رد: ما الفرق بين اللغة العادية واللغة الشعرية؟/ رجاء بنحيدا
تصنف اللغة بالنظر إلى الغاية التي من أجلها تستعمل ، فإذا استعملت بغرض التواصل ونقل الفكر فإن الأمر سيحيلنا بالأساس على نسق اللغة العملية باعتبارها لغة الحديث اليومي ، إذن نستطيع القول بأنها اللغة العادية لغة العامة ، لكن يمكننا الحديث عن أنساق لسانية أخرى ، يتوارى خلفها الاستعمال العملي للغة ، واللغة الشعرية واحدة من هذه الأنساق ، بل إنها أفضل نموذج يمكن من خلاله التمثيل للقيمة المستقلة .
من المهم التمييز بين النشاطات البشرية التي تحمل قيمة في ذاتها عن تلك التي تروم امتلاك هذه القيمة عبر كونها وسائل لتحقيق غايات خارجها .
ومعلوم أن اللغة عموما كما رأها دوسوسير " نظام إنساني من العلامات الصوتية المنطوقة التي تمكن الأفراد من التواصل بينهم " فالتعريف واضح ، لكن ما الباعث على وضع هذه التصنيفات للغة ؟ وما الغاية وراء التمييز بين اللغة العملية من جهة واللغة الشعرية من ناحية أخرى ؟!
في هذا الصدد لا بد من إلقاء نظرة عامة ولو موجزة عن كتاب " نقد النقد " الذي يناقش فيه تودوروف إواليات الممارسة النقدية سواء في مظهرها الكلاسيكي التقليدي أو وفق المنظور الحديث ، إذ يستعرض هذا الكتاب آراء بعض أهم رموز الثقافة والنقد في القرن العشرين ، بدءا من الشكلانيين الروس مرورا ببول بنيشو ، سارتر ودوبلين كذا باختين وبروست ، فراي وغيرهم الذين اعتبروا الممارسة التأليفية أو النقدية تداخلا نصيا مرتبطا بالإرث الأدبي ، تستحضر الأعمال السابقة وتنطلق منها في إطار بعد حواري تجعل من هذا الكتاب عملا إبداعيا يتعاطى مع القارئ ويحثه على خوض غمار تجربة القراءة ، وبذلك يتم تجاوز ظاهرة العزوف عن قراءة الكتب النقدية والأدبية عموما .
يتبع
|