الموضوع: لطائف الرحمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 12 / 2014, 41 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
عمر الريسوني
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية عمر الريسوني
 




عمر الريسوني is on a distinguished road

لطائف الرحمة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله
وكافة المرسلين وعباده الصالحين


سبحان الله بكرة وأصيلا تسبيحا يليق بكمالك وعزتك ومجدك وباشراقة أسرارك في قلوب طاهرة
موقنة غمرها الحب والصفاء تسبحك تسبيح الأسرار في بحار التعظيم .
وانه الحبيب الذي لا يعدله حبيب الذي يتذلل له
المتذللون ويتضرع له المتضرعون من عباده وهو الذي تبارك اسمه ، واذا رأيتم العبد يكثر من ذكر
ربه فذلك من حبه لربه والله أذن له في ذلك ولم يحجبه عنه وأن هذه المعرفة قدرها
عزيز عند الله يلهمها أولياؤه فانظروا الى الكافر فهو عبد أعمى أبى أن يعرف ربه ولا يستسيغ
علما ولا يرى قربا لأنه يرى الأشياء بماديتها ، وبصيرته عمياء لا روح فيها ، ولا يرى الا
ظاهرا من الحياة الدنيا ، ولا يذكره عبد من عباد الله في نفسه الا ذكره في ملأ من
ملائكته ولا يذكره في ملأ الا ذكره في الرفيق الأعلى ،
فيا أحبابي ان الله تعالى هو الخالق فلا مماثلة بين الخالق والمخلوق
فالخالق هو الذي أظهر الحقائق وبه ظهرت الأشياء كلها ولو كان له عدم أو غيبة أو تغير
لانهدت السموات والأرض وبطل الملك والملكوت ولأدرك بذلك التفرقة بين الحالين ولو كان بعض
الأشياء موجوداً به وبعضها موجوداً بغيره لأدركت التفرقة بين الشيئين الدلالة ولكن دلالته عامة
في الأشياء على نسق واحد ووجوده دائم في الأحوال يستحيل خلافه والله تعالى لو كان جسما لكان من
جملة العالم وكان حادثا واحتاج الى محدث ، واذا لم يكن جسما فليس الى ادراكه شيء من حواس من
سبيل ، لأن الحواس المخلوقة لا تدرك الا الأجسام ، كما لا يمكن أن يتخيل لأن التخيل ليس شيئا الا احضار
صور المحسوسات ، فلا جرم أورثت شدة الظهور
خفاء فهذا هو السبب في قصور الأفهام عن معرفته ولكن من قويت بصيرته ولم تضعف منته فإنه
في حال اعتدال أمره لا يرى إلا الله تعالى ولا يعرف غيره يعلم أنه ليس في الوجود إلا الله
ورأى أفعاله أثر من آثار قدرته فهي تابعة له فلا وجود لها بالحقيقة ودونه وإنما الوجود للواحد
الذي به وجود الأفعال كلها فلا ينظر في شيء من الأفعال إلا ويرى فيه الفاعل ويذهل
عن الفعل من حيث إنه سماء وأرض وحيوان وشجر بل ينظر فيه من حيث أنه صنع الواحد الحق فلا
يكون نظره مجاوزاً له إلى غيره فهو سبحانه الفرد الصمد ، والصمد هو المتعال عن الكون
والفساد ، فلما عجز الواصفون عن
الوصف فلم يصلوا الى الموصوف احتجبوا بالغيب وانصرفوا حيارى عطاشا غير مدركين حقيقته
فأقروا بالعجز عن الادراك وادراك الادراك ، لكن لطفا منه ورحمة لما علم عجزهم عن معرفة حقيقة
هويته وصمديته ووحدانيته وفردانيته تجلى لهم بنعوت الجمال من لباس الأفعال لكيلا يحرموا من
نصيب عرفانه فهاموا بحبه في بيداء أنوار جماله وجلاله وأعلمهم أنه منزه عن مباشرة الحوادث
وأنه لم يكن محل الحوادث ، فالألوهية هي حق لا ينفع فيها كل سؤال قاصر عن الفهم والادراك بمحدوديته
وفق نموذج مصغر مرسوم له بعناية فائقة ، فذاكم الاشراق من الفجر وذلك الفجر من الاشراق ، فقد تعجز
المدارك المخلوقة أن تفقه معنى الصمدية وهي ممتنعة عن الادراك
والاحاطة بقول الله تعالى ( ولا يحيطون به علما ) الآية ، لكن برهان المثل الأعلى دال على الاستعلاء
والاستكمال فكلما تصورت
مدارك العقول شيئا عظيما الا وتصورت ما هو أعظم منه والعقل المخلوق يتطلع دوما الى ما هو أكمل
وهذا الفهم الحصيف ينقلنا الى تدارك أن الله تعالى هو غاية الكمال وحقيقة كل الوجود ، ولذلك أخبر الحق
تعالى في كتابه العزيز ( فاعلم أنه لا اله الا الله ) الآية ، فهذه الآية تتضمن حقائق عظيمة والعلم بها ضروري
وليس مجرد اكتساب لأن الأحدية جمع جميع الحقائق الوجودية الكمالية ومرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات
ولا يكون علمها قائما الا بوجود نفس الكمال في ذات الحق .

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عمر الريسوني غير متصل   رد مع اقتباس