رد: قريش (( ما بين الماضي والحاضر !))
سيداتي سادتي تحملوني قليلا وربما لآخر مرة!
صرنا نعاني نفسيا أكثر مما نعاني من امراضنا المزمنة يا سادتي فالصمت على الجرائم يقتلنا
وهذا الجبروت المتحالف والمتحكم يريد إخراس كل صوت ولا يريد إلا أن يُمسع صوته وحده ، والطبول من كل حدب وصوب
تقرع يا سادتي فماذا نصنع غير تسجيل كلمة أو موقف للتاريخ !
ربما لا يسمعنا أحد، ولكن ألا يكون للمثقف دورا وصوتا
حتى لو كانت الأمواج عاتية ؟ هل يبقى لمثقف شاعر كان أو راو أي معنى إن لم تكن له قضية ؟!
على أي حال سنقاوم بالكلمة بكل تواضعنا وبكل بساطتنا فهي كلمة لله وللتاريخ
في الماضي الغابر، كانت " قريش الغنية " بدينها ومالها ومحدودية قدرتها البشرية قد ألزمها ودفعها ذلك الاستعانة
بشعب اليمن وعمقه الحضاري لصنع حضارة رُفعت فيها رايات التوحيد.
أما في الحاضر المستمر، " فقريش " الغنية بذهبها الأسود وحكام البيت الأبيض أفقروا وحقّروا الشعب اليمني
ولا يريدون من مده البشري سوى حمّالين وعمال نظافة في قصور أمراءهم وشوارع مدنهم المزهرة!
في الماضي الغابر، أدركت " قريش الغنية " انها انحدرت من جذور شعب " شامي / سامي " حضارته سبقت
كل حضارات الأرض فلجأت إلى درعا وبصرى ودمشق وحمص وحلب تستنصرها فجيرت للإسلام جيشها الغساني
وبنت لمعاوية أقوى أسطول عرفه ذلك التاريخ وفي زمن قصير كان من المعجزات إذ تبرعت مدن سواحلها من أسدود
حتى رأس شمرا ببناء تلك السفن خمسين سفينة صنعتها كل مدينة معظم سكانها كانوا ما زالوا على دين عيسى من النصارى!
أما في الحاضر المستمر، تسعى " قريش " الغنية بذهبها الأسود وحكام البيت الأبيض ومنذ ما يزيد على الأربع سنوات إلى تدمير
تلك المدن العريقة بحقد لم تعرفه دولة من الدول .. فكرمى إسقاط رئيس قال فيهم يوما " أنصاف رجال " تُدّمر كل البلد !
كانت قريش في ذلك الزمن الغابر، تعلم وتُدرك أن " إلافها " لا يمكن أن ينجح ويؤدي رسالته ما لم تشارك فيه وتدعمه وتحميه كل من اليمن وبلاد الشام!
أما في الحاضر المستمر تسعى " قريش " الغنية بذهبها الأسود وحكام البيت الأبيض، إلى إيلاف تل أبيب وواشنطن والحالمين ببعث امبراطورية بني عثمان فهل تأمن تجارتها ؟!
في الماضي الغابر حكمت " قريش الغنية " " بدينها ومالها جزيرة العرب باسم التراث والدين وصارت سيدة على نفسها بعدما
كانت تتلقى الأوامر من الشمال والشرق فنعم العالم بسلام سادته القيم والأخلاق.
أما اليوم؟
الذين يحكمون جزيرة العرب يحكمونها باسم الرب المتربع في واشنطن، ويدّعون انه قد منحهم السلطة الأبدية بحكم البلاد
والعباد ملكا خاصا ناصا لعائلة فيها من الكرماء في عيون من يراهم كرماء، وفيها من ترى بعض العيون فيهم أنهم امتداد لفرع
" أبو لهب " تشد أزره وليست ككل النساء دولا بمثابة " هبل " أو " ومناة الثالثة الكبرى "
يحسنون إشعال النار وقادرين بالعون ( اياه )على ذلّ أشرف جار وأي جار !
