رد: العنف والوحشية والمرأة هي الضحية
[align=right]
أخي الأستاذ رشيد..تحياتي
شكراً لك على التحليل المنطقي السليم
أنا معك تماما من حيث أن الكثير من الأمراض النفسية تكون وراء الجرائم الوحشية
نيرون أحرق روما وجلس كما يقال على قمة جبل يستمتع برؤية النيران تلتهم المدينة والناس
ولكني أرى أن الكثير من الأمراض النفسية يكون المجتمع نفسه المحيط بالشخص الغير سوي هو المسؤول عنها
لو أردنا الخوض في الأمراض النفسية والتوسع في هذا الملف، فمن المتعارف عليه أن الطفل الذي يتعرض للعنف يغدو رجلاً عنيفاً والذي يتعرض للظلم والقسوة الفائقة يصبح قاسياً لا تأخذه رحمة بمن حوله أو ينعكس انهياراً ودونية على نفسه وتعذيبها بحكم العادة ( السادية والمازوشية)، بل ومن المتعارف عليه أن من تنتهك إنسانيته كثيراً قد يشكل هذا عنده عقدة تجعله يتقمص شخصية من انتهك إنسانيته ولعل هذا الأمر نراه ملياً في زماننا، فبعد سقوط العراق حدثت هجمة من نوع آخر نعاني منها في مجتماعتنا وخصوصاً بين فئة الشباب من حيث تقليد هذا المستعمر الغاشم وموجة الانفلات المرضي من القيّم والأخلاق حتى وصل الأمر عند فئة من الشباب إلى رفض المحادثة باللغة العربية واستعمال لغة المستعمر بدلاً عنها، ففي لبنان مثلاً لكوني أخبر به من باقي بلداننا العربية كان الشباب يطعّمون جملهم بمفردات فرنسية كون لبنان خضع للاحتلال الفرنسي وبعد سقوط العراق مباشرة بدأت تختفي حتى المفردات الفرنسية واستبدلت بالانكليزية.
ورأينا على الشاشات بالإضافة للانفلات من قيمنا ولغتنا كيف أصبحت معظم النساء شقراوات بعيون ملونة ( يتشبهن بالأميركيات خاصة والغربيات عامة) حتى بين سمراوات الخليج ودرجت فكرة كما نقرأ (صالونات المساحيق الكيميائية لتبييض لون البشرة على خطورتها وتسببها بالسرطان) وإن يكن هذا غرس في مجتمعاتنا منذ بدايات الاستعمار الغربي وبدء السقوط والضعف لأمتنا واستفحل الآن أكثر، ودخلت عند العامة في وصف الجمال، أن الجميلة هي البيضاء الشقراء صاحبة العيون الزرقاء حتى لو كانت في مقاييس الجمال قبيحة الملامح لا تتسم بالحلاوة والجاذب واختفى التأثر بالجمال العربي والشعر الأسود كالليل وعيون المهى العربية السوداء.
وبالعودة إلى موضوع العنف الوحشي الموجه ضد المرأة يقال أن أسلوب التربية عند العامة وفي القرى على وجه الخصوص يؤسس لسادية الرجال ومازوشية النساء
فالولد الذكر منذ طفولته يعيبون عليه التأثر وإظهار عواطفه والدموع التي لا تليق بالرجال مقابل القهر والخضوع التام للبنت لأصغر فرد ذكر في عائلتها وخدمته والبقاء رهن إشارته.
أما الوحشية فما زلت أذكر عبارة كان يقولها أحد القتلة الذي يقيم في قمم الجبال الوعرة في شمال لبنان، وكان نزقاً ويمكن أن يردي أي إنسان لأتفه سبب وقد بدأ سلسلة جرائمه بقتل ابن عمه لخلاف بينهما من يملأ الجرة من عين المياه في قريته قبل الآخر
قال: " القتل أول مرة صعب والثانية أسهل ثم يصبح تدريجياً مثل شرب المياه وأسهل الأمور لإزاحة من يعترض طريقك"
وعلى الهامش، أغرب ما في الأمر أن هذا الرجل القاتل الجاهل الأميّ والعقيم أيضاً، أحبته فتاة كنت أعرفها معرفة شخصية، رقيقة المظهر من قرية مجاورة تخرجت من كلية الحقوق وتدرجت وأصبحت محامية جيدة وتزوجته رغماً عن أهلها ( المازوشية) وعاشت معه حيث يقيم في الجبال الوعرة بعيداً عن أي قرية أو مجتمع سكني.
يوجد أيضاً بين أصحاب المال والسلطان مرض تضخم الذات وضآلة الآخر أمام فكرة هذه الذات العملاقة عند صاحبها، والذي يكون قد تعود من الطفولة المبكرة على وجود الخدم والحاشية ومن يكونون باستمرار رهن أوامره ومنفذون فقط لرغباته ونزواته، وهذا الصنف ينشأ فاقداً معاني الإنسانية وغير مبالي بالآخر ( سادية شديدة وأنانية فوقية متوحشة).
ولعلّ من أخطر الأمور احتقار الأم وإذلالها وضربها كثير من الأحيان من جانب الأب أمام أطفاله، بحيث ينشأ الطفل الذكر متجرءا على أمه، لا يشعر بإنسانية الأنثى بعد سقوط قيمة الأنثى الأهم والأعلى مرتبة وهي أمه وعلّة وجوده، وكذلك الأم الخائنة وغير الملتزمة بقيّم الشرف والأخلاق لا يمكن أن تنتج إلا وحشاً بشرياً يود أن ينتقم من أمه لو استطاع بكل نساء الأرض.
وللحديث بقية، خصوصاً ما يتعلق بالخلط بين العادات البالية والأمراض الاجتماعية والدين الإسلامي النبيل وعدم فهم قيّم الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا سأجيب عليه لاحقاً في جوابي على الأخ الغالي الأستاذ مازن شمّا
وتفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
[/align]
|