عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 12 / 2014, 29 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

اليوم العالمي للغة العربية..

احتفلت نهاية الأسبوع المنصرم(وتحتفل هذه الأيام) البلدان العربية باليوم العالمي للغة «العربية»، الذي يصادف ـ18 من ديسمبر، من كل سنة، هذا اليوم الذي أقرته وأعتمدته هيئة اليونسكو، حيث أعلنت في العام 2012 عن تاريخ للإحتفال باليوم العالمي للغة العربية واختارت من الأيام الثامن عشر من شهر ديسمبر. وهذا تقديرا وتثمينا للغة العربية، ولمكانتها بين اللغات في العالم.إذ تعتبر إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وهي من اللغات السبع المستخدمة على شبكة الإنترنت وتأتي بعدها اللغة الفرنسية والروسية. وهي أيضا واحدة من بين اللغات الرسمية ولغات العمل في هيئة الأمم المتحددة. .وبهذه المناسبة التي تحتفي باللغة وبشجرتها المباركة، تتوالد الأسئلة عن حال وأحوال اللغة العربية في بلداننا، وكيف يمكن لهذه اللغة أن تتبوأ المكانة اللائقة بها، وكيف يمكن لها أن تتطور، وما الذي تحتاجه من الناطقين بها من أهل سلالتها من أجداد وآباء وأحفاد؟.

يراودني دائما شعور بالامتلاء حينما أقف أمام اللغة العربية وهي تتجلى في أبهى صورها التعبيرية في القرآن الكريم ألفاظا وآيات، وفي الحديث النبوي الشريف حكمة وإرشادات، وفي أقاويل العرب شعرا ونثريات، فأجدها وكأنها أحاطت بالأفكار إحاطة السوار بالمعصم. فأسأل نفسي عن ماضيها ومصدرها، عن الروافد اللغوية التي صبت رحيقها في حوضها. وأنها كسائر اللغات تطورت شيئا فشيئا لتبلغ هذا المدى من الجودة والإتقان، وهذا الفضاء من الاتساع والاشتمال. فأقف في حيرة وأنا أنظر إليها في صورها وظلالها، في أصواتها وتعابيرها، فأكتشف تدريجيا أن ما أقف عليه ليس من قبيل التطور المزعوم، الذي يجمع إلى عامل الزمن عامل الانتقاء، لأنني كغيري أفهم التطور ضربا من التقدم نحو الأفضل دوما. بيد أن التطور لا يحمل هذه الصفة الإيجابية دائما، فقد يكون السير نحو الأسوأ تطورا في عرف من يجد التطور تحولا من حال إلى آخر، مهما كان نوع التطور سلبا أو إيجابا.
هناك شيء في العربية يرفض هذا الفهم، حتى الشعر العربي بدأناه بطفرة، فوجدنا أنفسنا أمام قصيدة استوفت جميع شروط الشعر الجيد، واللغة الصافية والعبارة الفصيحة، ووجدنا وزنا وإيقاعا، ووجدنا قافية وأغراضا، وحينما سألنا عن الماقبل، قيل لنا أنه كانت هناك محاولات أولية بسيطة لم تحفل الذاكرة العربية بها، وتناستها لكي تخلي صفحتها للجيد من القول، والبارع من الشعر، كما راح البعض ينظر إلى تركيب كلماتها من ثنائي، وثلاثي، ورباعي، على أنها مراحل في بناء الكلمات وتشكيل الحصيلة اللغوية. غير أن النظر المدقق لهذه المسألة يكتشف سريعا أنه أمام نظام أوجد القوالب الصرفية دفعة واحدة، لأنه حين سمى الأشياء بمسمياتها لم يخطر بباله نظامها الصرفي، بقدر ما خطرت الوظيفة التي يتولاها الشيء المسمى. وحينما رسمت اللغة العربية في القرآن الكريم، وهو معجمها التركيبي الأول، رسمت في هيئات وأشكال وأحوال لم يعرف التقعيد اللغوي اللاحق حقيقتها، ولا حاول النسج على منوالها، بل تركها لناسخي المصاحف يتوارثونها جيلا عن جيل وقد أفردوا لها المتون والمصنفات، وحققوا فيها الإجازات. واليوم نكتشف من خلال تشغيل «البصري» واستثمار الشكل، بعدا آخر ما كان لنا تصوره من قبل، وما كان لنا أن ندرك أثره في الدلالة، وكأن الكلمة لا تكتفي بمعناها المعجمي وظلالها التي تنشأ عن سياقها الاستعمالي، بل تضيف إليه بعدا من شكلها الكتابي ما يفتح في بصر المتلقي مسارب أخرى للمعنى والتأويل، وأمام الأمثلة المتكررة المثبتة للقضية، نسأل أنفسنا أخيرا: هل كان راسموا المصحف الأوائل يدركون حقيقة هذا البعد في الرسم؟ أم أن وراء الأمر توفيق من الله عز وجل؟ وأن الخط توقيف منه كذلك؟
حينها، ألتفت إلى أن لفظ «العرب» لغة، لايراد به «الجنس» فننسب إليه كما هو مستعمل اليوم «العربي» لنحدد انتماء بشريا معينا له حضوره في المكان والزمان. بل تنصرف كلمة «العرب» إلى صفة الكمال في كل أمر تمّ فيه التناسق بين شكله ومضمونه، فيصير الحاصل أن الأمر «عربي» ولذلك قال تعالى في محكم كتابه واصفا حور الجنة: «{عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 37]» ولا تحملنا كلمة «عُرُبًا» على أن نفهم منها أنهن «عربيات» بمعنى الجنسية، وإنما «العروبة» فيهن هي تمام الجمال والخلقة والخلق. وكذلك حين قال عز وجل عن القرآن الكريم: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28] فإن كلمة «غَيْرَ ذِي عِوَجٍ» تشير إلى التمام والكمال في لفظة «قُرْآنًا عَرَبِيًّا « فـ»العربية» التي يريدها القرآن الكريم لا تلتصق بالجنس ولا تشير إليه، وإنما تشير إلى كمال كتاب الله كمالا: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]. واللغة العربية إنما تسمّت بهذا الصفة «العربية» لكمال فيها بَلَغَته من خلال تصفية أصواتها، وألفاظها، وتراكيبها، فبلغت به منزلة «العروبة».
(الكراسة الثقافية ـ النصر ـ 2014/12/22)

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس