عرض مشاركة واحدة
قديم 24 / 08 / 2008, 12 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

الأديبة هدى الخطيب

[align=justify]
بنت الخال الحبيبة والغالية هدى
الليل بارد ومعطف القلب مسكون بالتوجّس .. هل تتشح الوجوه في كندا عندكم بثلج وقت عابر أم أنها تعودت لون الصقيع فراحت تحفر فيه دون أن يحفر فيها .. غريب أمر هذا الليل معي .. منذ مطلع هذا العام وأنا أدور في جنباته أبحث عن شيء غير موجود ولا استطيع إلا أن أتذكر قول كونفوشيوس " لا يمكننا الإمساك بهرة سوداء في غرفة مظلمة ، ولا سيما إن لم يكن هناك هرة "... مضحك أحيانا أن نصر على البحث عن أشياء غير موجودة .. ورغم أنّ ذلك مضحك بل وغريب إلى حد غريب ، فدائما نعود لنبحث من جديد ..
هدى :
في رسالتك الأخيرة قلت ِ أنك ستكتبين كل يوم رسالة ، وصدقيني إن قلت لك إنني ضحكت ، خطرت على البال مزاجية الأديب ووعوده التي تركب حصان الريح وتمضي.. لا أريد منك يا غالية رسالة كل يوم ، ولا كل أسبوع ، كل ما أريده هو طرق خفيف على الباب الخشبي المغلق كلما عنّ على بالك أن تحضري وإن في الحلم لزيارة حي قديم اسمه حي الشيخ محي الدين في دمشق .. ولا بأس إن عرّجت على المخيم ، فكلاهما يحملان شيئا من ملامح وجهي ، وكلاهما يكوّنان صورتي ولا يرحلان ..
هل هو مضحك أن يصير عمري ثلاثة وخمسين عاما ؟؟.. صدقيني إن قلت إنّ الأمر جدّ مضحك .. فأنا لا أتذكر إلا هذا الطفل الذي كان يركض في الشيخ محي الدين أزقة وحارات وأحياء وشوارع ، ويدخل الجامع المسمى باسمه لتتناول يده بعض حبات من الملبس الذي كان يوزع عند الضريح يوم كانت تقام احتفالات دينية أو أذكار .. سنوات مضت ولم ادخل هذا الجامع .. غريب أمرنا، تسرقنا الأيام فننسى ملامحنا معلقة على زاوية في مكان ما ، ونمضي ثم نوغل في السير ، وحين نتذكر نكون قد لبسنا ملامح أخرى لا تشبه تلك التي من قبل .. لكن في كل الحالات تبقى الملامح القديمة أحلى وأصفى وأكثر إشراقا .. ربما لأن شرقيتنا عودتنا على التعلق بالماضي .. وربما لأن الشاعر فيّ يأبى أن يترك الطفولة أو يهجرها .. وربما لأن أيام الطفولة والصبا هي الأيام الأحلى ..
الغالية هدى :
أتدرين يرون أنني ورثت الشعر عن والدك نور رحمه الله ، وتعرفين أنّ خالي الشاعر نور الدين الخطيب مات في عز الشباب ، وترك من الشعر الكثير .. وللأسف أنه شعر ضائع في أكثره.. كنا صغارا يوم مات رحمه الله .. كنتِ الطفلة التي لا تدرك بعد شيئا من الحياة .. وكنت أنا- الأكبر منك - في سن لا تسمح لي بجمع شعر الخال الحبيب .. ويوم كتبت عنه في الصحف ، ذكرت له أبيات وجدتها بين أوراق الوالد رحمة الله عليه .. وها أنا في الثالثة والخمسين !!.. الأيام يا غالية..الأيام.. تركض وتلهث وتدمي الأقدام بشوك الطريق ..
أعيد يا هدى القول عن حياة لا تستحق أن ندخل أبوابها ونمشي في دروبها عابسين .. لعبة الحياة أنها تلعب بنا إن سلمناها القياد !!.. ولعبتنا أن نستمتع بها إن تسلمنا القياد.. والمعادلة جدّ بسيطة ، فما كان بيدنا استطاعة فلنبقه ، وما كان خارج الاستطاعة فلنتركه لشأنه .. لا تفكري كثيرا بعرض وطول الأرض ، فكري يا صديقتي وغاليتي بخطوتك ومشوارك وبصماتك في الحياة .. عيشي كل الدقائق بالوقع الصحيح .. فالهموم التي تحيط بنا كعرب وكمسلمين تجعل السواد أكثر اشتدادا، وتجعل العلقم أكثر مرارة ، والذكي من يخرج من ثقب الإبرة أو سمّه كما يشترط أصحاب اللغة دون أن يصاب بالسكتة القلبية ، لأنني أجزم بأنهم يريدون لنا جميعا أن نصاب بهذا !!.. ليكن لهم ما يريدون وليكن لنا ما نريد .. أخطأنا وأخطؤوا.. لكن علينا أن نتوازن والمهم أن نتعلم ونفتح العيون على اتساعها فالعالم ما عاد يرضى بالعودة إلى الوراء أوالبقاء في حالة السكون الصامتة ..
أشعر أنك قريبة أكثر مما يجب .. وأنك بعيدة أكثر مما يجب .. وأشعر أننا نمشي في شوارع دمشق مسكونين بدفء القرابة والألفة والحنان .. ثم تغيب الصورة وتغيم فأراك هناك في كندا تمشين وحدك في شوارع بعيدة عن العين فأتمنى بصدق أن أسقط زهرة في طريقك ، ربما تستطيع أن تبعد عن راحتيك صقيع الغربة .. أو أن أمشي قربك هناك وأحدثك طويلا عن صور في البال .. وربما عن بلد ما شاهدناه ولا عرفناه ولا ولدنا فيه ، لكنه سكننا وسكناه.. ربما عن حيفا أو يافا أو عكا .. يا صديقة لا تخلعي نعلك في دروب الجراح ، بل رجائي أن تبقي هدى الوردة المشرقة المزدانة بعبير الأيام ونور الوالد الحبيب .. وتعرفين يا هدى أن من كانت ابنة نور الدين الخطيب حري بها أن تكون الأروع في النساء والأسعد .. هل أطلب منك الصعب يا حبيبتي ؟؟.. لا والله ، بل كل ما أريده أن تكوني الشمس التي تدفئ قلبي بأخبارها الجميلة دائما .. وثقي ياغالية أنك ستكونين دائما في البال ضحكة من روعة وجمال وفتنة وسعادة .. فلا تمسحي هذه الصورة بل لتكن زادك في كل زمن حتى تبقى هدى كما هي دائما ، هدى لنا جميعا ..
اسلمي
طلعت سقيرق
دمشق في 24/1/2006

[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس