28 / 12 / 2014, 18 : 02 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
قراءة في قصيدة (( وتر الجبال )) للشاعر عادل سلطاني – هدى الخطيب
[align=justify] من المؤكد أننا لن نجد هنا قصيدة رثاء تقليدية ، فالتعبير الشعري يختلف من عصر إلى عصر ويتأثر بالحالة التي عاشها المرثي ، ودون شك محنة الشعب الفلسطيني أوجدت لغة جديدة في قصيدة الرثاء إذا كان المرثي كرّس نفسه وإبداعه في سبيلها ، فالشاعر المخلص الذي يعيش آلام الوطن ويحمل همه، ضمير الأّمة وصوت الشعب.. ينصهر في وطنه وفي قضية وطنه حتى يغدوان واحداً...
نجد هذه اللغة جلية في هذه القصيدة الرثائية للشاعر الجزائري عادل سلطاني في رثاء الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق ، والتداخل بين مدن فلسطين وبياراتها وبرتقالها وزيتونها ودموع غزة وأحزان مآذن القدس ورماد الظلم..
من اللحظة الأولى وما أن يطالعك العنوان – وَتَرُ الجبال – تشعر برهبة تدّق بابك وتقف في خشوع أمام محراب هذه القصيدة الرثائية ولغتها واستعاراتها الفريدة في عالم الشعر الرثائي... وللجبال أوتار - تفرد هامتها – وتر الجبال ينثني حيث المدى – الخطب كبير إذاً والفقيد هامة استثنائية في مجال ما – مجال فني ولا شك - أوتار الجبال لا أوتادها – وقد أعطاها سعة المدى – ويؤكد لنا المعنى - جنازة الأنغام – وجنازة الأنغام ... في كلماتي – مدى آخر - الوتر يعزف أنغاماً على قيثار اللغة وأوتار الجبال تعزف وتنزف ولا تنثني إلا إذا كان المرثي صاحب قضية كبيرة ... ومن هنا يجعلنا الشاعر الأستاذ عادل سلطاني نشعر مباشرة بهول المصاب – ذَابَ الْجَلِيدُ عَلَى ضَفَائِرِ غَزَّةٍ – هي القضية الفلسطينية إذاً.. ضمير الوطن من محيطه إلى خليجه – وحفيد طارق بن زياد يستحضر جده ويتابع مرثيته الشعرية وينزف مصلوباً بآهاته على جلجلة حزنه واحتراقه النبيل على أهداب غزة وبيّارات يافا وحيفا ( موطن الراحل ) وتمرده الإنساني ، وبرغم كل الحزن على أنّاته لا يغمد سيف جده، وَحَجَرِيَّتِه الشقراء - وَتَخَلَّلَتْ سُدَفَ الرَّمَادِ وَأَشْرَقَتْ - طائر الفينيق الفلسطيني - كمثل طلعت - يُبعث حياً مع قراءة واستحضار كل احتراق شعري نذره للوطن...