حينما أتحدث عن " قريش " لا أتحدث عن مقدس ؛ فكما خرج منها نبي خرج أيضا ملعون وقاتل ، وكما كان منها التقاة
كان منها " الطلقاء " الذين أسلموا قسرا بعد هزيمتهم وبتكرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ايها السيدات والسادة الكرام
ماذا يبقى من ذكر العرب أيها العرب حينما تُصبح بلاد الشام واليمن وبلاد الرافدين أرضا للدمار والخراب بفعل أموال
" قريش " الحاضر وهي بالمقارنة كفعل أموال " ابن المغيرة وليد " أو أموال " أبا جهل عمرو بن هشام "
يقال : " انهم يحاربون النفوذ الإيراني " جيد .. ولكن ماذا تخسر إيران إن قتل العربي العربي ، إن أبيدت مدننا ويتمت أطفالنا وتفرق شمل عائلاتنا ؟
فهل نحارب إيران بقتل الشعب اليمني والشعب السوري وماذا تخسر إيران إن قتل العربي العربي ؟!
من يخدم إيران حقيقة؟
من الذي أهان العراق وحاربه بلقمة عيشه حينما سعت بعض دول الخليج التي أرهقته حرب 8 سنوات فعملت بعد
خاضها عنهم على خفض سعر النفط ليبقى العراق مديونا وتبقى ايران تعاني فارتد عليهم حاكمه واحتل منهم إمارة ولم تفعل ذلك إيران فماذا فعلوا بعدها؟
بل ماذا ربح بعض العرب حينما قالوا " انهم يحاربون صدام " فقتلوا نصف الشعب العراقي وهدموا مدنه وقراه !!
فمن الذي ساعد ومول الحرب على العراق بعد حصاره 11 عاما فهل كان العراق حينها تابعا لإيران أم أنهم دمروه
مع الأمريكيين وقدموه لإيران لقمة سائغة وكانت تلك من أكبر الأفراح لها فمن يعمل على خدمتها إذن ؟
من الذي منع " الماعون " عن الشعب اللبناني بعد احتلال ارضه وبعد انطلاق مقاومته أليس هم هم العرب الذين
كانوا في حينها يبرمون الاتفاقات والصفقات مع العدو الاسرائيلي فوجدنا اليد الإيرانية ممدوة لنا فهل نقطعها أم نشكرها؟
ومن الذي أذل شعبنا الفلسطيني وطرده طرد الكلاب من دول الخليج لأن قائدا من قيادته أعلن وقوفه ضد ضرب العراق
ودُفع شبابه للعمل – تصوروا – عمالا في بناء المستوطنات للصهاينة فوق تراب وطنهم وهم ينظرون ، وحينما أعلنوا
مقاومتهم لم يمدهم عربي بالسلاح سوى هذا السوري وذاك الفارسي كما يحب البعض أن يسميهم ثم اتهمونا بالعمالة
لإيران فهل نقطع تلك اليد التي امتدت لنا أم نشكرها ومن دفعنا للحاجة إليها أصلا ؟!
والآن هم يدمرون اليمن ويشردون شعبه الفقير بحجة أن فئة من هذا الشعب " عميلة لإيران " فمن الذي دفع هذا البعض
- إن صح ذلك - نحو إيران أصلا لو كانت المنظومة الخليجية " العنصرية " قد أدخلت اليمن إلى مجلس التعاون ورفعوا
من مستوى عيشه درجة أم انهم الدرجة الأولى واليمنيون درجة دونية .. أليسوا هم هم ؟
فماذا تخسر إيران إذن إن قتل العربي العربي ومن يخدم إيران حقا ؟؟!
