ب التطور الإجتماعي:
يمكننا القول أن ابن خلدون كان أول من درس مراحل التطور الإجتماعي التي وجد أنها تمثل إنتقال المجتمع من حال معيشية انتاجية إلى حالة معيشية أكثر منها تقدماً وقد رأى أن الإختلاف في أسلوب المعاش بين الجماعات يرجع إلى الإختلاف بينها في طرائق تحصيلها لرزقها فكل جماعة تبدأ بما هو ضروري منه وحين تشبعه تنتقل إلى الحاجي والكمالي وبناء على ذلك فإن المجتمعات مرت بحالتين:
حالة العمران البدوي ( ويقصد الحالة الرعوية) وحالة العمران الحضري(ويقصد الحالة الزراعية والصناعية). وهكذا يكون ابن خلدون أول من رسم طريق التطور الصاعد من المراحل الدنيا إلى المراحل العليا بعد أن بين أن المجتمعات ليست ثابتة بل عرضة للتغير دائماً وإن طرائق تحصيلها لرزقها هي القوى المحركة الدافعة لها إلى الأمام بإستمرار وقد أفصح عن ذلك صراحة حين قال في المقدمة((أعلم أن إختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو بإختلاف نحلهم من المعاش وإن اجتماعهم إنما يكون للتعاون في تحصيله)) وعلى هذا النحو يكون ابن خلدون أول من صاغ نظرية في التطور الإجتماعي تقوم على أساس أن المجتمعات تتقدم بمراحل دنيا إلى مراحل عليا من خلال إنتاجها لشروط حياتها الضرورية والكمالية وأول من ربط بين تطور أشكال الحياة الإجتماعية وتطور الطرق الإنتاجية التي تخدم تلك الشروط والحقيقة أنه وصل إلى ذروة الفهم في عصره إلى قوانين التطور الإجتماعية مما جعله بحق صاحب فضل على العلوم الإجتماعية في التاريخ الحديث والمعاصر.