ربما هي رغبة العقل الباطن وجذب الروح وربما هو الوقوف لحظة أمام غيوم سوداء ملبدة تشعرنا بكثير من الخوف..
طلعت - حين كنا أطفالاً كان إذا فاجئنا ما نخشاه نخبئ أعيننا بكلتا اليدين ، وإذا زاد الخوف نختبئ منه خلف باب أوفي خزانة الملابس وأحياناً تحت السرير..
حين نكبر نختبئ بالنوم .. بمغادرة قطار الأحزان والآلام .. أحياناً نهرب بقصيدة أو قصة ننسجها وأحياناً أخرى إذا ما زاد تلبد الغيوم .. نهرب إلى ما هو أبعد.. العقل الباطن عالم عميق الأغوار كثير الألغاز والخبايا يجهل عقلنا الواعي درب كهوفه وخباياه .. فالشاعر كتلة من الأحاسيس المرهفة والأديب طفل شفيف الأحاسيس يخشى الشر ولا يستطيع التعايش معه .. حين تهرم الروح من شدة الآلام والمآسي ينهار الجسد..
هدى - آه من تلك القصيدة:
أشعر ُ أنّي متعبْ!!..
يا أمي ..
كلّ مرايا العمر ِ انكسرتْ
وتشظّتْ أوراقُ الروح ِ
بقايا حبر ٍ أسود َ
كفّي عارية ٌ مني
والقلب ُ المجروح ُ
المأخوذ ُ
مِرارا ومِرارا ً
فوق رصيف ِ الدمعة ِ
يصلبْ
يا أمي أقسم ُ بالله ِ تعبتُ
وتهتُ
ظمئتُ
فمن يعطيني كأسا ً
مغسولا بحنان ِ الروح ِ
لكي أشربْ؟؟..
أحيانا ابكي !!..
أحيانا اضحك ُ
مثل المجنون أسير ورائي !!
ألهث ُ من وجع ٍ يضربُ
جلدي
أحملُ داخل َ نعش الريح ِ غطائي !!
لا شيء َ يساوي شيئا ً !!
لا شيء يساوي بعضَ غبار ٍ
جمعتها السنة ُ كلاب ٍ
مضغتْ لحمي
ورمت ْ أشباح أذاها
فوق َ حذائي !!..
أشعر أني متعبْ
هذا العالم مسكونٌ بضباب ٍ مجنونْ ..
أين الدفء ُ وأين الناس ُ ؟؟..
لماذا لا أبصر إلا جثثا تمشي ؟؟..
وكلابا تنبحُ ؟؟..
وعيونا يكسرها الذلّ
فآخْ
لصراخي ألف صراخ ٍ !!..
آخْ
من منكم أبصر وجها يحمل ُ
بعض ملامح إنسانْ
أشعر أني متعب ْ
يا أمي
مدّي كفك ِ حتى اشربْ
مدي كفك حتى أسقطَ رأسي
حتى أنسى نفسي !!..
مدي كفك حتى ارمي ظلي
وأنام ْ
سأنام طويلا
لا احدَ سيسألُ عني
أعرف لا أحد سيسأل عني !!
فالناس الجثث عرايا
حتى من أحلام الناس ْ!!
يا أمي
لا أحد سيسالُ عني
سأنام طويلا ..
وطويلا .. وطويلا ..
-
[/align]