عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 10 / 2015, 43 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الوفاء بالمعنى وبالإيقاع في شعر طلعت سقيرق / التكرار-1-

من قصيدة : أشجار الضفة
من لم يعرفْ بعدُ شوارعَ حيفا
من لم يعرف بعدُ أزقةَ عكا
فليدخلْ في عظمي
وليدخلْ في لحمي ..

ومن قصيدة :فلسطيني
فهزي سدّة الميلاد
هزي صرخة الأعياد ِ
هزي كل ما في القلب من نبض ٍ
وهزيني
....
........
صباح الخير يا وطنا له الشمس ُ
صباح الخير يا أعلى ويا أحلى ..
صباح الخير يا وطنا
* *
* *
هو تكرار يجنح بالكلمة أو بالتركيب إلى احتلال صدارة البيت أو الوحدة الشعرية( anaphore)بشكل متواتر ، ويعتبر في رأي ج . مولينو J. Molino و Tamine. J.ج . تامين عاملا من عوامل الربط النظمي ، إذ غالبا ما يصاحب بالتوازي -1-
فتصبح الكلمة المكررة على رأس الجملة عامل ربط وترابط وتأكيد ،وترجيعا إيقاعيا للإصرار والتنبيه .. فللكلمة المكررة وقع على الذات المتلقية من ناحية المعنى حتى يمسك المتلقي بعناصرها وبأنساقها المنظمة لها ، ويتهيأ لتلقي الكلمة المكملة للمعنى والترديد الصوتي ..
فالتكرار يمنح للكلمة .. قوة وصدى وللمعنى دقة ومدى .. وللإيقاع .. تساويا نظميا وعروضيا .
ومن قصيدة: وطني ويا أحلى
في ساحةِ الغضبِ الحجرْ ..
في ساحةِ اللهب الحجرْ
أثر حاد جميل الوقع ، على الإيقاع والدلالة والبصر، وكيف لا ؟! وهو يحفز المتلقي على إدراك تواز للصيغ الصرفية وتماثل بناياتها العروضية، وتطابق أصواتها .
تجانس صوتي و تجانس شكلي ، من خلال تريد لبنية نحوية في سياق لا تكلف فيه ولا مشقة ..

أتقدمُ يتأخر خطواتْ
أتأخر يتقدم خطواتْ
أشهدُ أنْ لا ..
يرفضُ أنْ لا ..
يشهد أن لا ..
أرفض أن لا .. (من قصيدة لا يشبهني)

من التركيب يحلق القارئ في عالم الصور التي تتوالد من نفي وتكثيف وإثبات .. إتباث عدم الخضوع والخنوع ، إثبات صفات البقاء والقوة .

من ضلعِ الحجرِ الواقفِ ينهضُ
يتوحدُ بأصابعِ طفلٍ
ينهضُ
ينهضُ
ينهضُ ..
كلُّ المدنِ الحبلى تنهضُ
تنهضُ
والدبكةُ تنهضُ
والموال الأخضرُ ينهضُ
تموزُ يوحّدُ جسمَ الأرضِ وينهضُ
والجثةُ تغتسلُ بماءِ القلبِ وتنهضُ
من عتمتها تنهضُ .. تنهضُ ..
كلُّ الأرضِ نشيدٌ واحدْ
نمضي .. نمضي .. ننهضُ .. نمضي ..
لا نتردد .. نمضي .. نمضي ..
لا نترددُ .. لا نترددُ ..
زهرةَ برقوقٍ حمراءْ ..
غابةَ زيتونٍ خضراءْ
غابةَ
زيتونٍ خضراءْ

نفي يعقبه إثبات ( تنهض ، نمضي ، ننهض ، لا نتردد .. ) بترجيع صوتي وإيقاعي فيه من القوة والعزم والإباء والارتباط القوي بالوطن ..
وقد كان دور التكرار واضحا في نقل إحساس إلغاء النفي بإلغاء التشتت والتفرقة وتأكيد الرجوع إلى نبع واحد ، وبطن واحد ، وبذا يتحول النفي إلى لا نفي ...