أيها الأخوات والأخوة
اتركوا وجه المقارنات والتبريرات هنا وهناك يكفينا صمتا في كل مرة ترتكب فيها الجرائم ، وفي اليمن الآن واحدة من
الجرائم التي ترتكب فلا يجوز لنا أن ندعي أننا عربا هنا ، وندعي القطرية هناك ، لا يجوز أن نجبن أمام عدو الأمة
ونصبح " قبضايات " وقوميين عرب أصحاب نخوة وارض العرب أقدسها فلسطين فعن أي عروبة يتحدث البعض ؛
وأي قومية شوفينية هذه التي تقوم على الفرز الطائفي والمذهبي لأبناء الشعب الواحد تحركنا الغرائز وليس المبادئ ؛
هنا نخوة ورجولة ، وهناك خنوع وتقاعس وجبن ، هنا يا جيرة الدار وهناك " اليهود أصحاب كتاب
وهم أقرب إلى قلوب المؤمنين والصلح خير "
.. وما دام الشيء بالشيء يُذكر أقول:
كانت قريش سباقة إلى سماع آراء الدنيا كلها فكانت " عكاظ " أما اليوم فهي تشتري وترهب وتخرس كل صوت ناقد
وتهدد بالثبور وعظائم الأمور كل من يرفع الصوت ولو كانت مسيرة صغيرة في حواري مصر العظيمة ولو كان مقالا في أحدى صحف بيروت المنارة .
أيها السيدات والسادة .. يُراد لنا تكميم الأفواه، يرهبون الأقلام الحرة، يشترون الأقلام الضعيفة، يدفعون المليارات لتصدح أصواتهم الباغية،
يهددون المواقع والمنتديات بإقفالها ، باختراقها ، بالأمس القريب أقفلت جامعة عبد العزيز وهي بالمناسبة (يأتي كل النت الأمريكي إلينا عبرها )
وغدا سيأتي من يهدد هذا الموقع بالإقفال أو يأتي من يدّعي أنني سأكون السبب في إقفاله إن لم يخرس هذا الصوت .. ولكن ... هل باستطاعتهم مصادرة كل الفضاء ؟!
انظروا ماذا فعلوا منذ أيام / منذ بداية العدوان على اليمن:
أطلقوا حملة مدربة في الأردن ، مسلحة من تركيا ممولة من السعودية ، فاجتاح أكثر من تسعة آلاف إرهابي مدينة ادلب
في الشمال السوري واحتلوا في الجنوب بصرى الشام وسيطروا على معبر " نصيبين " التجاري بين سوريا والأردن واستماتوا
للفت الأنظار عما يحصل في ذات اليمن ولم يكتفوا بذلك بل أمروا " دواعشهم " باجتياح مخيم اليرموك .. وهو كأي بقعة سورية
فيها ما فيها القتل والدمار ولكن رمزية المخيم – هنا بيت القصيد – جعلته في صدارة الإعلام فخرج البيت الأبيض والأسود وأقاموا
والدتي من قبرها لتولول " اليرموك اليرموك " لماذا ؟ فالدولة السورية لا تسيطر عليه ! إنها عصا موسى التي يريدونها ابتلاع
جرائم اليمن بزيادة الجرائم في مخيم هو منكوب في الأساس.
كنت أحدث نفسي قبل قليل وأقول لماذا وقعنا في فخ " الموتورين " في واقعنا العربي كلما كان فيه شيء لله شوهوا صورته تماما ،
بل انهم خلقوا ويخلقون بعبعا مشوها في خيالاتهم جعلوا البعض منا يصدق ذلك فما الذي دفعنا إلى التغول الطائفي والمذهبي ؟
فأنا كما أعرف نفسي وكما تعلمت في ماضيّ لم اتغير ، ما زالت فلسطين قضيتي والعروبة في دمي أعرف العدو من الصديق
على أساس هذا الفهم وهذا المقياس ،فمن يحتل فلسطين ومن يشوه العروبة ، أعرف ديني هو الإسلام المحمدي ولا تعنيني
أطنان الكتب الملونة بأهواء صانعيها ،ولا يعنيني ما يصرح به جميع " آيات الله " ولا كل الملالي ، لا يعنيني أطماع إيران
الوهمية ولا تلهيني عن اطماع بني صهيون الفعلية فأنا أرضي المحتلة وأعاني منذ 70 عاما وهم يبنون القصور ، عملاء
للأجنبي في كل المراحل ، باعوا فلسطين والأقصى وهناك محو أثار النبي !
