((ابن خلدون))
أولاً حياته: ولد ابن خلدون في تونس عام 1332م وهو ينحدر من أسرة عربية يمانية تقلد ابن خلدون مناصب كثيرة لكتابة السير والقضاء والسفارة والوزارة في بلاط الأندلس وفارس وغرناطة..لكنه مالبث في ربيع عام 1375م أن تخلى عن النشاطات السياسية كافة وتفرغ للبحث العلمي والتفكير ..فكان أن أشرع في تأليف كتابه الشهير:((كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)) وقد وضع لهذا الكتاب مقدمة عرفت باسم مقدمة ابن خلدون وقد كان واعياً لأهميتها شرح فيها منهجه في كتابة التاريخ واضعاً أسس علم جديد سماه طبائع العمران وهو الذي نسميه اليوم علم الإجتماع. وقد تعرض ابن خلدون بسبب هذا الكتاب لحلمة اضطهاد منظمة على نطاق واسع فترك تونس عام 1382 م قاصداً مصر حيث تقلد مناصب كثيرة حيناً وتعرض للإضطهاد حيناً أخر بسبب مواقفه السياسية والفكرية.. وقد ظلّ على هذه الحال حتى وافته المنية عام 1407م.
ثانياً نظريته الإجتماعية:
تقسم هذه النظرية إلى قسمين :
يكشف ابن خلدون في القسم الأول عن أسباب وأسس نشوء المجتمعات البشرية ويصوغ في الثاني القوانين الفاعلة في التطور الإجتماعي.
آ أسباب نشوء المجتمع:
يرى ابن خلدون أن ثمة أسباب أساسية لنشوء المجتمع البشري تعبر عن حقيقة أي مجتمع كان أصدق تعبير وهذه الأسباب هي:
-1- الحاجات المادية:
فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وركبه على صورة لا تستقيم حياته ولا يكتب له البقاء إلا بالغذاء لكن لما كانت قدرة الواحد من البشر قاصرة على تحصيل حاجته منه فلا بد من إجتماع عدد كبير من ابناء جنسه لتحصيل القوط له ولهم فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الحاجة المذكورة لأكثر منهم بأضعاف .
-2- تقسيم العمل:
إن التعاون المتبادل بين الناس من أجل إرضاء الحاجات المادية يستدعي القيام في تقسيم الأعمال فيما بينهم وذلك لأن حاجة الناس إلى الأدوات المختلفة والضرورية لسير العمل هي التي تفرض ذلك وبهذا الصدد يقول ابن خلدون:((فالناس إنما يجتمعون للتعاون في تحصيل المعاش ابتداءً بما هو ضروري وبسيط قبل الحاجي والكمالي فمنهم من يستعمل الفلح ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان ومن هؤلاء من ينتحل الصنائع ومنهم من ينتحل التجارة)).
-3- الدولة:
لكن لما كانت مصالح الأفراد متناقضة فيما بينهم فإن بقاء المجتمع رهن بوجود من يوازن بين الخاصيات الفردية المتناقضة وهنا يأتي دور الدولة لقيادة ذلك المجتمع وتحقيق السلام بين أفراده وهكذا نجد إنه لأول مرة في تاريخ العلوم يتحدد المجتمع لا كجماعة سياسية بالمعنى التقليدي الذي يقول: إن الإنسان مدني سياسي بطبيعته كما عبر عن ذلك أرسطو في الفكر اليوناني ولا كجماعة مثالية كما هي الحال عند الفارابي بل كجماعة قائمة على أساس العمل التعاوني المشترك الذي تفرضه حاجات تلك الجماعة المادية.