سندباد العصر شاخ يا عمري ... ماعاد في عمره غير القليل
سندباد العصر شيبته الفيافي والبحار
لكنه ظل طول العمر مثل دود الأرض يأكله التراب
لم يرنٌ يوماً نحو هامات السحاب
وكان العمر .. والأحلام .. والآمال .. سراب في سراب
سندباد العصر كان يزرع في أرض بوار ويحرث في عباب البحر
ويستريح مع المغيب على وتر الرباب
والآن شاخ السندباد
تشرب من عينيه أطياف الذباب
وتعبث خفافيش الليالي بوجنتيه .. تدميهما
تحفر أخاديد بوجهه .. صار كالبيت الخراب
ومُزقت أوتار الرباب
خارت قواه وصار يحلم بالإياب
لكنه فقد الدليل وتاه في ألم يداوي الجرح
يحلم أن تقوى على الإبحار السفين
وشئ به ظل مرفوع الجبين .. لا ينحني لا يستكين
سندباد العصر يا بنيتي منذ الطفولة فقد الأبوة .. فقد الأمومة
فقد الأحبة والصحاب لم ينحني لم يستكين
سندباد العصر قد فقد البنات مع البنين سرقتهم الأيام منه
لم ينحني لم يستكين
فقد البيت الكبير .. فقد الحب الكبير .. لكنه لم ينحني لم يستكين
السندباد بعد الخمسين يبحث عن سفين
تبحر للوراء وتجود بالزمن الجميل
السندباد مازال يبحث عن مستحيل .. يبحث في الفيافي عن سلسبيل
يبحث في عباب البحر عن حلم جميل
يبحث عن شمس رمت بها الأقدار حية في كفن الرحيل
يبحث عن بسمة في بحر بؤس .. يبحث عن وجه جميل
سندباد العصر يبحث عن قرار .. عن إنتصار يولد من رحم المرار
آه لو تكف الأرض عن الدوار
يستريح المتعبين من قيظ النهار ..
يسترح المتعبين من صقيع الليل .. ومن هموم الإنتظار
سندباد العصر يا عمري ساد في زمن ثم باد
هل تذكرين بنيتي كنا كالنوارس فارقت بحر الحياة
كنا كالنسور تفرقت ففارقت قمم العلا ثم ماتت تحت سفح الإنكسار
ولى زمان الإذدهار ولت ليالي الإنبهار