[محمد خويطي]

شكرا جزيلا أخي محمد الصالح؛ على هذا البيان الموجز "لقصيدة النثر"..
لكني رأيت البيان أدل ما يكون على تخييب أفق اتظار القارئ؛ وهذا ظاهرـ أو بدا لي ظاهرا على الأقل ـ عندما عمدت إلى إسقاط الخصائص المبسوطة على النموذج الذي اخترتَ، وهو "رثاء الحلاج"
ذلك؛ أني رأيتني أمام ما يشبه التناقض بين هذه الخصائص وبين النص، ودونك البيان:
قلتَ أخي ـ أجلك الله ـ :( لا وزن في "قصيدة النثر" ولا قافية).
وأقول: أما القافية فقد ألغاها شعر التفعيلة وهو سابق قصيدةَ النثر في السيرورة التاريخية لشعرنا العربي، فلا إشكال في أن تلغيها قصيدة النثر أيضا، وأما "الوزن" فقد وجدتني أمام قصيدة موزونة على تفعيلة الرجز (مستفعلن). هذه واحدة.
الثانية: قلتَ؛ بأن "النثيرة" لا توظف فيها المحسنات البديعة، والموذج يكاد يكون ـ من أوله إلى آخره ـ مدثرا بدثائر هذه المحسنات، فلو أخذا ـ مثلا ـ هذا المقطع:
أَلزّمنُ استلقى على يديكْ
والنار في عينيكْ
مجتاحةٌ تمتدّ للسماء
يا كوكباً يطلعُ من بغدادْ
محمّلاً بالشعر والميلادْ،
يا ريشةٌ مسمومةٌ خضراءْ.
لوجدناه استعارات يأخذ بعضها بيد بعض لترسم جميعُها لوحة فنية غير بعيدة تماما عما ألفناه من صور في الشعر التقليدي، وهذا ظاهر بَيِّن الظهور ـ كما يبدو لي ـ،
ثم إِنَّا لو أخذنا ـ مثلا ـ قوله:(يا كوكباً يطلعُ من بغدادْ///محمّلاً بالشعر والميلادْ) فسنجده على هذا الوزن ( مستفعلن/ متفعلن/فعلان....متفعلن/مستفعلن/فعلان) فهو إذن ـ كما ذكرت ـ على الرجز، هذا على قراءته بالوقف، فلو أنا قرأناه بالإشباع، لكان عموديا خالصا: (مستفعلن/ متفعلن/ مستفعلْ....متفعلن/ مستفعل/ مستفعلْ) وأكثر من هذا؛ أن الشطرين كليهما اتفقا في الحرف الأخير، وهذا ما يسميه القدماء " التصريع/ أو التقفية" على اختلاف بين المفهومين يسير..
والثالثة: قلت بأن "النثيرة" غامضة المرامي، ومعتمة بشكل مطلق، ومستعصية على الفهم والتفسير، حتى على شاعرها نفسه، والحقيقة ـ كما أتصورها ـ أن القصيدة واضحة المرمى، مفهومة، قابلة لتفسير، وليس الرثاء إلا غرضا من الأغراض التى نشأت مع نشوء القصيدة الجاهلية الأولى...
هذا كلام مختصر بينت فيه بعض جوانب الخيبة التي كسرت أفق انتظاري، وأرجو منك أخي محمد الصالح أو غيرك من الفضلاء مزيدا من البيان..
ودمتم للأدب حامين، وللشعر صائنين، ولعقول الناشئة منوِّرين.
والسلام عليكم...
محبكم محمد خويطي