لم أُخلق للتعب
لم أُخلـق للتعب
أرهقتني الحياة و أثقلت قلبي بالهموم ، اخترقتني سهامها المسمومة عميقاً ، فأتعبتني حدّ الموت ، لكن عذراً ؛
أستميحكَ عذراً أيها القدَر ، فأمي لم تنجبني للبكاء و النّحيب ، بل أنجبتني كي تنحني الحياة لي ، كي أكون شمساً يدور الكل حولي ، و تتساقط النجوم كرمالاً لعينيّ . أنجبتني كي أتدلّل ، كي أبقى - رغم المصاعب - طفلاً صغيراً لا يشيب ..
أستميحكَ عذراً أيها المسيح ، فأمي لم تنجبني كي أدير خدّي لأتلقى الصفعات ، بل أنجبتني لأصفع من يصفعني ، و أردّ بالمِثل ، لأكون قويةً أواجه صخور الحياة التي تقع أمامي . أنجبتني كي أقاوم ، كي أدافع ، كي أحارب ظلمات الحياة ..
أستميحكَ عذراً أيها المصطفى ، فأمي لم تنجبني للابتلاء ، بل أنجبتني للرخاء ، و لأكون وديعة الأمل و تكون البهجة رفيقتي . أنجبتني لأتنعّم حد الثمالة كل يوم بحياتي و كأنه اليوم الأخير ، فلا أصحو من النشوة من كثرة سُكري بالحياة ..
أستميحكِ عذراً أيتها العذراء ، فأمي لم تنجبني لأرمي شهواتي ، و لم تنجبني لأكون وحدي ، بل أنجبتني للحب ، لينبض قلبي كقلب بلبل صغير عانق شداه خرير الشلّال ، فأَعشق و أُعشق . أنجبتني لأكون حبيبة حبيبي ..
أستميحكَ عذراً يا إلهي ، فأمي لم تنجبني لهذا التعب ، لكن رغم التعب روحي نقيّة كنقاء زهر اللوز في شهر آذار ، و قلبي مضاء كشجرة الميلاد في كانون الأول ، وبراءتي كبراءة الصغار في انتظار سانتا عشية ليلة الميلاد ..
أستميحكم عذراً جميعاً ، فأمي أنجبتني للفرح ، كي تبقى ابتسامتي ترقص على محيّاي حتى الموت ؛ بل وبعد !
فاطمة البشر
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|