بارك الله فيك أخي الحبيب الغالي زين العابدين
ولي الشرف أن أتواجد معكم في هذا المنتدى الطيب بأهله ما شاء الله
وأقول لكل الأحباب كما قال ذلك العبد الصالح المبارك أريد
دوام ذكره من فرط حبه ، فهو سبحانه أيها الأحباب
أحق بالمحبة وهي محبة خالصة لذات المحبة وليس
المحبة التي علاقتها احسان فالمحبة المزهرة هي من
عبق المعرفة ، قال الامام الجنيد العلم أن تدرك قدرك بذاته ، فالعلم
والمعرفة لازم للعبد وهما ليسا من
صفات العبد فاذا عرف وعلم ، فانظر كيف كان .
فالله تعالى ينظر الى قلوب عباده بالفضل
والرحمة ليكشف عنهم حجاب الغفلة ويظهر لهم لطائف القدرة ، والعقل
اذا اتعظ أطاع ، وكل فرضية في حدود العقل تبقى ظنا بغير معنى ولا برهان
الا أن يفقهها القلب ، وهذا من كمال الحكمة في المعرفة بالله ، فانهلوا يا أحبابي
من عيون الحكمة فهي من جنود الله تفقهها القلوب والحكمة تجول في عالم الملكوت
ثم تعود على صاحبها بأطراف العلم الذي يرفعه درجات ، واذا لم يتفاعل كيان الفرد مع
حقائق هذه الأنوار التي تحيي مهج روحه يبقى كيانا من دون معنى وقد يؤدي ذلك
الى قسوة القلب ، فانما المؤمنون اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم
ايمانا وتصديقا وليس من عرفه بالخبر كمن عرفه يقينا وأحيا مهج روحه وصح يقينه ومن
حبه لله أحب لقاءه وازدان به محبة ومهجة وسرورا ، فكلما قويت الحجج زاد التصديق
والايمان وصح اليقين وانقشعت السحب والحجب وأدرك العبد وهو متنعم في صفاءه أنه الله وعانقه بحرارة
الشوق والوجل والدمع المنهمر ، وهناك حكمة متعالية بصفاءها فالعبد ازاء هذه المعرفة المطهرة مثله
كالأعمى والجوهرة وليس للأعمى من الجوهرة الا لمسها وبمعنى أوضح كالبصر اذا غشاه نور الشمس فانه حينئذ
لا يدرك شيئا من المبصرات ، وانها والله لحكمة متعالية لا يفقهها الا أولوا الألباب أودعها الحكيم بعنايته وحكمته المتعالية
ورحمته في بديع خلقه ليصل العبد الى تحصيل أنوارها بسعيه وطهارته وهمته فتجعل العبد يولف هذه الحقيقة بابصاره ، فأشد
العلم تحققا أن تبصر المعنى بغير هوية لأن كل نور أحاط به علم الخلق فهو مخلوق بينما نور الله الساطع المبارك الزكي فهو
غير مخلوق لذا فسر السعادة في داخل ذواتنا وليس خارجها فاذا تطهرت نفوسنا من العلائق والحجب سطعت الأنوار وهذه السعادة
في ذواتنا وداخلنا كالشمعة المضيئة التي يزداد وهجها بالابصار والتصديق الى حين تصبح مشاهدة منعمة بأنوارها الزكية وكأنك
ترى الشيء وأنت لا تراه لذا نجد لدى عباد صالحين أقوال مغمورة رصدتها في كتبهم بقولهم أنهم لم يروا شيئا الا رأوا الله فيه وهذا يدل
على صلاحهم وطهارة قلوبهم بشدة تصديقهم ويقينهم وتجليات رحمته عليهم .