عرض مشاركة واحدة
قديم 17 / 12 / 2014, 50 : 05 PM   رقم المشاركة : [1]
عمر الريسوني
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية عمر الريسوني
 




عمر الريسوني is on a distinguished road

لله الحجة البالغة


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله
وآله وكافة المرسلين وعباده الصالحين

الله تعالى هو الذي له الخلق والأمر لا معقب لحكمه وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير تعالى وتقدس لا يشرك في علم غيبه أحدا لكمال قدرته وعجز غيره عن شأنه كما لا يجوز لحاكم أن يحكم أو يسن التشريعات أو يحكم من ذات نفسه فيكون شريكا لله في حكمه ، وإن الحكم إلا لله وكما ورد في الحديث ( بك خاصمت وإليك حاكمت ) ، فعلى العباد أن يثبتوا إلهية الحق في قلوبهم وينفوها عمن سواه ، فالحاكمية لله وحده ، ولذلك حذرنا الحق بمن أشركوا بالله لما اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله ، وهو سبحانه مع ذلك يوضح لنا السبل السليمة حتى نجتاز كل العقبات بأمن وسلام فلا نزل ونضل عن النهج القويم وحتى نبلغ دار السلام التي يدعونا اليها والخالية من كل الآفات ، ومع ذلك فالتذكير بالحق ملزم حتى يأتي أمر الله فهو المتفرد بالربوبية والملك والتصرف في خلقه وما علينا الا الخضوع لأمره ، وهناك من الناس من يعتقد أن العبد يخلق أفعاله ويخرجون أفعال عباده عن ملكه وقدرته ومشيئته وهذا خطأ ، لذلك احتج الكفار في دفع دعوة الأنبياء والرسل بأن قالوا كل ما حصل فهو بمشيئة الله وإذا شاء الله منا ذلك فكيف يمكننا تركه فرد الله تعالى عليهم بقوله ( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) الآية ، فثبتت حجته ببعثه الأنبياء والمرسلين وهداياته وأنواره الساطعة فأبطل حجتهم ، فالإنسان خلق ذا علم ومشيئة وإرادة وقدرة فيعمل بقدرته وإرادته ما يرى بحسب ما وصل إليه علمه أنه خير له والإنسان في ذلك ليس معارضا لمشيئة الله ولا مزيلا لها بل مشيئته تابعة لمشيئة الله ومظهر من مظاهرها ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) الآية ، وقد جرت سنته بأن يشاء لنا أن نعمل عندما يترجح في علمنا أن العمل خير من تركه وأن نترك عندما يترجح أن الترك خير من العمل والله تعالى مع هذا هو خالق كل شيء وبيده ملكوت كل شيء وبمشيئته يجري كل شيء على سنن مطردة ومقادير معلومة فإرادة الله فوق كل إرادة ولا يمكن أن يقع في ملكه وسلطانه ما لا يريد وهو مع إرادته لها يكرهها ويحذر منها ( إن الله لا يحب الكافرين ) و ( الله لا يحب الظالمين ) ولو لم يخلق أسباب الشرور والأثام والمعاصي لبطلت حكمته في إرسال أنبيائه ورسله هداة يهتدى بهم في الصبر على البلايا والشرور (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ) الآية ، ولله الحكمة المتعالية بكمالاتها ، قال تعالى ( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) الآية ، فلا يعترض عليه أحد فيما يفعله إذ هو تعالى لقوة عظمته الباهرة وعزة سلطانه القاهرة ليس لأحد أن يسأله ولا أن يناقشه فيما يفعل ذلك أن أفعاله ومشيئته لا تعلل بالأغراض والغايات فلا يقال فعل كذا لكذا ، إذ لو كانت معلله لكان للعبد أن يسأل ، فإن الله مالك كل شيء وليس فوقه من تجب طاعته ، قال تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) الآية ، فهذا خلقه وهو عليم به فقد جعل في طي كل نعمة نقمة وفي جانب كل مصلحة مفسدة ومن أراد الله به خيرا استعمله في الخير دفعا للشر ، ومن أراد الله به شرا استعمله في الشر دفعا للخير وهو خالق الظلمات والنور ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الآية ، فهو لم يخلق أسباب الذنوب والمعاصي هدرا لغير غاية إلى مخلوقاته بل خلقها ليرتب عليها الثواب والعقاب والهداية والخذلان ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) الآية ، والإنسان خاضع لأمر الله ولا ينتظر ما سيجري به قدر الله وقضاؤه لقوله تعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ) الآية ، فالمرتبة الالهية اذا أخذت بشرط جميع الأشياء اللازمة لها كلياتها وجزئياتها المسماة بالأسماء والصفات فهي المرتبة الالهية واذا أخذت بشرط كليات الأشياء تسمى مرتبة الاسم الرحمن واذا أخذت بشرط أن تكون الكليات فيها جزئيات منفصلة ثابتة من غير احتجابها عن كلياتها فهي مرتبة الاسم الرحيم
فمعاني هذه الصفات كلها بحسب مدلولها اللغوي واستعمالها في البشر محال على الله تعالى إذ العلم بحسب مدلوله اللغوي هو صورة المعلومات في الذهن ، التي استفادها من إدراك الحواس أو من الفكر ، وهي بهذا المعنى محال على الله تعالى ولله علما حقيقيا هو وصف له ، ولكنه لا يشبه علمنا ، وإن له سمعا حقيقيا هو وصف له لا يشبه سمعنا ، وإن له رحمة حقيقية هي وصف له لا تشبه رحمتنا التي هي انفعال في النفس ، قال تعالى ( أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) الآية
فالرحمة إذا نسبت لاسمه الرب أفادت العطاء في القسمة، ذلك أنه سبحانه يقسّم الرزق بالرحمة واذا نسبت لاسمه الله فإنها تدلّ على الفيض الذي لا يتناهي والكرم الذي لا ينقطع ، قال تعالى ( وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) الآية ، وكما ذكرت في البداية فالرحمانية اسم جميع المراتب الحقية دون الخلقية فهي أخص من الألوهية لانفرادها بما يتفرد الحق سبحانه ، والألوهية جميع الأحكام الحقية والخلقية ، والاسم الظاهر في المرتبة الرحمانية هو الرحمن وهو اسم يرجع الى الأسماء الذاتية والأوصاف النفسية والأسماء الذاتية كالأحدية والواحدية والصمدية ونحوها ، واختصاص هذه المرتبة بهذا الاسم للرحمة الشاملة لكل المراتب الحقية والخلقية ، فانه لظهورها في المراتب الحقية ظهرت في المراتب الخلقية ، فصارت الرحمة عامة في جميع الموجودات .

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عمر الريسوني غير متصل   رد مع اقتباس