رد: رسالة إلى صديقة
عزيزتي،
خَطَفَتِ المَشَاهِدُ الكلام وماتبقى معي قليل وقد لا يشفي غليلك. مع ذلك سأحاول كما عوّدتك، أحاول لأضيف ربّما فشلا جديدًا إلى رصيدي لكنّي معه أُجيد ضفر جسر ياسمين آخربيني و بينك، كما عهدتني لاأوفر الزّهر على مشوار صداقتنا.
صديقتي، هل انتبهت أنّك حتّى بين يأسٍ وموتٍ جئتني بالحبّ؟ تتساءلين عنه، عن دوره، عن الزّج به فيما لا يناسبه والحبّ بريء يليق به الصّدق وتُشرّفه النّزاهة.
أتفاءل لأنّني ألمس طبعك وأستشعر أنوثتك كهواءٍ قادمٍ من جهة البحر حاملاً همهماته. الحبّ الذي لاترضين تدليسه لازال موجودًا ، بليّة التّيه عنه لا تُلغي نِعمة العثور عليه، الثقة فيه بهدوء مريح للنّفس وأملٍ نَضِر تبقى حيث يكتمل وفاء الإنسان لإنسانيته
خذينا مثلاً، تهبّ علينا الأحداث، السّنوات، ندرك الفوضى الحاصلة ولانُنكر من آلام الغير شيئًا ونرفض أن نُسْقِطَ ماجمعنا وعرفنا من جمال نأبى الاستسلام للخوف والقبح. لوجه الصّباح نصفو ، وعندما يتلّقفنا النهار وحتى يلفظنا انكفائه نبقى على ذات العهد، إنْ تجرّعنا الخيبات نواسينا بأنّ غدًا يوم آخر.
غدًا يوم آخر ياصديقتي كأنشودة ماقبل النّوم.
غدًا بملامحه المُبْهَمَة وإن أَنْذَرَنَا هول الحاصل وخوّفنا ببشاعةٍ وقسوةٍ أكبر فإنّنا نضرب مواعيد آمالنا الأبعد مصدّقتين بأنّ اليُسر يطوي العسر.
عنّي ياعصفورتي الرفيقة، أمام الحرائق والجرائم والجثث يلفظها البحر الأبيض المتوسط لي صبري والأناة. منطق السّبب والنتيجة يجعل مايحدث ممكنًا, طبيعيّ أن تتفجر البلاد التي عاشت على الألغام طويلاً دمًا ودمع .
طبيعيّ أن يشتدّ الجنون وقد بدا وهن العدالة، طبيعيّ أيضا أن أخبرك بأنّ أعشابًا عطرية وأزهارًا حمراء أخذت حرّيتها وسرحت في الحديقة في غيابي، وأنا أراها الآن وأكتب لك، أتساءل : متى ياصديقتي، تذوب المسافة ويحضننا الوقت في حديث طويل نتنقل فيه كفراشتين من موضوع لموضوع وكأنّ بنا جوع كلام وما بنا إلاّ نشوة صداقة معتقة ؟
من يدري قد يحدث كما سيحدث ويباغتك شغب أيلول وكنتِ ألفت ليالي الصّيف الطويلة.
دمت و لتعش صداقتنا عمرها المديد.
Nassira 18-8-2015
|