فهل كل ما تعلمته أبصق عليه واتبع ملل البعض وأهواءهم ولماذا ؟!
ألم يخلقوا لي من قبل بعبعا مشوها سموه " المد الشيوعي الكافر " حاربونا باسمه حينما اعتبروا أن كل حركة تحرر في وطننا العربي هي حركة شيوعية كافرة ؟!
ألم يستخدموا نفس هؤلاء البسطاء اليمنيين " الحوثيين " (بمعظمهم زيود ) ودعموهم حينما قاتلوا عبد الناصر وقتلوا من الجيش المصري
ما بين 30 إلى 40 ألف من الجنود المصريين لأن عبد الناصر دعم اليمنيين التقدميين ضد المستعمر البريطاني والرجعي العميل ؟!
ألم يحاربوا على جبهة اليمن ضد اليمن ما بين شمال وجنوب وتجاوزت حروبهم مع ذات اليمن ستة حروب كانوا يدفعون لهذا
وذاك حتى يبقى اليمن بشعبه مشغولا عن موبقات أسرهم القابضة على ثروات تلك المطقة ؟!
ألم يدفعوا الملايين للقضاء على ثوار " ظفار " في عُمان ؟! قلة من الناس من يعرف عن هذه الثورة!
ألم يمولوا القوات " الانعزالية " في لبنان في حرب السنتين على اعتبار أنهم " أصحاب كتاب " وطرفنا
( طرف المقاومة الفلسطينية وأحزاب اليسار ) كانوا في رأيهم هو الطرف الملحد ؟!
اللائحة تطول يا سادتي ليس آخرها تدمير ليبيا.
باستطاعتهم الهدم كما فعلوا في العراق وما زالت " دواعشهم "
تعمل . باستطاعتهم التدمير
كما فعلوا في أفغانستان مع شركاءها الأمريكان والباكستانيين وهذا البلد هو نموذج قائم منذ صفقات صواريخ " ستنجر "
المضادة للطائرات التي مولتها حكومة ال سعود لمحاربة السوفييت في 79 – 80 وها هي الصواريخ الأكثر تطور تشتريها
مملكة السعادة لتستمر الحرب في سوريا 30 سنة قادمة حتى يبقى ال سلول ومن يدور في فلكهم في عمار وازدهار ويبقى
غيرهم في حروب لا تنتهي طالما أموالها تُغدق على هذا وذاك .
باستطاعتهم التدمير في كل مكان طالما أنهم أغنياء بذهبهم الأسود، وطالما أن وعد ربهم المقيم في البيت الأبيض قائم .
ولكن السؤال الأخير: هل باستطاعة ال سعود البناء؟
سيتركون اليمن يعاني الفقر والعوز أو يعود للصلاة نحو قبلتهم ( وسيتركونه غقيرا ) وكأنهم ينتقمون من كل
ارث حضاري لم يكن لهم فيه مدماك بناء .
سأقول كلمتي الأخيرة .. ربما – أقول ربما - يكون هذا آخر موضوع سياسي أكتب فيه لا خشية من لومة لائم ولكن رأفة
بنفسي أولا فحينما أكتب في هذا يرتفع منسوب الضغط والسكر عندي لدرجة مخيفة فلدي الكثير " الجميل " لأكتبه ..
وهو لا يُزعل أحد على الاطلاق!
ربما يكون هذا آخر موضوع سياسي أناقش فيه وأنا الذي أدعي أن معرفتي في هذا الجانب تسبق المتوقع ونحو أي اتجاه
سوف تذهب الأمور..إذ لا بد للفجر أن ينبثق بعد ظلام الليل.
عذرا منكم على هذه الإطالة
|