ويتابع الشاعر الجزائري عادل سلطاني في رثاء الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق واستعاراته البديعة مستحضراً عذراء فلسطين (ع) الفينيقية الكنعانية في انصهار بديع بين العذراء والأم والأرض الفلسطينية :
ـ هُزِّي بِجِذْعِ الصَّبْرِ .. يَا قِدِّيسَتِي
........................ وَتَبَتَّلِي .. فِي غُرْبَةِ الصَّلَوَاتِ
ـ وَلْتُورِقِي مِلْءَ الضُّلُوعِ .. وَتَسْكُبِي
...................... نُورَ الْحَيَاةِ .. وَتُوقِظِي مِشْكَاتِي
ويتابع نازفاً خطب أحزان فلسطين في انصهاره بين فينيق كنعان وأوراس أمازيغ، مخاطباً
ـ مُدِّي الْجَدَائِلَ لِلْخِيَامِ .. وَمَهِّدِي
.................... طَقْسَ الْعَزَاءِ .. عَلَى مَدَى مَأْسَاتِي
ـ زُفِّي إِلَى الزَّيْتُونِ "طَلْعَتَ" فَارِسًا
.................... مُدِّي الصَّهِيلَ .. وَأَسْرِجِي ثَارَاتِي
ـ مُدِّي الصَّهِيلَ فَسَيْفُ طَارِقَ لَمْ يَذُقْ
...................غِمْدَ الْهَزِيمَةِ .. مَا اسْتَوَتْ صَهَوَاتِي
ـ بُثِّي إِلَى أَوْرَاسَ .. "طَلْعَتَ" فَاتِحًا
.................... حُزْنِي الْجَمِيلَ .. وَبَرْعِمِي ثَوَرَاتِي
ـ إِنِّي اعْتَصَرْتُ الْمَوْتَ .. دَالِيَةَ الْأَسَى
..................... وَرَشَفْتُهُ .. مِنْ أَعْذَبِ السَّكَرَاتِ
ومن دالية الأسى يعتصر خمرة الحزن وفي سكراته....
سكرة الأحزان.. الموت.. الهزائم .. برعم الثورة.. و... النفير ينزّ دماً من لوحاته ويجعله يتساءل ..
يشيِّع أبيات الشعر .. يشيع شاعراً وطنياً شامخاً من فلسطين سقط كبرتقالة فلسطينية عن شجر بياراته..
يشيع شاعر النكبة والنكسة والشتات والتشرد عن أرض الوطن المعذب..
يشيع نهارات ما عرفت إلا الوجع وانكساراته من ضمير أمّة اسمه طلعت سقيرق ، يسأل عن وجه القدس ونظره وقد سكر من خمرة الحزن تعلق بوهج رماد الزيتون الفلسطيني لعله يبعث الأمل وبراعم الثورة من الرماد حياً ويشرق وجه طلعت من جديد بقبس من نور تضيئ كلماته درب التحرير وتعود الحياة لسيف طارق بن زياد ويعود وهجه ...
ـ هَلْ ضَاعَ وَجْهُ الْقُدْسِ بَيْنَ مَلَامِحِي
........................ وَتَلَبَّدَتْ .. فِي تَيْهِهَا مِرْآتِي؟ـ
مَازَالَ نَبْضُ البُرْتُقَالِ مُشَرَّدًا
........................ هَيَّا ارْجِعِيهِ .. لِدِفْءِ بَيَّارَاتِي
عُودِي اهْجُرِي مُدُنَ الْجَلِيدِ وَجَمْرَهَا
......................... وَتَغَلْغَلِي .. يَا حُرْقَةً مِنْ ذَاتِي
هَيَّا اسْكُبِي لَوْنَ الْحِدَادِ عَلَى الْمَدَى
........................ ذَابَ الْجَلِيدُ .. وَشَيِّعِي أَبْيَاتِي
هكذا رثى الشاعر الأستاذ عادل سلطاني شاعرنا الكبير الفقيد طلعت سقيرق – جامعاً كل ألوان المأساة الفلسطينية في لوحة شعرية.. يضعها في بوتقة واحدة ... في ملحمة رثائية....
وهكذا نجد مأساةالشعب الفلسطيني وهمومه انصهرت بإنسانه .. بلغة جديدة في شعر الرثاء..فالإنسان المبدع والقضية امتزجا هنا في أقنوم واحد يخلد المبدع في إبداعه ليغدو هو والوطن قضية واحدة..
لمحة سريعة في قراءة هذه القصيدة وتأمل لوحتها الحزينة السامية..
شكراً للشاعر الجزائري الأستاذ عادل سلطاني على هذا الإبداع الموغل في الحزن الإنساني النبيل والصور الشعرية الراقية.
