عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 10 / 2015, 56 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

الوفاء بالمعنى وبالإيقاع في شعر طلعت سقيرق / التكرار-1-

التكرار من الظواهر الإيقاعية والبلاغية الفنية التي تسبغ على القصيدة طابع نظام يدل على التماثل الجمالي كخاصية جوهرية وضرورية لبيان النص الشعري ..
وقد ألبسه النقاد القدامى مرة لباس التأكيد والتهويل والوعيد .. وتارة أخرى لباس الابتكار والتوبيخ والاستبعاد فحددوا بذلك مواضعا يُحسن فيها ، وأخرى يُقبح فيها ..
وخير مثال على ذلك تعليق ابن رشيق على قصيدة ابن الزيات بقوله : فملأ الدنيا بالتّصابي على التّصابي لعنه الله ، فلقد برد به الشعر " 1-
يقول ابن الزيات :
ألم ترني عدلت عن التصابي ### فقد كَثُرت مناقلَة العتاب
إذا ذُكِر السُّلوُّ عن التَّــصابي ### نفرت من اسمه نفر الصِّعاب ِ
لكن ما سر الاهتمام بهذه الظاهرة الصوتية الفنية قديما وحديثا من طرف الشعراء و النقاد القدامى والمحدثين ؟؟
لقد حظي التكرار بالعناية من طرف الباحثين القدامى والمحدثين ، وكما نعلم فجذوره التاريخية مغروسة منذ أيام الجاهلية الأولى ، إذ كان الغرض الأساس منه هو تكثيف الخطابة الذي يفضي إلى إيقاع خطابي ( تقوية العواطف كالتعجب والحنين والاستغراب ) ، وكما كانت معاني الشعر لاتقتصر على اللفظ ولا على الفكرة بل تتعداه إلى الوزن ببحوره وقوانينه ، فإن التكرار في الشعر الحرقد اتخذ منحى آخر إذ أصبح يهتم أيضاًبالطابع الذاتي للمبدع والطابع اللغوي للنص ، لتصبح له فائدة موسيقية وأثرا إيقاعيا ممتعا ، وفائدة معنوية حين يعمل على بلورة مدلول النص ومعناه ونوايا القصيدة ،وذلك بتسليط الأضواء على ألفاظ وكلمات وجمل معينة اعتنى بها الشاعر دون سواها ليضع بين أيدينا مفتاح أعماقه وهواجسه .
فأضحى التكرار من العناصر المهمة للإيقاع النصي ، وجزءًا لا يتجزأ من الهندسة العاطفية للعبارة والقصيدة كلها "إذ أكسب الكلمة معنى جديدا حتى قيل إنه يحيي الكلمة ويميتها "- 1-
فتسويغ الاتكاء على التكرار أثبت الإيقاع الصوتي من خلال ذاك التوافق والانسجام الناتج عن الترجيع الدلالي الصوتي فأبرز تفاعلا عميقا واستغوارا داخليارؤيويا أو باختصار إيقاعا دراميا .
إذا ،كيف يساهم التكرار في التنوع الدلالي لا التماثل النصي ؟؟ على حسب قول لوتمان (( كلما تكاثر التشابه ، كلما تكاثر الاختلاف )) وكيف يكون هذا الاختلاف وكيف يبني المعنى من خلال هذا التموج الاندفاقي الايقاعي المتكرر والمتجدد في النص ، ومن خلال التكرار الصوتي الكلمة الواحدة (التي تتغير لويناتها وقد تنبثق منهاألوانا متعددة أخرى ) وللوحدات المتساوية أو التركيب ؟؟

يقول الشاعر طلعت سقيرق في قصيدة( سيفنا حجر وجمر) :

لن تمروا ..
طعم هذي الأرض سرُّ
شكل هذي الأرض سرُّ
جذر هذي الأرض سرُّ
لن تمروا ..
ومن نفس القصيدة :
حجر يراوغُ .. لا يراوغُ
يرتدي زيَّ الشجرْ ..
شجر يراوغُ .. لا يراوغُ
يرتدي زيَّ الحجرْ ..
وفي آخرها يختم الشاعر قصيدته :
يشتدُّ في خطواتهمْ
جدي ..
وما ترك الحجرْ
جدي وما ترك الحجرْ ..

الكلمة عند شاعرنا كلمة حياة ، تتشكل وتظهر في كل مرة بشكل جديد ومعنى جديد ...
فهي ليست حروفا صماء ، وإنما هي ناطقة حين يضعها شاعرنا طلعت سقيرق في إطارها الجميل حتى يكتمل معناها وعطاؤها وجمالها .
لن تمروا ..
طعم هذي الأرض سرُّ
شكل هذي الأرض سرُّ
جذر هذي الأرض سرُّ
لن تمروا ..
التكرار لا يقوم على مجرد تكرار كلمة في سياق شعري ، بقدر ما هوإحدى الأدوات الجمالية الموسيقية التي تجدد العلاقات وتثرى الدلالات بل هو ذاك الوفاء بالمعنى ، حين يؤكد ويكررالشاعر كلمة (( لا تمروا))فهو يؤكد على المعنى وعلى الإيقاع أيضاً ..
التكرار عند طلعت يتجاوب مع إحساسه الإيقاعي الموسيقي ، ليعبر عن تجربته الشعورية تعبيرا خالصا ،فهو ليس مجرد حشو ، وترديدا لكلمات بلا فاعلية..
حجر يراوغُ .. لا يراوغُ
يرتدي زيَّ الشجرْ ..
شجر يراوغُ .. لا يراوغُ
يرتدي زيَّ الحجرْ ..
نلاحظ مهارة في تقليب الكلمات ترديدها وتكريرها ، وتمكنا من اختيار أدقها وأقدرها وأحبهاإلى نفس الشاعر ، وأكثرها وقعا على القارئ ، هكذا هو الشاعر المتمكن ، اللغة عنده عطاءٌ بلا حد ،والكلمات عنده تسمو في محراب الوفاء بالمعنى والوفاء بالإيقاع .. بلا خلل ولا ملل.

- يتبع -






1--ابن رشيق القيرواني : العمدة ج2 - ص 96
2--نازك الملائكة : قضايا الشعر المعاصر . ص 244
3-I . Lotman , la structure du texte artistique , op , cit p 198

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس