[frame="13 90"]
..وأذكر حين طرقنا باب الكامل في بكائية النور ..حينها استهلّها الشاعر ياسين عرعار بقوله:
ـ القَلْبُ يَصْرُخُ وَ الـمَدَى أبْـيَاتِي
................... وَ الشِّـعْرُ يُلْهِمُنِي ذُرَى اللاءَاتِ !
وتعاقب الشعراء..حسن ، دينا ، علاء ..فكتبتُ:
ـ تتّابعُ الأحزانُ في زمنٍ لظىَ
........................... طعناتُ قلبي جاوزتْ دقّاتي
تأثّر كثيرا العاتري..وكأننا لامسنا فيه وترا حسّاسا..هذا الوتر الذي أشعّ رائعته (وتر الجبال) !!
فالنّحاتُ..كالنيل قديما..لا يفيض إلا إذا أسعدوه بالقربان..حسناء يتلقفها، يغمرها بزرقته..النّحات كما في الأساطير..لا يتفجّر شعرا وسحرا معا إلا إذا غار حدّ الخنجر في الصخر!!
وكانت المرثية..وكان العاتري أجمل فرسانها ! تائية كاملية شفيفة صادقة..امتدّت بين الصخر والجمر والجليد والرّماد..امتدّت بعيدا في وجداننا، فأمطرت آها وحزنا وألما..واستقرّت في ذواتنا أغنية للوفاء الراسخ إلى الأبد..حينما يبكي الشاعرُ الشاعرَ لا يرثيه أبدا بل يُجليه حقيقة ..فيبدو أجمل وأقوى ! فطلعت سقيرق بكل وهجه وجبروته الشعري يجعل العاتري يستحضر التّاريخ والجغرافيا معا فتتلاشى الأبعاد وتذوب المسافات..فغزة ، والقدس وأوراس..والبرتقال والزيتون والدّالية..والفارس وطارق ..مفردات ليست بريئة تقفز من قاموس النّحّات لترسم المشهد الشعري ذا الدلالات الأعمق..إنّ النحّات يؤنسن الجمادات بلمسة شعرية ساحرة..وذنبه أنّ الذي فارقه حمل معه كلّ أدوات الإبداع وترك فجوة في نسيج المودّة ..وخارطة الإبداع ! وأن ترثي كبيرا معظلة كبرى..والنّحّات بمقدرته الشعرية الإبداعية أوقعنا ـ نحن معاشر الشعراء ـ في ورطة كبيرة..فوتر الجبال قصيدة تجاوزت كلّ ما قيل في الرّثاء !ومعزوفة صيغت بإحكام تعدّت كل الألحان !أو ليست قيلتْ في الراحل الحي الشاعر الإنسان والإنسان الشاعر والإنسان الإنسان والشاعر الشاعر ـ طلعت سقيرق ـ عليه رحمة الله..فشكرا أخي الشاعر الأستاذ عادل سلطاني..شكرا أختي الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب...
[/frame]