هدى الخطيب
***
ـ وَتَرُ الْجِبَالِ يَبُثُّنِي حَيْثُ الْمَدَى........................ وَجَنَازَةُ الْأَنْغَامِ .. فِي كَلِمَاتِي
ذَابَ الْجَلِيدُ عَلَى ضَفَائِرِ غَزَّةٍ...................... وَالْحُزْنُ .. يَصْلُبُنِي عَلَى آهَاتِي
إِنِّي احْتَرَقْتُ عَلى مَدَى أَهْدَابِهَا........................ وَعَلَى الرَّمَادِ .. تَمَرَّدَتْ أَنَّاتـي
وَتَخَلَّلَتْ سُدَفَ الرَّمَادِ وَأَشْرَقَتْ........................ حَجَرِيَّتِي الشَّقْرَاءُ مِنْ ظُلُمَاتِي
وَتَنَزَّلَتْ حَتَّى الْوَتِينِ .. تَبُثُّنِي..................... طَقْسَ الْأَسَى وَاسَّاقَطَتْ مِنْ ذَاتِي
هُزِّي بِجِذْعِ الصَّبْرِ .. يَا قِدِّيسَتِي........................ وَتَبَتَّلِي .. فِي غُرْبَةِ الصَّلَوَاتِ
وَلْتُورِقِي مِلْءَ الضُّلُوعِ .. وَتَسْكُبِي...................... نُورَ الْحَيَاةِ .. وَتُوقِظِي مِشْكَاتِي
وَلْتُسْهِرِي لَيْلِي الْحَزِينَ .. وَهَدْهِدِي....................... مَهْدَ الْفَرَاغِ .. وَلَمْلِمِي دَمْعَاتِي
طُوفِي بِقُطْبِ الْحُزْنِ .. يَا حَجَرِيَّتِي.................... حَتَّى الْجَلِيدِ .. لِسِرِّ مَنْ لَمْ يَاتِ
مُدِّي الْجَدَائِلَ لِلْخِيَامِ .. وَمَهِّدِي.................... طَقْسَ الْعَزَاءِ .. عَلَى مَدَى مَأْسَاتِي
زُفِّي إِلَى الزَّيْتُونِ "طَلْعَتَ" فَارِسًا.................... مُدِّي الصَّهِيلَ .. وَأَسْرِجِي ثَارَاتِـي
مُدِّي الصَّهِيلَ فَسَيْفُ طَارِقَ لَمْ يَذُقْ...................غِمْدَ الْهَزِيمَةِ .. مَا اسْتَوَتْ صَهَوَاتِي
بُثِّي إِلَى أَوْرَاسَ .. "طَلْعَتَ" فَاتِحًا.................... حُزْنِي الْجَمِيلَ .. وَبَرْعِمِي ثَوَرَاتِي
إِنِّي اعْتَصَرْتُ الْمَوْتَ .. دَالِيَةَ الْأَسَى..................... وَرَشَفْتُهُ .. مِنْ أَعْذَبِ السَّكَرَاتِ
مَازَالَ لَوْنُ الْحُزْنِ .. يَرْسُمُ ثَوْرَتِي..................... وَصَدَى النَّفِيرِ .. يَنُزُّ مِنْ لَوْحَاتِي
هَلْ ضَاعَ وَجْهُ الْقُدْسِ بَيْنَ مَلَامِحِي........................ وَتَلَبَّدَتْ .. فِي تَيْهِهَا مِرْآتِي؟ـ
مَازَالَ نَبْضُ البُرْتُقَالِ مُشَرَّدًا........................ هَيَّا ارْجِعِيهِ .. لِدِفْءِ بَيَّارَاتِي
عُودِي اهْجُرِي مُدُنَ الْجَلِيدِ وَجَمْرَهَا......................... وَتَغَلْغَلِي .. يَا حُرْقَةً مِنْ ذَاتِي
هَيَّا اسْكُبِي لَوْنَ الْحِدَادِ عَلَى الْمَدَى........................ ذَابَ الْجَلِيدُ .. وَشَيِّعِي أَبْيَاتِي
شعر عادل سلطاني [/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|