الجثةُ في كلَّ الأبوابْ
نتبادلُ طلقَ رصاصتنا
ونشدُّ على جرحٍ واحدْ
ونعودُ إلى بطنٍ واحدْ
نهرٍ واحدْ ..
ظلٍ واحدْ ..-

تشابه حميم بين الصوت والمعنى ، بين الإيقاع والفكرة ، تولد عنه ترجيع لصدى الإثبات ، وتأكيدٌ لتلاشي الظل المتعدد .. في ظل واحد ..تتلهف إليه روح الشاعر ، ونتلهف إليه لاقتناص ماوراءه من معنى ... واحدٍ وحقيقي .

فالكلمات التي تتردد في مغاليق النص هي مفاتيح .. لكشف هواجس الشاعر والوصول إلى ما يستحوذ ويشغل تفكيره .
وحين يلجأ الشاعر إلى التكرار ، يتوخى غاية موسيقية وغاية دلالية ، تنسجمان معا دون نفور أو تنافر ،وهذا يتوقف على مدى قدرته في حسن توظيف التراكيب الدالة على الغايتين معاً بما تشمله من قوة تأثير وإيحاء وموسيقى ..
يقول الشاعر طلعت في قصيدة (( جلدي يفتح .. والمخيم ))

غربتَ أو شرقتَ .. لا ..
شرقت أو غربت .. لا ..
لنهارنا هذا .. المطرْ ..
لطريقنا هذا .. الشجرْ ..
والعائدونَ .. العائدونَ ..
العائدونْ ..
طلعَ النهار .. على النهارْ
خطواتهمْ ..
حيفا تطلّ الآن من مينائها ..
يافا تمدّ يدينِ من أشواقها ..
هي أرضنا ..
هي طرحة العرسِ .. الدماءْ ..
هي جذرنا ..
مطرٌ .. مطرْ ..
شهداؤنا ..
مطرٌ .. مطرْ ..
والعائدون .. العائدونَ ..
العائدونْ ..
لنهارنا ..
يتدفقونْ ..
يتدفقونْ ..
يتدفقونْ ..
رغبة في تحقيق شبع شعوري تواكبها رغبة في تحقيق العودة ،وتأكيد عليها (العائدون)) ((يتدفقون )) في خطاطة سفر بين سطور تخضع لمنطق داخلي يعمل على رجع الصدى من أجل إثارة انتباه المتلقي لغاية إخبارية مدعومة بالتوكيد بتكرار عبارات معينة بين مقطع وآخر بين فضاء معنوي وبداية آخر ،
كم أشتهي
كم أشتهي
كم أشتهي
عبارات تفصل وتربط ، تمد القصيدة بنفس ملحمي ، وتتميز بتنغيم خاص ، تثري الجانب الإيقاعي الصوتي ، وتقيم علاقة تلاحمية بين أجزائه وبين القوة التعبيرية والتفجير الشعري ، فيصل القارئ مع الشاعر إلى تلك الدرجة العالية من النشوة الدلالية والإيقاعية .

يقول الشاعر طلعت سقيرق :
غربتَ أو شرقتَ .. لا ..
شرقت أو غربت .. لا ..

نلاحظ تكرار مونيم معين ، خلق موازاة مأصلية ،باستبدال المونيم من اليسار إلى اليمين ، تكرار وخرق للترتيب منح إمكانية قراءة مزدوجة ، مما خدم الإيقاع الداخلي ومنح للشاعر حرية استخدام مونيمات وأنموذج تكراري .. متفرد .
فالتكرار ليس مجرد (( نقطة توقف تهدد طغيان الإيقاع ، إذ تنتفخ الكلمة ، وتسمر الانتباه مما يبعث على الخشية من سيطرة التكرار الآلي الذي يعطل الوعي ، إذ يعطي الكلمة وزنا في البداية ويجعل الوعي يتوقف عندها ، ثم ما يلبث أن يفقدها وزنها كأنها لم تكن ، لتعود هيمنة الإيقاع وجموع الحركة على الفضاء الموسيقي للقصيدة ) 2-

وليس التكرار مجرد تقنية بسيطة ذات فائدة بلاغية ولغوية وإيقاعية و كفى ، والتكرار الإيجابي هو الذي يخدم الفوائد السابقة كلها ، حين يأتي وفق أشكال مختلفة ،بتوازن وهندسة لفظية دقيقة يكون الشاعر على وعي تام بحسن استخدمها وتوظيفها بما يخدم وينسجم مع كل عناصر التشكيل في القصيدة ويستجيب لخصوصيتها وثرائها .
وسأدرج هنا قصيدة ((منتصف السراب )) : وهي قصيدة رائعة توقفت عندها ، لخصوصية تميزها. يقول الشاعر طلعت سقيرق
هناكَ إذنْ نصفُ قلبي على سكـّةِ الوعد والنايِ والذكرياتِ
ونصفُ الرحيلِ إلى بحر حيفا سأحملُ أفراح روحي وأمضي
ونصفُ ابتسامةِ عشقٍ زهور الفراشات مرمى الأماني
ونصفُ الكلامِ عن الحبّ والحرب حبر الجرائد يصطاد بعض التنفس
نصفُ التمنـّع حينَ تشدّينَ عند المساء حكايات عمري غطاءً
ونصفُ الطريقِ خطايَ تهزّ الرصيف بورد الربيع فأضحك حتى الثمالةِ
نصفُ التسلـّقِ حتى الفضاء البعيد لآخذَ كفيك نحوي
ونصفُ الرصيف أطلّ على برْكةِ السمكِ المستحيلِ وأنهض مني
ونصفُ التسابقِ عند التقائي بعينيك حيفا على جسر روحي
ونصفُ التنهد هل تذكرين فصول انتشائي وأنت تميلين مثل الصهيل اشتياقا
ونصفُ الشتاء ستمطرُ بعد قليل ٍ وأبحرُ في خفق همسي حنينا
ونصفُ الوصول إلى قمة ٍ من خيالٍ لماذا تصيرُ الحكايات نهرا وفلا
ونصفُ سؤالٍ لنصفِ جوابٍ كأنّ الخيوط تكرّ وتدخلُ غابة لوزٍ
ونصفُ النهايات حين تصير الجسور عبورا إلى كل معنى
ونصفُ الدخول الخفيف إلى باب هذا الزمان الجميل
ونصفُ الوعود التقافز نحو الشواطئ حين تغردُ أهلا وسهلا
ونصفُ انعقاد الأصابع حبل انهمار طريّ على ما حملتُ من الأغنياتِ
ونصفُ اشتباهٍ بأنّ الصباحَ سيفتحُ كلّ البساتينِ نايا تجلّى
ونصفُ فضاءٍ يمدّ البيوتَ على سطحِ عودٍ يدندنُ في البال ذكرى
ونصفُ التشابه لا شيءَ يحملُ كلّ الملامح حين يكون التشابه أعلى
ونصفُ اختفاءِ ظهورِ المعاني سأكتبُ يوم اللقاء احتفائي بناري
ونصفُ زمانٍ يطولُ ويقصرُ ثم يضيعُ ويطلعُ من حقل وردٍ تزامن نخلا
ونصفُ شراعٍ يسافرُ كل المحبين يمضون نحو القصائدِ طيرا ونحلا
ونصفُ سرابٍ هنا سكـّة تستطيعُ الخروج ولا تستطيعُ
ونصفُ الشبابيك تفتحُ سحرَ المنازل كي تستميلَ لها العابرينَ وظلا
ونصفُ الحمام إذا كان شكل الجناح يعيد البيوت إلى عاشقيها
ونصفُ خروجٍ من النوم كي تستفيقَ على حقل وردٍ تبادرَ عشقا وأهلا
ونصفُ الحكاياتِ تبقى ببالِ البساتينِ والوجد والوعد والذكرياتِ كباقةِ حلم ٍ وأحلى.

الكلمة المكررة ( نصف ) لا توجد لذاتها وفي ذاتها ، ولا تجعل الوعي يتوقف عندها ، بل تنتظم في سياق الجملة والمعنى ،وتأخذ انعكاس الكلمات المصاحبة والمتوالية لها ،(( فتشتعل من الانعكاسات المتبادلة ، مثل خيط مضمر من النار على الأحجار الكريمة ))3-
إذ يكتمل نصفها بأن تستمد وجودها بالنصف الآخر ، وتستمد بريقها من نفسها التي .. يتوقف عليها الآخر .. في نظام تكراري متسق على نحو مذهل!!

يتبع ************************************************** ****************************************
1: ( J. Molino و Tamine.J
Introduction à l'analyse linguistique de la poésie ) Paris ( 58/1982/p -187
2- غيور غي غاتشف : الوعي والفن ص: 78 ترجمة د نوفل نيوف - سلسلة عالم المعرفة 146-1990' الكويت
3- (( قولة لمالارميه : مقتطفة من كتاب قصيدة النثر لسوزان برنار . ص : 347
تحت محور اللغة الشعرية.
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس